دراما تركية عربية مشتركة... آخر فصول "الوله التركي"!

05 سبتمبر 2014
تهافت دراميّ بالوله التركي حتى "تحت الأرض" (العربي الجديد)
+ الخط -
لن ينتهي مسلسل الافتتان الشعبي والفني بمسلسلات الدراما التركية، المدبلجة إلى اللهجة الشامية، وقد أخذ يتحوَّل إلى ما يشبه المرض الساري، الذي ما إن ينال من جزء من الجسد حتى يحتل جزءاً ثانياً وثالثاً، وصولاً إلى احتلاله ثنايا الجسد الفني العربي كلّه.
آخر فصول الوله التركي هذا، كان إعلان شركة "جلوبل جلف ميديا" الكويتية عن نيّتها دخول شراكة مع إحدى شركات الإنتاج التركية لإنتاج مسلسل تركي- كويتي مشترك، تحت عنوان "أغنية حب" مؤلف من 30 حلقة تلفزيونية، تدور أحداثه حول قصة حب تجمع مطربة تركية مع شاب خليجي، قبل أن يواجه هذا الأخير عقبة رفض عائلته زواجه منها.
يتولى طاقم تركي كتابة المسلسل وإخراجه، فيما تُرِك تجسيد شخصياته إلى ممثلين أتراك وخليجيين، من بينهم مريم حسين ومحمود بوشهري وعبد المحسن النمر. إن حضور الممثلين الأتراك على الشاشات العربية، خارج مسلسلاتهم المدبلجة، لن يكون الأول في "أغنية حب"، فقد سبقه في موسم رمضان 2013 حالة استقطاب لعدد من نجوم المسلسلات التركية من أجل المشاركة في أعمال عربية، بلغت، بحسب المعلن إعلامياً وقتها، أربعة أعمال، إلا أن البورصة الإعلامية انتهت عند العرض الرمضاني على مسلسل واحد، حيث شاركت الفنانة التركية "سونجول أودان الشهيرة باسم "نور" في مسلسل المخرج حاتم علي، "تحت الأرض"، وأدت مشاهدها باللغة التركية الأمّ. سبق للمخرج السوري، سيف الدين سبيعي، أن افتتح "بازار" الاستعانة الدرامية بممثلين أتراك في الموسم الرمضاني 2010، حين استقطب في مسلسله "أهل الراية 2"  ثلاثة ممثلين أتراك هم: كنان أشك، أزجي سومر، وآرام آيدن، لتقديم شخصيات لها علاقة بالخط الدرامي الخاص ببطل العمل رضا "قصي خولي" في مرحلة "الأخد عسكر" من حكايته، مع العلم بأن الظهور التركي الأول عربياً كان من نافذة الغناء، حيث شارك الممثل التركي، كيفانش تاتليتوغ، المعروف باسم "مهنَّد"، المغنية اللبنانية، رولا سعد، تصوير كليب أغنيتها الجديدة،  "نوياها لو"، وأطل التركيّ، المعروف باسم "أسمر"، مع نجمة سوبر ستار الأردنية، ديانا كرزون، في كليب ثانٍ، فيما سارع نجم سوبر ستار السوري، شادي أسود، إلى استغلال رواج موسيقى المسلسل التركي "سنوات الضياع"، ليضع على اللحن كلمات أغنيته "بدفع عمري".
حالة الاستعانة بالنجوم الأتراك في الدراما العربية والغناء، رافقها، ولا يزال، ظهور مسلسلات عربية، مأخوذة بالهوى التركي. هوى سنتلمّس سطوته على عقول مؤلفي الدراما العربية وصنّاعها عبر سلسلة من الأعمال الدرامية، تحاكي تجربة الدراما التركية، بدأت مع مسلسلات "مطلوب رجال" و"روبي" و"المنتقم"..، وكان آخرها مسلسلات "تحالف الصبار" و"الأخوة" و"سرايا عابدين"، ولن تنتهي عندها بطبيعة الحال. جميع تلك الأعمال انطوت على قصص غريبة عن مجتمعاتنا، مغلفة بقشرة محلية تؤدي شخصياتها توليفة من نجوم التمثيل العرب.
سطوة المسلسل التركي ستجعل منه "الفرنجي البرنجي" كما يقول المثل الشعبي، فنسمع- على سبيل المثال- صنّاع المسلسل الكويتي "محال"، رمضان 2013، يروجون لمسلسلهم بالقول: "إنه سيضاهي الدراما التركية على مستوى القصة، ومواقع التصوير وأسلوب الإخراج السينمائي" على حدّ تعبيرهم، رغم أن قراءة هادئة وتحليلية لما قدم لنا تركيّاً يكشف أن لا ريادة بالصورة ولا بالأداء في المسلسل التركي عمّا قدمه السوريون من قبل في مسلسلاتهم،  من ناحية تقاطع البيئات وأسلوب الإخراج، وتتبع الأحداث وتصويرها في أماكنها الطبيعية، ولا ريادة كذلك للحكاية الدرامية التركية، باستثناء حالات الحمل من دون زواج، عمّا قدمه المصريون في مسلسلاتهم من حبكة شعبية في الحدوتة، أو ما قدمه اللبنانيون في مسلسلاتهم من حكايات حبّ وعلاقات اجتماعية مثقلة بالمحظور، كتلك التي أنجزها مؤلفّون، منهم شكري أنيس فاخوري وكلوديا مارشيليان...
حتى الساعة، فإن ما يتسرب من خطط إنتاجية درامية عربية للموسم المقبل لا يعد بأن حالة الافتتان الفني بالدراما التركية ستنحسر قريباً، وإن كنا قد تجاوزنا منذ زمن البحث عن إجابات عن سرّ هذا الافتتان..، فلعله من المجدي والملحّ اليوم أن نسأل ما الذي يبقى كي يشبهنا في دراما مأخوذة بهذا الهوى، نتهافت على إنتاجها يوماًعقب يوم؟ّ!
 
 
المساهمون