فاروق الفيشاوي... سيرة اعترافات نجم

26 يوليو 2019
قال عن حفيدته لينا: هي معنى جديد لحياتي (Talpa)
+ الخط -
لا نبالغ إذا قلنا إن عصر السينما المصرية ونجومها يشارف على الانتهاء أو الضياع، في ظل الأوضاع المأساوية التي تعيشها مصر والدول العربية، على الأصعدة كافة؛ إذ لم تفلح خلال السنوات الأخيرة محاولات الراحل فاروق الفيشاوي و"رفاقه" في استعادة الأضواء وتحقيق النجاحات. والسؤال يطرح نفسه تلقائياً: لماذا تراجع عهد "نجم السينما"؟ والاحتمالات المطروحة للإجابة لا نهائية؛ هل السبب هو الاستخفاف بالنصوص والإنتاج السينمائي؟ هل لعبت الرقابة دورها؟ أم أن تراجع السينما "الهادفة" الذي ساهم فيها نجوم من طينة الراحلين محمود عبد العزيز ونور الشريف أخذت معها هذه النجومية أيضاً؟ تحفظ الذاكرة صوراً لفاروق الفيشاوي ضمن مجموعة من الأدوار المقنعة، منذ مشاركته الفنان الراحل عبد المنعم مدبولي في مسلسل "أبنائي الأعزاء شكراً" عام 1979 إلى جانب رفيقيه صلاح السعدني ويحيى الفخراني، ومنها خرج بطلاً إلى الأعمال السينمائية التي وضعته على سكة الممثل المطلوب لفرادة أدائه. في أول أفلامه مع سعاد حسني، تخطى الفيشاوي امتحان السينما، ليصبح واحداً من أكثر الممثلين طلبًا، وبالتالي نجم شباك تسارع المجلات الفنية وقتها إلى نشر صوره، وملاحقة أخباره الخاصة كادت تنافس أدواره الفنية؛ زواجه من شريكة حياته سمية الألفي، ثم طلاقه وارتباطه بالفنانة سهير رمزي ولاحقاً بسيدة تدعى نورهان، كلها تحولت إلى مادة دسمة لدى جمهور وقراء المجلات الفنية، وشغلت بال المتابعين الذين لاحقوا الممثل في عز تألقه وخطفه للنجاح بطريقة كرست وقتها الاختلاف أو الرؤية التي وجدها الفيشاوي وعاش أسيرها إلى وفاته فجر أمس الخميس.
وجهةٌ لم تفقده موهبته مع الوقت، بل تحولت إلى "أسلوب حياة" أمام اعترافات بالجملة جاءت متتالية، ومن دون محاكمات، وبينت وجهًا لا يقل صدقًا عن موهبته في تقمص الدور أو الشخصية كبطل. تماس آخر قد نختلف معه، لكنه لا يفقد بطل "دموع صاحبة الجلالة" البريق، بل زاد في إقناعنا بأن الفيشاوي وحكاياته الحميمة و"أساليبه" في التحايل كانت بوجه واحد لا وجهين، من دون أي أقنعة. ولعل اكثرها صدقًا اعترافه بالخيانة الزوجية، وتعاطيه المخدرات، وقبل أقل من عام سخريته من خبر إصابته بالسرطان واعتباره "صداعاً" سيقوى على قهره. لم تشهد حياة الفيشاوي انقلابات عائلية "درامية"؛ إذ حافظ على علاقة ودية مع أم أولاده الفنانة سمية الألفي، ووقف إلى جانبها زوجًا وصديقاً، بشهادة الألفي نفسها، خصوصاً بعد الوعكة الصحية التي اضطرتها للسفر إلى خارج القاهرة، ورافقها فيها. وأوحى دائمًا بأنه صديق وليس "أبا" بمعنى "الواعظ" أو المُتشدد، في طريقة تعاطيه مع ابنه أحمد وعبثيته. إذ تقرب من حفيدته لينا، وهي الطفلة التي رفض نجله الاعتراف بزواجه العرفي من والدتها هند الحناوي في قضية عمرها 17 عامًا. وقال عنها مراراً "لقد اكتشفت حبًا من نوع خاص لم أقابله من قبل سوى مع حفيدتي لينا، وعرفت معها طعما جديدا ومعنى جديدا لحياتي التي أعيشها من أجلها". هكذا يرحل فاروق الفيشاوي، مختتمًا رحلة فنية أكثر شفافية في تاريخ السينما المصرية، لاحقاً برفاق الدرب من نجوم مصر، وتاركاً إيانا وسط مستقبل فني مجهول لا يزال فيه البحث عن "النجم"، بالمعنى الذي ألفناه، مستمراً.
دلالات
المساهمون