وقال مخلوف، وهو ابن خال بشار الأسد، في تسجيل بثه مساء الخميس عبر صفحة على "فيسبوك"، إن النظام السوري شريكه فيما يملكه من أموال وشركات، أبرزها شركة "سيرتيل" للاتصالات، وأنه يؤدي كل الرسوم المترتبة على شركاته، والمؤسسات التي يمتلكها من أهم دافعي الضرائب للنظام والمشغلة لليد العاملة، زاعماً أن ما يملكه من أموال هي "من فضل الله".
وأضاف مخلوف أنه لا يوجد لدى "الدولة" أية حقوق عنده، لأنه وشركاته يؤدون بانتظام ما يترتب عليهم من التزامات مالية، معتبرا أن مطالبته أخيرا بدفع نحو 130 مليار ليرة سورية (نحو 120 مليون دولار) هو "محض ظلم"، ومع ذلك أكد أنه سوف يقوم بالدفع، لأنه عندما "تجبره الدولة على فعل شيء سيفعله مجبرا ولا خيار له"، لكنه ناشد رئيس النظام شخصيا "التدخل لتقسيط وجدولة عملية الدفع، لأن المبلغ كبير، وقد يؤدي إلى انهيار شركة سيرتيل، المخدم الرئيسي للهواتف النقالة في سورية"، مشيرا إلى أن الشركة تعد رافدا رئيسيا لخزينة الدولة، وفيها آلاف الموظفين والمساهمين.
وقال مخلوف إنه يريد من بشار الأسد توزيع المبلغ الذي سيدفعه له على الفقراء، كي "يسدوا جوعهم"، حسب تعبيره.
وجاء ظهور مخلوف بعد حديث وسائل الإعلام الرسمية، خلال الأسابيع القليلة الماضية، عن إنذار عدة شركات يملكها مخلوف لدفع ما يترتب عليها لخزينة "الدولة"، وإلا ستتخذ إجراءات الحجز بحقها، فيما تشير مصادر عدة إلى أن الحملة على مخلوف وشركاته تقودها زوجة بشار الأسد أسماء.
وتحدث مخلوف عما أثير، خلال الأيام الماضية، من اتهام شركتي "سيرتيل" و"إم تي إن" بعدم دفع الضرائب لحكومة النظام، البالغة بحسب "الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد في سورية"، الاثنين الماضي، 233.8 مليار ليرة سورية.
وحسب مخلوف، فإن "سيرتيل" تدفع كل عام ما يقارب عشرة مليارات ليرة سورية كضرائب للدولة. وأبدى رجل الأعمال السوري في رسالته لبشار الأسد استعداده لفتح كل أوراق الشركة، قائلًا: "أنا لن أحرجك ولن أكون عبئاً عليك، مثلما خرجتُ في أول الحرب عندما وجدتُ نفسي عبئاً عليك، وتنازلتُ عن أعمالي كلها، وقدمت تنازلا عن كل شيء".
ويعتبر مخلوف من أبرز الشخصيات الاقتصادية في سورية، وطالما وصف، هو ووالده، من قبل بأنهما الواجهة المالية للنظام، حيث يمتلك، إضافة لشركة الاتصالات، وسائل إعلام عدة مرئية ومسموعة ومكتوبة، ويدير شركات للسيارات، ونشاطات اقتصادية في قطاعات مختلفة، مثل الصرافة والغاز والتجارة والعقارات.
كما يشارك في الاستثمار في مدينة "ماروتا سيتي"، المتوقع بناؤها في منطقة خلف الرازي في دمشق، عبر تأسيسه شركة "روافد دمشق المساهمة" في مارس/ آذار الماضي، إضافة إلى ترؤسه جمعية "البستان" الخيرية.
وينحدر مخلوف من جبلة، وهو من مواليد عام 1969، وهو الابن البكر لمحمد مخلوف، أخ زوجة الرئيس السابق حافظ الأسد، والمقرب منه.
تهديدات
وتعليقاً على التسجيل، قالت مصادر من دمشق لـ"العربي لجديد"، مفضلة عدم نشر هويتها، إن هذا التسجيل هو الثاني لرامي مخلوف بعد ملاحقته مالياً قبل أيام من قبل الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد، والتي طالبته بمبلغ 233 مليار ليرة لإعادة التوازن للترخيص الممنوح لشركتي الخليوي في سورية "سيرتيل" و"إم تي إن"، وقد بثه ليل الخميس بعد التهديدات التي تلقاها من مقربين من بشار وأسماء الأسد، بينهم منعم أكرم عمران، الذي خاطبه بقوله: "لولا صرماية السيد الرئيس كانت مخطتك نازلة لهلأ بقا حاج تطول وتقصر... وروح احلق دقنك وتحمم، لأن ريحتك طالعة". واعتبرت المصادر أن رامي مخلوف بوضع سيئ وحرج، "وعلى الأرحج هو بإقامة جبرية"، ويحاول الظهور بمظهر رجل الدين التقي ليستميل الناس.
