اعتقد علماء المصريات والأثريون الأوائل، أن المصريين القدماء كانوا مهووسين بالموت. لكن الحقيقة أن المصريين القدماء كانوا مستغرقين في الحياة حتى الثمالة. وتظهر فنونهم حالة تقدير عظيمة لفكرة الحياة في الدنيا والآخرة. لذلك بالغوا في الاحتفاء برحلة الموت التي تبدأ فيها حياة أخرى دائمة، واخترعوا لها طقوساً جنائزيةً استرضاءً لآلهةٍ ظنُّوا أنها تملكُ مفاتيح تلك الحياة الرغيدة الأبدية.
قام المصريون بتزيين منازلهم وحدائقهم وقصورهم ومقابرهم بأعمال فنية رائعة، تعكس تقديرهم لكل ما أعطتهم الآلهة من مِنح وعطايا، وشكلوا هذه الصور بألوان نابضةٍ بالحياة. وكان قصرُ أمنحتب الثالث (1386-1353 قبل الميلاد) في صعيد مصر مرسوماً بألوان زاهية، فالجدران الخارجية باللون الأبيض والداخلية بالأزرق والأصفر والأخضر، وكذلك الجداريات وغيرها من الزخارف الملونة في كل مكان.
ولم يتم انتقاء تلك الألوان عشوائياً، بل كان لكل منها رمز محدد جداً عند المصريين. فقد اعتبروا اللون عنصراً لا ينفصل عن جميع أشكال التمثيل الفني، بما في ذلك مشاهد الجدران والتماثيل والسلع الموضوعة في المقبرة والمجوهرات. كما نظروا للألوان بأن لها صفات وقدرات سحرية، واعتقدوا بأنها جزء من مكونات الكائنات التي أضافوها إلى لوحاتهم.
كانت الآلهة في اللوحات ممثلة عادة بالجلد ذي اللون الذهبي، إذ اعتقدوا أن جلودَ الآلهة ليست كجلود البشر، بل هي من الذَّهب الخالص، باستثناء أوزوريس الذي كان غالباً ما يصورونه بالجلد الأخضر أو الأسود، رمزاً للخصوبة والتجدد وإعادة الحياة والعالم السفلي. أوزوريس الذي قُتل بيد أخيه ثم عاد للحياة عن طريق زوجته، ثم هبط إلى العالم السفلي ليحكم أرضَ الموتى. وكانت الألوان المستخدمة كلها تشرح قصته وتصورها، وكل لون يعكس موضوعاً مختلفًا من أحداث القصة.
للتفرقة بين الإنسان العادي وبين الآلهة؛ استخدم الفنانون لتصوير الرجل المصري اللون البني المائل للحمرة، وكان خلط اللونين الأحمر والبني يتم بدرجات مختلفة لتمثل الأوقات والعصور المختلفة، لكنها تبقى في النهاية رمزاً للأرض الطينية النيلية. كان اختيارُ اللون لإضفاء الواقعية على صور حياة المصريين وأنشطتهم الأساسية كالزراعة والرعي، وهو ما كان يبقيهم لفترات طويلة تحت لفح الشمس، فيكتسب جلدهم ذلك اللون البني. بينما كان اللون المعبر عن النساء هو اللون المزيج من الأصفر والأبيض، تعبيراً عن قضائهن معظم الوقت في المنازل بعيداً عن الشمس.
لم يكن اللون مقتصرًا على تمثيل واقع الحياة الدنيا أو الآخرة فقط، بل توضيح العوالم السماوية للآلهة، وقصصها وتاريخها. فلكل لون رمزية تنبع من المكونات الأساسية له ومن عناصره الموجودة في الطبيعة، فاكتسب الفنانون المصريون مهارة في مراقبة الوجود الطبيعي للألوان في محيطهم، واستخلصوا الأكاسيد والمواد المختلفة لتطوير تلك الألوان منذ عصور مبكرة.
كان اللون الأحمر المصنوع من الحديد المؤكسد والمغرة الحمراء، يُستخدم لخلق تناغم بين الجسد البشري والحياة، وأيضاً يرمز أحياناً للشر والدمار. بينما الأزرق كان من أكثر الألوان شعبية، وكان يصنع من النحاس وأكاسيد الحديد والسيليكا والكالسيوم، ويرمز إلى الخصوبة والولادة وإعادة الإحياء والبعث، بينما استخدم الأصفر المصنوع من الرصاص والأكاسيد عادة لتصوير الماء والسماوات.
