القطاع المصرفي في تونس "دينامو" النجاح

25 فبراير 2015
نمو المصارف التونسية (فرانس برس)
+ الخط -
لا يقتصر دور المصارف في تمويل الاقتصاد، بل تتحول هذه المؤسسات إلى أداة لتعديل الاقتصاد، إذ تتكفّل بالمشاريع الإستراتيجية على غرار السياحة والزراعة وصولاً إلى المؤسسات الكبرى. 

محرك الاقتصاد
هذا "الدينامو" الماليّ يمضي قدماً في لعب دوره الأساسي من حيث تمويل الاستثمارات والمشاريع التنمويّة ودعم المؤسّسات العامة والخاصّة، وهو ما جعله يتصدّر سلّم اهتمامات الحكومات المتعاقبة التي طرحت مشاريع عديدة لمزيد من تطوير القطاع المصرفي ومعالجة الإشكاليات التي يشكو منها.
يقول الخبير المصرفي والمالي، أنيس عاشور، إنّ الجهاز المصرفي التونسي يتكوّن من البنك المركزي التونسي و21 مؤسسة إقراض لها صفة مصرف، ومصرفي أعمال و7 مصارف غير مقيمة و11 مكتب تمثيل لمصارف أجنبية. وقد استطاعت هذه المؤسّسات المصرفية أن تنشأ حتّى العام 2013، ما يقارب ألف فرع مصرفي في جميع المحافظات والمدن التونسيّة.
ويضيف: أنّ "الدولة التونسيّة ما تزال فاعلة في القطاع المصرفيّ عبر 3 مصارف حكوميّة، وهي "الشركة التونسية للبنك" (مصرف تجاري تونسي) و"البنك الوطني الفلاحي" و"بنك الإسكان"، عصب القطاع المصرفيّ في تونس.
وتعود أهميّتها إلى كون هذه المؤسسات تمثل 40% من حجم تداولات الاقتصاد التونسي، وتشارك الأصول المصرفية بنسبة 23 % من قيمة التمويل الإجمالي للاقتصاد، بما أن التمويل يتم أما عبر الإمدادات المصرفية أو المالية التي تطرحها البورصة".
ويضيف: "توظف المصارف الحكومية حالياً ما يقارب 29 ألف موظف، تساهم بنسبة 3 %من الناتج الداخلي، وتقوم هذه المصارف بتمويل جميع القطاعات تقريباً، أي الزراعة والصناعة والسياحة، وهو ما يجعلها تكتسب أهميّة كبرى على صعيد القروض التي تتمتّع بها تلك المؤسّسات في مختلف القطاعات والتي بلغت حتّى شهر مارس/آذار من العام 2014 ما يناهز 7 مليارات دولار، استحوذ القطاع السياحيّ ما نسبته 23 % من قيمة القروض فيما استحوذ القطاع الصناعيّ على 30 %".

المصارف الخاصة...حصة الأسد
أمّا بالنسبة للقطاع المصرفيّ الخاصّ يقول الخبير عاشور: "يستحوذ القطاع الخاص على حصة الأسد بوجود 17 مصرفاً خاصاً. حيث سمحت الدولة بفتح مجال الاستثمار في القطاع المصرفيّ أمام رؤوس الأموال الأجنبيّة والمحليّة منذ ستّينيات القرن الماضي وهو ما أدّى إلى انتعاش هذا القطاع وتطوّره على الصعيد النوعيّ والكميّ".
ويتابع: "تموّل هذه المصارف بدورها جميع القطاعات تقريباً، وهو ما يجعلها تكتسب أهميّة كبرى على صعيد القروض التي تتمتّع بها تلك المؤسّسات في مختلف القطاعات، بالإضافة إلى تمويلها القروض الاستهلاكيّة والفرديّة التي تحوّلت إلى خدمة لا غنى عنها بالنسبة للمواطنين التونسيّين في ظلّ تنامي الأعباء المعيشيّة".
ويقول عاشور: "تتميّز هذه المصارف بتنوع اختصاصاتها وطبيعة خدماتها، بين مصارف تجاريّة وأخرى إسلاميّة خصوصاً بعد سقوط النظام السابق الذي كان يستنزف هذا القطاع عبر إجباره لإسناد قروض دون ضمانات للحاشية المقرّبة منه وهو ما كبّد القطاع المصرفي خسائر تناهز مليار دولار". ويؤكد أن "الفرصة الآن باتت مواتية أمام هذه المؤسّسات لتحقّق نموّا وتطوّراً خاصة بعد التصنيف الأخير لمعهد "أفريكان إيكونومي" الذّي وضع ثمانية من المصارف التونسيّة الخاصّة على رأس أحسن 100 مصرف في أفريقيا لسنة 2013".

تحديات وعقبات
تكبد القطاع المصرفي بعد الثورة خسائر جراء تراكم الأزمات السياسية والاقتصادية، حيث يقول الخبير الاقتصادي محمد ياسين السوسي إن الخسائر جراء ارتدادات الازمات كلفت القطاع المصرفي خسائر وعجزاً ناهز 1.3 مليار دولار كما جاء في تصريح رئيس الحكومة الانتقاليّة السابق مهدي جمعة.
ويؤكد أن هذه الوضعيّة لم تستمرّ كثيراً حيث عمل المصرف المركزيّ على اتخاذ الإجراءات الضروريّة لوقف تدهور القطاع عبر الترفيع في نسبة الفائدة الرئيسيّة، وتحديد القروض الاستهلاكيّة وضخّ مزيد من السيولة في حسابات المصارف المتعسّرة بقيمة إجماليّة بلغت 500 مليون دولار في العام 2013.
وهو ما اتضّح جليّا في بيانات المصرف المركزيّ التونسيّ للعام 2014 والذي أبرز نجاح القطاع المصرفيّ في تجاوز الأزمة، حيث إنّ الأرباح الصافية سجلت ارتفاعاً بنسبة 20 % مقارنة بعام 2011 لتبلغ قيمتها 280 مليون دولار، من جهة أخرى، ساهمت الجهود الرامية إلى تقليص الديون المصنفة، حيث نجحت في تقليص الديون بحسب أرقام صندوق النقد الدولي من 15.5% في العام 2011 إلى 12% في العام 2013 وهي نسبة تختلف من مصرف إلى آخر.
ويضيف:" أمّا على الصعيد النوعي فقد استطاعت الثورة أن تفتح المجال أمام المصارف الإسلامية التي استطاعت أن تفتكّ نصيباً جيّداً في السوق التونسيّة، حيث يوجد في تونس حاليا مصرفان إسلاميان خالصان، هما مصرف "الزيتونة" و"الذراع التونسية لمجموعة البركة المصرفية البحرينية".
وتمثّل الصيرفة الإسلاميّة حاليّا ما نسبته 2.5% من إجمالي القطاع المصرفي التونسي؛ وهي تعتبر نسبة جيدة ومقبولة نظراً للفترة الوجيزة التي أطلقت فيها هذه التجربة، والتي ما زالت تعد بالكثير في المستقبل القريب.

إقرأ أيضاً:الإعلانات في الأردن تلحق نمو الاستثمارات
المساهمون