مايك ماسي لـ"العربي الجديد": لا أقدّم أغاني نخبوية

10 ديسمبر 2016
شارك في حملة "الأبيض ما بيغطي الاغتصاب” (فيسبوك)
+ الخط -
يحضر الفنان اللبناني، مايك ماسي، لحفل ختام حملة "الأبيض ما بيغطي الاغتصاب"، والتي امتدت على مدار ستة عشر يوماً في لبنان، وتضمنت العديد من الفعاليَّات والعروض الفنيَّة، والتي تهدف لتعديل المادة 522 من القانون اللبناني الذي يُبِّرئ المعتدي أو المغتصب، في حال تزوَّج من ضحيته. 
وفي لقاء خاص لـ"العربي الجديد" مع الفنان، كان الحوار التالي:

 ما هو سبب مشاركتك بحملة "الأبيض ما بيغطي الاغتصاب"؟ وكيف ساهمت أغنيتك "كرمالي" بإغناء الحملة؟

عندما دعيت من قبل منظمة "أبعاد" للمشاركة بحملة "الأبيض ما بيغطي الاغتصاب"، لم أتردد للحظة واحدة، ولم أفكر كيف ممكن أن أحمي صورتي كفنان من خوض هذه المعركة التي تطالب بإلغاء المادة 522 من قانون العقوبات اللبنانية، وهي المادة التي تحمي المغتصب، وتعفيه عن جريمته في حال تزوج من الضحية. طبعاً، لم أتردد للحظة، فأنا إنسان عندي أخوات بنات وعندي أم، وهذه المادَّة برأيي جريمة بحق الضحيَّة التي تعرَّضت للتهميش والتعذيب، وعاشت كل هذا الوجع والمعاناة جراء الاغتصاب، فالمجتمع يمارس العنف على ضحايا الاغتصاب، عندما يجبر الضحية على الزواج من المغتصب أو المُعنِّف. ولإيماني بأهداف الحملة التي تقومُ بها مُنظَّمة "أبعاد"، والتي أشكُرها عليها، قبلت بالمساهمة من خلال أغنية "كرمالي"، وهي تتويجٌ لتجربتي التي شاركت فيها مع 110 سيدات بالعديد من ورشات العمل، واستمعت بالورشة إلى النساء، وحاولت أن أوصل أصواتهن، فقمنا بكتابة الأغنية معاً. كما استطعت أن أكوَّن شعوري من خلال تعابيرهم، ومن الجمل التي يلفظونها. هذه الكلمات جُمِعَت بقالب فني، وتحولت إلى أغنية، وسميتها "كرمالي"، لأنه كان في ورشات العمل تمرين سميناه "كرمالي"، ومنه ولدت فكرة الأغنية. ولأننا اتفقنا بأن الفنان اليوم صوته مسموع، ولأن الأغنية تصل لقلوب الناس بشكل أسرع، تأمّلنا بأن تتمكَّن الأغنية من لفت النظر لقضية كل امرأة، وخاصةً قضية العنف.




ماذا عن ورشة Meet your voice؟ وكيف أثرت بك هذه التجربة؟ وكيف تشرح لنا أهمية خوض الإنسان تجربة البحث عن صوته؟

اتصلت بي السيدة، غيدا عناني، من منظمة "أبعاد"، وعرضت علي أن ننقل فكرة مشروع voice matters workshop إلى السيدات اللواتي تعرضن للعنف بكل أنحاء لبنان، وهن مجموعة من السيدات اللبنانيات والسوريات والعاملات الأجنبيات وحتى الأجنبيات المتواجدات في لبنان، واللواتي تعرضن للعنف، ويبلغ عددهن 110 سيدات، توزعوا بإحدى عشرة مجموعة، وأجرينا لهن ورشات باسم Meet your voice. رحبت بالفكرة بالطبع، ومن هنا بدأنا المشوار. وعندما التقيت بالسيدات، أحسست بأنهن بحاجة لوسائل تعبير يفرغْن من خلالها طاقتهن، ويعبرن عن أوجاعهن. وبذات الوقت كنَّ يرغبن بمساحة آمنة بالنسبة لهنّ، حتى يستعدن صورة الأنا بشكل غير مُشوّه، بشكلها الحقيقي، كي تعود ثقتهن بأنفسهن. وطبعاً، هذه التجربة أثَّرت بي، فهؤلاء السيدات علمنني البطولة والكرامة وعلمنني كيف يمكن للإنسان أن يتخطى كل الصعوبات التي تواجهه. فهؤلاء السيدات كانت لهن القدرة على مواجهة واقعهن، وطرقن أبواب المنظمات، وتحدثن عن أزماتهن بكل جرأة.
وأعتقد أن أهمية تجربة voice matters لكل شخص يبحث عن صوته، لأن الصوت اليوم هو مرآة الداخل، وأحياناً نتصل بصديق أو صديقة، فنسمع صوته، ونشعر بوجود شيء ما، فنسأله: أنت زعلان؟ وقد يقول لنا: "لا"، ولكن لا نصدقه، لأن الصوت لا يكذب، ولذلك ندرك بأن الصوت هو مرآة للذات. ومن خلال ورشات العمل التي أقمناها مع السيدات، أو حتى ورشات العمل العادية التي أقمتها مع مشتركي workshop voice matters، كانت الغريزة دائماً، خلال الألعاب والتمارين الصوتية التي نقوم بها توصلنا للحظات نتفاجأ فيها أن كل هذه الأشياء قمنا بها من دون إرادتنا، وجعلتنا ندرك بطريقة أسرع، ونكتشف أهمية الصوت، فالصوت له تأثير على المشاعر، والمشاعر لها تأثير على الصوت، ورحلة البحث عن الصوت تشبه أي رحلة بالتعبير الجسدي أو بالتعبير النفسي، ولا تقل أهمية عنها.


.


 لاحظنا ببعض أغانيك الاتجاه نحو الأغنية الشعبية، كما فعلت بأغنية العرس، هل تفكر بتقديم أغان أكثر شعبية؟


أنا لا أعتبر الأغاني التي أقدمها أغاني نخبوية بالأصل، ولكن قد يعتبر البعض أن بعض أعمالي نخبوية، ولا سيما التي اخترتها بألبومي "نسيج"، لأني كنت أغني شعراً صوفيّاً. ولكن أنا أعتبر أن مجمل أعمالي التي أختارها هي أغان تصلح لأن تكون شعبية، ليس بالمعنى التجاري السائد، ولكنها طبعاً أغان شعبية. من الممكن أن تُحفَظ بسرعة، وتُردَّد بسرعة. فاختلافي عن السائد حالياً لا ينفي عن أعمالي الصفة الشعبية. وليس كل ما هو شعبي هابط بالضرورة. ففي "الزمن الجميل"، قدم الأخوان الرحباني والسيدة فيروز، الكثير من الأغاني الراقية، والتي تتصف بالشعبية، ولا تزال الأجيال ترددها، ووفقاً لهذا المقياس، أنا أعتبر أن الأغاني التي أقدمها ليست نخبوية، بل على العكس، معظمها شعبية، وأتمنى أن أسمع الناس ترددها وتحبها، وأعتقد أن هذا هو حلم كل فنان.
وفي النهاية، أشكر فريق "العربي الجديد"، وأتمنى أن نوجه صوتنا لمساندة الحملة، التي شاركت بها بأغنية "كرمالي"، وأشكركم على مواكبة القضايا الإنسانية، وأدعوكم لمساندتها دائماً.



المساهمون