ومنذ بداية عصر الدولة الحديثة، خلطوا الرصاص مع كبريتيد الزرنيخ واستخدموه للرمز إلى الشمس والخلود. أما الأخضر الذي استنبطوه من المالاكيت والنحاس، ويرمز إلى الخير والنمو والحياة، والآخرة والقيامة. وكانت حقول القصب الخضراء والملاعب دائماً رمزاً للحياة والمرح. ويبقى الأبيض المصنوع من الطباشير مخلوطا بالجبس، ويرمز للنقاء والقداسة والنظافة والوضوح.
اقــرأ أيضاً
قام المصريون بتزيين منازلهم وحدائقهم وقصورهم ومقابرهم بأعمال فنية رائعة، تعكس تقديرهم لكل ما أعطتهم الآلهة من مِنح وعطايا، وشكلوا هذه الصور بألوان نابضةٍ بالحياة. وكان قصرُ أمنحتب الثالث (1386-1353 قبل الميلاد) في صعيد مصر مرسوماً بألوان زاهية، فالجدران الخارجية باللون الأبيض والداخلية بالأزرق والأصفر والأخضر، وكذلك الجداريات وغيرها من الزخارف الملونة في كل مكان.
ولم يتم انتقاء تلك الألوان عشوائياً، بل كان لكل منها رمز محدد جداً عند المصريين. فقد اعتبروا اللون عنصراً لا ينفصل عن جميع أشكال التمثيل الفني، بما في ذلك مشاهد الجدران والتماثيل والسلع الموضوعة في المقبرة والمجوهرات. كما نظروا للألوان بأن لها صفات وقدرات سحرية، واعتقدوا بأنها جزء من مكونات الكائنات التي أضافوها إلى لوحاتهم.
كانت الآلهة في اللوحات ممثلة عادة بالجلد ذي اللون الذهبي، إذ اعتقدوا أن جلودَ الآلهة ليست كجلود البشر، بل هي من الذَّهب الخالص، باستثناء أوزوريس الذي كان غالباً ما يصورونه بالجلد الأخضر أو الأسود، رمزاً للخصوبة والتجدد وإعادة الحياة والعالم السفلي. أوزوريس الذي قُتل بيد أخيه ثم عاد للحياة عن طريق زوجته، ثم هبط إلى العالم السفلي ليحكم أرضَ الموتى. وكانت الألوان المستخدمة كلها تشرح قصته وتصورها، وكل لون يعكس موضوعاً مختلفًا من أحداث القصة.
للتفرقة بين الإنسان العادي وبين الآلهة؛ استخدم الفنانون لتصوير الرجل المصري اللون البني المائل للحمرة، وكان خلط اللونين الأحمر والبني يتم بدرجات مختلفة لتمثل الأوقات والعصور المختلفة، لكنها تبقى في النهاية رمزاً للأرض الطينية النيلية. كان اختيارُ اللون لإضفاء الواقعية على صور حياة المصريين وأنشطتهم الأساسية كالزراعة والرعي، وهو ما كان يبقيهم لفترات طويلة تحت لفح الشمس، فيكتسب جلدهم ذلك اللون البني. بينما كان اللون المعبر عن النساء هو اللون المزيج من الأصفر والأبيض، تعبيراً عن قضائهن معظم الوقت في المنازل بعيداً عن الشمس.
لم يكن اللون مقتصرًا على تمثيل واقع الحياة الدنيا أو الآخرة فقط، بل توضيح العوالم السماوية للآلهة، وقصصها وتاريخها. فلكل لون رمزية تنبع من المكونات الأساسية له ومن عناصره الموجودة في الطبيعة، فاكتسب الفنانون المصريون مهارة في مراقبة الوجود الطبيعي للألوان في محيطهم، واستخلصوا الأكاسيد والمواد المختلفة لتطوير تلك الألوان منذ عصور مبكرة.
كان اللون الأحمر المصنوع من الحديد المؤكسد والمغرة الحمراء، يُستخدم لخلق تناغم بين الجسد البشري والحياة، وأيضاً يرمز أحياناً للشر والدمار. بينما الأزرق كان من أكثر الألوان شعبية، وكان يصنع من النحاس وأكاسيد الحديد والسيليكا والكالسيوم، ويرمز إلى الخصوبة والولادة وإعادة الإحياء والبعث، بينما استخدم الأصفر المصنوع من الرصاص والأكاسيد عادة لتصوير الماء والسماوات.
ومنذ بداية عصر الدولة الحديثة، خلطوا الرصاص مع كبريتيد الزرنيخ واستخدموه للرمز إلى الشمس والخلود. أما الأخضر الذي استنبطوه من المالاكيت والنحاس، ويرمز إلى الخير والنمو والحياة، والآخرة والقيامة. وكانت حقول القصب الخضراء والملاعب دائماً رمزاً للحياة والمرح. ويبقى الأبيض المصنوع من الطباشير مخلوطا بالجبس، ويرمز للنقاء والقداسة والنظافة والوضوح.