حرب "الحشد الشعبي" والبشمركة على طوزخورماتو... لربط إيران بسورية

25 ابريل 2016
يسعى العبادي للسيطرة على الاشتباكات (الأناضول)
+ الخط -
سقط نحو 20 قتيلاً وعشرات الجرحى خلال ساعات قليلة من المواجهات المسلحة بين أفراد البشمركة الكردية ومسلّحي "الحشد الشعبي"، في بلدة طوزخورماتو (190 كيلومتراً شمال بغداد)، في أكبر صدام بين الطرفين، بهدف السيطرة على البلدة المصنّفة ضمن المناطق المتنازع عليها بين كردستان وبغداد.

في هذا الإطار، اندلعت الاشتباكات في أعقاب قيام مجهولين بتفجير قنبلة بجوار منزل ضابط كردي بالبلدة، منتصف ليل السبت ـ الأحد، أعقبها إطلاق عيارات نارية باتجاه المنزل، ليقوم حراس المنزل من المسلحين بالرد عليه وتوجيه الاتهام إلى مسلحين تابعين لمليشيا "الحشد". وبعد تبادل لإطلاق النار، تطوّر الوضع إلى قتال تدخلت فيه عشرات العناصر المسلحة من الجانبين.

ووفقاً لمصدر من البشمركة، فإن "12 مسلّحاً من الحشد الشعبي قُتلوا، وستة من الطرف الكردي، إضافة إلى مدنيين لم يُعرف عددهم، كما أُصيب عدد أكبر من الجانبين". وبين من سقط من قوات البشمركة، ثلاثة ضباط، أحدهم برتبة عميد، يقود قوة تتمركز في البلدة.

وفي مؤشر على التصعيد العسكري، وصلت إلى المنطقة تعزيزات من قوات البشمركة من كركوك، ومن مليشيا "عصائب أهل الحق" من بغداد، مدججين بأسلحة ثقيلة. ومع تواصل القتال، يحاول عدد من قادة الطرفين التوصل إلى تفاهم يفضي إلى وقف القتال، غير أنه لم تظهر أية نتائج تفيد بتحقيق تقدم.

وفي هجوم غير مسبوق، قال وكيل وزارة البشمركة، أنور حاجي عثمان، إنه "لا يرى من فرق بين الحشد الشعبي وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وأن الوضع في طوزخورماتو سيكون ذاته سواء خضعت بلدة طوزخورماتو لهذه الجماعة أم للأخرى".
وأضاف عثمان لـ"العربي الجديد"، أنه "طالبنا مراراً بعدم السماح لقوات الحشد بإقامة مقار لها في المنطقة، لأن لا فرق بين داعش والحشد الشعبي حين يتعلق الأمر باحتلال طوزخورماتو". وكشف عن "وجود اتصالات بين الإدارة الأميركية ورئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني، بهدف احتواء القتال"، ولم يكشف عن تفاصيل إضافية تتعلق بتلك الاتصالات. وأكد عثمان أن "البشمركة تلقت مطالبات من سكان أكراد في مناطق أخرى، مثل داقوق التابعة لكركوك، بطرد قوات الحشد الشعبي التي تتواجد ببلدتهم خوفاً من اندلاع القتال".

ويُعدّ القتال في طوزخورماتو أول اختبار للخلافات بين الأكراد في إقليم كردستان وبين الحكومة العراقية، وصراعهما على الأراضي المختلطة سكانياً، التي يصفها دستور 2005 بـ"مناطق متنازع عليها". ويخشى المراقبون أن ينتقل الصراع إلى بلدات أخرى مجاورة، تحمل التعريف ذاته، حتى تصل إلى مدينة كركوك الحيوية الغنية بالنفط، التي تُعدّ أكبر قضية خلافية في موضوع الصراع على الأراضي بين الأكراد وبغداد.

في هذا السياق، اتهم سياسيون من إقليم كردستان أخيراً قيادة مليشيا "الحشد الشعبي"، بـ"التعاون مع إيران على تنفيذ مخطط يهدف إلى بسط السيطرة على طوزخورماتو، والمناطق الواقعة إلى الشمال منها، وصولاً إلى كركوك ثم مخمور، وانطلاقاً منها إلى الحدود العراقية السورية. والهدف النهائي من المخطط هو ايجاد ممر بري يربط إيران بسورية".

ولقادة فصائل "الحشد الشعبي" رواية مخالفة للرواية الكردية، حول المتسبب باندلاع القتال في طوزخورماتو. وفي هذا الصدد، ذكر بيان لمنظمة "بدر"، أن "البشمركة تقوم بالتضييق على الشيعة التركمان في البلدة، وهم يتواجدون فيها بهدف حمايتهم ومنع الاعتداءات عليهم".

وأضاف البيان أن "البشمركة تستخدم الأسلحة الثقيلة ضدنا، وهو ما أدى إلى مقتل مدنيين، بينهم نساء وأطفال، ولحقت أضرار بالممتلكات المدنية". واتهم البيان البشمركة بـ"العمل على تغيير ديموغرافية طوزخورماتو". كما شدّد النائب بالبرلمان جعفر محمد، أن "البشمركة هي من بدأت الهجوم، لا الحشد الشعبي".

من جهته، أصدر رئيس الوزراء حيدر العبادي، بياناً طالب فيه قيادة العمليات التابعة لوزارة الدفاع، بـ"التحرّك الفوري للسيطرة على الموقف في طوزخورماتو، ووقف تداعيات الأحداث المؤسفة". وأشار بيان العبادي إلى "وجود اتصالات بجميع القيادات لنزع فتيل الأزمة، وتركيز الجهود ضد العدو الإرهابي المشترك، المتمثل بعصابات داعش الإرهابية".

ويتبع قضاء طوزخورماتو لمحافظة صلاح الدين، ويحوي على ثلاث قوميات، هي العربية والكردية والتركمانية، فضلاً عن ثلاث ديانات هي الإسلامية والمسيحية والصابئية، تنقسم كل ديانة منها إلى عدة طوائف، كالسنة والشيعة والكاثوليك والأرمن، وهو ما يجعل وضع المدينة خاصاً وحساساً للغاية.