هَوَس الحكم في تونس

24 سبتمبر 2018
مخاوف من تعطيل إجراء الانتخابات المقبلة (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
تتزايد المخاوف في تونس من تدهور الأوضاع السياسية أكثر مما هي عليه الآن، وتزيد بالتالي من حدّة الظروف الاقتصادية والاجتماعية، بما قد يهدد الاستقرار النسبي ويؤثر على مسار الانتقال الديمقراطي الذي لم يُستكمل بعد بسبب عدم إتمام المؤسسات الدستورية الضامنة، نظراً للخلافات السياسية المتواصلة وحرب المواقع الضروس التي تخوضها الأطراف السياسية.
وأصبح عدد من التونسيين يعبّر عن مخاوفه من تعطيل إجراء الانتخابات المقبلة في موعدها المحدد في 2019، بسبب الهوس الذي أصاب عدداً من الشخصيات والزعماء الافتراضيين، وتعاظُم أحلامهم بقيادة البلاد.

ويتقاطع ما يحدث في الداخل التونسي مع رهانات خارجية، لا تظهر أياديها بوضوح في هذه الأزمة الطاحنة التي تشهدها البلاد، ولعل بعضها يعوّل على تعكّر الأوضاع وانهيار التوازنات الحالية من أجل الدخول بقوة في ما يعتبره الفرصة الأخيرة، انتخابات 2019، لتركيب مشهد جديد يتلاءم مع رؤاه لتونس وللمنطقة عموماً، وقد يتم البدء بتجهيز المزاج التونسي والمناخ العام لذلك، استعداداً لهذا الموعد.

وسلّط خبراء ومتخصصون، نهاية الأسبوع الماضي في مدينة الحمامات التونسية، الضوء على مسارات العامل الخارجي في التأثير على تجربة الانتقال في بعض الدول العربية. وأظهرت الأبحاث والدراسات التي قُدّمت في المؤتمر السابع الذي عقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، كيف تدخّلت العوامل الإقليمية والدولية في تغيير مسارات الثورات العربية، وكيف نجحت في بعض الدول في ضرب أحلام شعوب تاقت إلى الحرية والكرامة الإنسانية. ويتفق الجميع على أن التجربة الوحيدة الناجية هي التجربة التونسية، التي لم تسلم بدورها من محاولات التأثير فيها، ولكنها حدّت منها بفضل وعي نخبها وبُعدها عن مبررات الصراع الجيوسياسي.
ولكن تلك المحاولات لن تتوقف وستعود كلما أتيحت الفرصة، ويبدو أن بعض النخب السياسية، في غمرة جنون 2019، ومن أجل بلوغ أهدافها، قد تتحالف مع أي كان في سبيل ذلك، متناسية أن السقف إذا سقط سيطاول رؤوس الجميع.

مناورات واجتماعات في غرف مغلقة وبيانات وتحالفات تمت في الأيام الأخيرة في تونس، بينما البلاد تغرق وبأيدي أبنائها وليس بفعل فاعل، ولا أحد انتبه جنوباً إلى ما يحدث في العاصمة الليبية طرابلس، حيث عادت أصوات الرصاص من جديد توقظ شمال أفريقيا وتنبّه إلى أن النار ستتسرب إلى الجميع هذه المرة.
المساهمون