مطربة الخليج: تنافس بين 4 مغنيات

15 يناير 2016
أنغام وقبلة لمحمد عبده (روتانا)
+ الخط -
ليست أنغام وحدها من أدَّى اللون الخليجي "الدسم"، على العكس تمامًا، في العقدين الأخيرين تنافست عدة أصوات عربية في السباق على الكعكة الخليجيَّة غنائيًا، وذلك مع قلة الفنانات اللاتي يحمِلْن الجنسيَّة الخليجية، ويؤدّين في الوقت نفسه الأغنية الخليجيَّة.

فظهرت، بداية، أسماء كثيرة من قلب الجزيرة الخليجية من الجيل الأوّل، الذي أرسى قواعد الأغنية في السعودية للجيل الثاني، ونقصد هنا المطربة السعودية، توحة، التي تعتبر من الأسماء المهمَّة في الجيل الأوَّل، إذْ كانت لها الأهمية في تدريب وتعزيز وجود عدد من نجوم الأغنية الخليجية اليوم، ومنهم الفنان محمد عبده والفنان عبادي الجوهر. ثم جاءت عتاب التي كانت أشهر فناني الجيل الأوَّل، إذْ تفرَّغت فعليّاً للفن عام 1972، وشكَّلت مع الفنان حيدر فكري ثنائيَّاً مميَّزاً، في الجلسات الفنية داخل السعودية ودول الخليج العربي. ثم انطلقت شهرتها بشكل أكبر في العالم العربي، عندما قدمها العندليب عبدالحليم حافظ في إحدى حفلاته في مصر بداية السبعينات، ما فتح الباب عربيًا أمام هذا الصوت القادم من بوابة المملكة. لكن، عتاب اختارت بعد ذلك الإقامة في القاهرة عام 1980، وبدأت فيها نشاطها الفني عام 1985، حيث أطلقت أغنية "جاني الأسمر"، من ألحان الفنان فوزي محسون.

ووفق التصنيفات، اعتبرت عتاب أول فنانة سعودية تشتهر بالغناء الاستعراضي، أي الرقص، على المسارح خارج المملكة، الأمر الذي دفع الملك خالد بن عبد العزيز لإبعادها عن البلاد، فاختارت مصر التي أمدَّتها بجرعة الحرية، وتبنّت موهبتها وصوتها، وشكَّلت لها انطلاقة ثانية بعد زواجها من رجل مصري كان يعمل في السعودية، وانتقل معها للعيش في القاهرة.

في مصر، تعاونت عتاب مع الملحّن محمد الموجي في أغنية "فك القيود"، وأيضاً، مع ملحنين مصريين آخرين. وقال عنها النقاد، بأنَّها فرضت اللهجة السعودية بأغانيها في مصر، وحققت شهرة عربيَّة، وفتحت المجال لظهور أصوات نسائيّة خليجية أخرى، بعد إصدارها مجموعة من الأغنيات المصورة تحت عنوان "عتاب شو". ذلك كله، فتح الباب أمام عدة مواهب، كانت في تلك الفترة في مرحلتي الطفولة والمراهقة، ومنها: أحلام الشامسي، ونوال الكويتية. إذْ هجرت نوال العراق واستقرَّت في الكويت في ثمانينيات القرن الماضي، واعُتبِرَ صوتها مفاجأة سعيدة بالنسبة للكويتيين، الذين تبنوّا، آنذاك، أكثر من غيرهم من دول الخليجي الانفتاح الإعلامي والثقافي على معظم الفنون.

في مرحلةِ التسعينيات، ومع اتّساع وسائل الاتّصال وتطوّر الإعلام، نشأت عدة محطَّات فضائيَّة تلفزيونيَّة، وشركات إنتاج غنائيَّة انطلقت من الكويت ودبي، ومنها شركة “الخيول"، التي كانت في البداية شراكة سعودية كويتية، ثم بيعت إلى روتانا مع فرض سيطرة "روتانا" على العالم العربي، وذلك بتخطيط مُبرمج من مالكها الأمير الوليد بن طلال، ورغبته في المساهمة وشراء كل شركات الإنتاج الغنائي العربي.