وكان نظام بشار الأسد قد حجز احتياطياً على أموال رامي مخلوف في شهر ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، بحجة "ضمان حقوق الخزينة العامة من الرسوم والغرامات المتوجبة، والمقدرة بنحو 1.9 مليار ليرة سورية"، قبل أن يوجه لمخلوف وعيداً بتسديد أكثر من 150 مليار ليرة، حصة "سيرتيل"، قبل الخامس من مايو/ أيار المقبل.
Facebook Post |
في المقابل، كشف مصدر رفيع ثان من دمشق لـ"العربي الجديد"، مفضلا عدم نشر اسمه، أن روسيا تضغط على الأسد لـ"تحجيم رامي، وتطالبه بأموال مستحقة جراء عقود النفط والغاز، وثمن أسلحة، وخزينة سورية مفلسة، ما دفع الأسد لضرب عصفورين بحجر"، على حسب وصف المصدر.
وأضاف المصدر أن "رامي مخلوف غير موجود بإقامة جبرية، أنا متأكد". لكنه صور الفيديو وعلى خلفيته أخشاب، ليوهم ربما أنه في إقامة جبرية، موضحا: "أتوقع أن يدفع رامي المبلغ المستحق، كما سيدفع (رجل الأعمال اللبناني ورئيس الحكومة الأسبق نجيب) ميقاتي ما عليه مقابل حصة شركة "إم تي إن"، ولكن المشاكل ستستمر، وسنرى مزيداً من الفضائح قريباً".
تطاحن على "كعكة" الاقتصاد السوري؟
ويرى مراقبون أن زيادة الضغط على رامي مخلوف وشركاته، من جانب أسماء الأسد، يأتي رداً على تسريب آل مخلوف فضائح اقتصادية للإعلام الروسي، منها فضح آلية عمل شركة "تكامل" المستحوذة على سوق ما يعرف بـ"البطاقة الذكية" والمملوكة لابن خالة أسماء، مهند الدباغ، وكذلك شرائها لوحة فنية بنحو 30 مليون دولار، في الوقت الذي تعاني فيه سورية من زيادة مستوى الفقر إلى معدلات غير مسبوقة.
في وقت سابق، أشارت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، مفضلة عدم نشر هويتها، إلى أن "فضيحة" شراء رئيس النظام بشار الأسد لوحة لزوجته بمبلغ 30 مليون دولار، إنما جاءت ضمن خطة "تعرية" أسماء الأسد وردّ الصفعات التي وجهتها إلى أسرة محمد مخلوف، ومحاولة تقليص دورها الاقتصادي في سورية، الذي وصل إلى حجز أموال رامي مخلوف بسبب قضية جمركية صغيرة، ما أجبره على الدفع ليتحرر من الحجز.
وأيضا، برز اسم شركة "تكامل" بعد تعاقدها مع حكومة الأسد، عام 2016، وقد حصلت من خلاله الشركة على مبلغ 400 ليرة سورية مقابل البطاقة الذكية الواحدة التي اعتُمدَت لتوزيع المحروقات والسكر والأرز والشاي، وأخيراً الخبز.
وكانت أسماء الأسد قد زادت من تدخلها في توزيع "كعكة" الاقتصاد السوري منذ تعافيها من مرض السرطان العام الماضي، حيث أوعزت بوضع اليد على استثمارات رامي مخلوف، وفي مقدمتها جمعية "البستان الخيرية"، والوصاية على شركتي الاستثمار الخلوي في سورية "سيرتيل" و"أم تي أن"، وتعيين مديرين من قبلها، بعد مصادرة الوثائق والدفاتر المحاسبية والحواسب من مقرّ شركة "راماك" بالمنطقة الحرة في دمشق.
ومن غير المستبعد أن تكون زيادة الضغوط على مخلوف هدفها استكمال خطط أسماء الأسد للسيطرة على شركتي الاتصالات، كونهما أحد أهم مصادر السيولة النقدية لجميع مؤسسات النظام. وفضلا عن ذلك، يبدو أن زوجة الأسد تسعى إلى صعود شخصيات اقتصادية جديدة إلى الواجهة، لتحل مكان رامي مخلوف، حيث أشارت مصادر إعلامية موالية للنظام إلى تأسيس حاكم مصرف سورية المركزي الأسبق، أديب ميالة، شركة للاستشارات المالية، ما يشير إلى أنه قد يكون أحد الأسماء الصاعدة المطروحة.