أزياء المرأة السودانية... الجمال والعُرف والقانون

31 أكتوبر 2018
عقلية المُشرع حاولت فرض زي المرأة السودانية (كريستوف كريزير/Getty)
+ الخط -
في السودان، ثمة سجال مستمر حول المفاهيم الخاصة بالجمال والحشمة والحرية والشخصية والأعراف والتقاليد وغيرها. تثير ذلك السجال الحوادث المرتبطة بلباس المرأة، ولا سيما بعد تطبيق الحكومة السودانية الحالية، منذ تسعينيات القرن الماضي، قانوناً خاصاً بالمظهر العام، بموجبه تم توقيف آلاف السيدات وتقديم بعضهن لمحاكمات، العقوبة فيها تصل حد الجلد أو اكتفاء بعض القضاة بالغرامة.
آخر القضايا الراهنة، هي توقيف المطربة الشابة، منى مجدي سليم، بتهمة ارتداء زي فاضح، خلال حفل عام انتشرت صوره على وسائل التواصل الاجتماعي، وسبقتها قبل أشهر قصة الناشطة، ويني عمر. أما القضية الأبرز والأشهر على الإطلاق، فقد ارتبطت بالصحافية لبنى أحمد حسين، التي سُجنت لأيام لرفضها دفع غرامة عند إدانتها بارتداء بنطال.

وجدت المطربة منى مجدي سليم تضامناً واسعاً من الناشطين ورواد منصات التواصل الاجتماعي بحجة حقها المطلق في أن ترتدي ما تشاء ولا ينبغي لقانون فرض لباس معين عليها، غير أنه كان لافتاً ذهاب آخرين للاعتراض على مسلكها، ليس من منطلق قانوني أو حقوقي، بل لمنطلقات اجتماعية بحتة، باعتبار أن ما قامت به يتنافى مع الأعراف والتقاليد المجتمعية في السودان، وهذا ما رد السجال إلى زوايا أخرى بعيدة عن قانون النظام العام المثير للجدل. من تلك الزوايا، الأزياء التقليدية في السودان وما يمكن أن تحققه من معدلات خاصة بالجمال والحشمة والقانون.
تقول الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة في السودان، أمل هباني لـ"العربي الجديد" إن الأزياء التقليدية الخاصة بالمرأة السودانية متنوعة ومختلفة من الثوب المنتشر في الوسط والغرب والشمال والجرجار عند قبيلة الحلفاوين، إلى اللاوة في بعض مناطق النيل الأزرق وجنوب كردفان، إضافة إلى الفوطة أو الفردة في شرق البلاد، مشيرة إلى أن كل تلك الأصناف التقليدية تظهر المرأة بمظهر المحافظة على قيم مجتمعها، وعلى الجمال والحشمة حسب قيم كل مجتمع.
وتضيف هباني: في معظم المجتمعات السودانية لم تكن الحشمة تعني الحجاب ولا الزي الإسلامي ولم تهتم تلك المجتمعات بأن يكون لباس المرأة مغطياً لجسدها، منوهة إلى أن الزي التقليدي نفسه متغير وليس ثابتاً، وحتى الثوب السوداني نفسه حصل له تغيير وتطور كبيران في شكله وطريقة ارتدائه. ومع عصرنة الحياة لم يعد مناسباً للمرأة العصرية العاملة، سريعة الإيقاع، وأصبحت ترتديه في المناسبات فقط باعتباره غير عملي، خاصة للأجيال الجديدة.
وأوضحت هباني، أن عقلية المُشرع السوداني حاولت فرض زي معين على المرأة السودانية باستبدال الثوب بالعباءة الخليجية ودعم ذلك التوجه والترويج له عبر الاتحاد العام للمرأة، مع العمل على فرضه في عدد من الجامعات والمرافق الحكومية، مشيرة إلى أن مزاج المجتمع الوسطي والتنوع والاختلاف في المجتمع السوداني، هزم التوجه.
من جهته، يرى الصحافي، عوض صديق، إن السودانيين عامة لا يؤيدون التبرج في الطريق العام، لكن في مناسبات معينة يبيح المجتمع للنساء بعض الحرية في ارتداء بعض الأزياء: "أما التبرّج الذي يخدش الحياء العام فهو من الأشياء المنبوذة في حياتهم".

ويضيف صديق لـ "العربي الجديد" أنه وعبر السنوات دلّ الثوب الذي ترتديه السودانيات، ويعلو ملابس أخرى، على الستر، مع ملاحظة أنه في كثير من القبائل والمناطق، لا يكتفي الثوب السوداني بتغطية بعض الجسد فقط، بل الوجه أيضاً، في عادة عُرفت بـ "التبلم"، مشيراً إلى أنه وبقدر ما ظل الثوب مقياساً للستر، أصبح كذلك أحد العلامات المميزة والبارزة في قواميس الثقافات السودانية بكل تنوعها واختلافها، عازياً ترك المرأة السودانية للثوب السوداني بخروجها للعمل، ما فرض نوعاً من الملابس كالعباءة والبنطال، بينما ظل الثوب رفيق المناسبات والتجمعات الأخرى.
المساهمون