إقرأ أيضاً: جلسة طرب خليجية في قطر احتفاءً بعبد الرب إدريس

ظهرت في تلك المرحلة أسماء كثيرة من المطربات اللاتي خرجن مع "الطفرة الإعلامية“، إنّ صح القول. فكان، بالطبع، لأحلام ونوال الكويتية حصة الأسد من هذه الطفرة، كونهما أسهما من قبل في تعزيز ونشأة الأغنية الخليجية الجديدة. وظهرت أحلام في منتصف التسعينيات، لتبدأ مرحلة جديدة من الانتشار، وكذلك الأمر بالنسبة للعراقية نوال، التي مُنِحتَ الجنسية الكويتية بعد عقود عدة قضتها كمقيمة في الكويت. وتزامن كل ذلك أيضاً، مع هجرة بعض الأصوات المغاربية إلى الخليج، فكان صوت الفنانة المغربية رجاء بلمليح واحداً من أفضل الأصوات التي غزت الساحة الخليجية، وقدمت أهم القصائد. ثم جاء دور الفنانة الراحلة ذكرى، والتي أشعلت التنافس بين فنانات الخليج.


وحلَّت أسماء جديدة أخرى، قيل يومها إنَّها لمنافسة أحلام ونوال، ونذكر منها، رويدة المحروقي من الإمارات، ومرام من الكويت، ووعد من السعودية، وفاطمة الزهراء من الإمارات. لكن، لم تحقِّق هذه الأسماء حضوراً قوياً، وتراوح نجاحهنّ على فرص ضيقة مُنحَت لهنَّ، أو فضَّلن هنَّ الدور المهمّش ضمن المحيط الخليجي. بينما جالت نوال وأحلام على الدول الأخرى، فقطفت نوال ألحاناً من القاهرة، ولعبت على الوتر المصري في أغنية "وبيحسدوني عليه"، من ألحان الملحن الراحل رياض الهمشري، وكذلك في تعاونها مع الفنان اللبناني المعتزل فضل شاكر في ديو "أحاول"، الذي عرّف الجمهور والإعلام اللبناني بها، فزاد ذلك من قيمتها الفنية. بينما فضَّلت أحلام بمباركةٍ من المخرج سيمون أسمر، الإقامة شبه الدائمة في بيروت، والتي كرَّسَت حضورها المعنوي بداية عبر الإعلام والصحافة اللبنانية، حتى طغت شهرتها على مغنّيات من لبنان، خصوصاً في السنوات الأخيرة بعد دخولها عالم برامج الهواة.


أصالة، في المقابل، لم تغب خليجياً، فهي دخلت أيضاً بداية القرن الجديد في الدائرة الخاصَّة للغناء الخليجي، وتسلَّحت بألحان من السعودي عبادي الجوهر، وأشعار الأمير عبد الرحمن بن مساعد. فظلت في ذلك الوقت منافسة شرسة مع زميلتها الراحلة ذكرى للأصوات النسائية الخليجيَّة. وكان لأنغام أيضاً، رحلة خاصة في عالم الغناء الخليجي، إذْ لم تقتنع بداية صاحبة "سكة سفر"، بالخط البياني للغناء الخليجي الصعب، فخافت من عدم تمكنّها من أداء اللهجة بإتقان كأهل الخليج، لكنها قاومت وانتصرت أخيراً في ألبومين غنائيين، تمكنت من خلالهما من حجز مكان لها على الخريطة.


هكذا، تصدَّرت أنغام مهرجانات التسوق في دبي، واختيرت للوقوف في إحدى الليالي مع فنان الخليج محمد عبده، بدعم من "روتانا"، لتقدِّم أغنياتها المصريَّة والخليجيَّة. ولتتمكَّن أنغام بذلك من ربح جولة في تلك المنطقة، أمام "الأب الروحي" للأغنية الخليجية، أي محمد عبده. وطبعت قبلة على رأسه جعلتها دون شك تتقدم مرة أخرى في الملعب، وتربح جولة أخرى من المنافسة على لقب "مطربة الخليج"، في الوقت الذي غابت فيه أحلام.

إقرأ أيضاً: ماجد المهندس.. خَلْع رداء الأغنية العراقية
المساهمون