وصوت البرلمان بالأغلبية على شنين كمرشح وحيد، بعد انسحاب سبعة مرشحين من حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي.
وصوتت كتل الموالاة الأربع جبهة التحرير والتجمع الديمقراطي والحركة الشعبية وتجمع أمل الجزائر إضافة إلى كتلة المستقلين لصالح شنين، بعد تلقيها إيعازاً من السلطة الفعلية (الجيش) لإفساح المجال لمرشح كتلة المعارضة لرئاسة البرلمان.
وتعد هذه هي المرة الأولى التي تتمكن فيها المعارضة السياسية من الحصول على أرفع منصب في الدولة بعد رئيس الدولة ومجلس الأمة.ويعد سليمان شنين من الكوادر الشابة في التيار الإسلامي، إذ كان قيادياً في حركة مجتمع السلم، الحزب المركزي لإخوان الجزائر، قبل أن ينشق مع مجموعة من الكوادر من الحركة ليؤسسوا جبهة التغيير ثم حركة البناء الوطني.
وكان سبعة مرشحين ينتمون إلى جبهة التحرير الوطني، الذي يحوز على الأغلبية في البرلمان، قدموا ترشحهم قبل يومين، لكنهم أعلنوا سحب ترشحهم صباح اليوم بينهم أمين عام الحزب محمد جميعي ورئيس لجنة الشؤون الخارجية عبد الحميد سي عفيف.
وقرأ المحلل السياسي حسين بولحية في هذا التطور "مؤشر تنازل الأغلبية عن رئاسة الهيئة التشريعية لفائدة شخص من المعارضة، فيه رسالة حسن نية تعطي مؤشراً عن رغبة وتوجه السلطة للقبول بالحوار والقبول مستقبلاً برئيس من خارج الأطر المعهودة".
واعتبر بولحية في تصريح لـ"العربي الجديد" أنها "رسالة حسن نية نأمل أن يستمر النظام في تقديم مزيد من التنازلات لفائدة الجزائر".
لكن المحلل السياسي أحسن خلاص قال لـ"العربي الجديد" إن هذا التطور "هو إشارة بأن السلطة لا تعتبر أن هناك رهاناً على البرلمان الحالي الآيل للزوال في وقت لاحق".
وقال رئيس كتلة الحركة الشعبية حاج بربارة، في كلمة خلال الجلسة، إن قبول كتلته دعم مرشح المعارضة سليمان شنين، لا يعد تنازلا سياسيا وإنما واجب فرضته الظروف السياسية، واعتبر فؤاد بن مرابط رئيس كتلة التجمع الديمقراطي أن مصلحة الجزائر فوق كل اعتبار وهذه المصلحة هي التي فرضت التنازل عن الاعتبارات السياسية لصالح مرشح حزب معارض.
وقال رئيس كتلة حزب جبهة التحرير الوطني، التي تحوز على الأغلبية النيابية، خالد بولرباح في تدخله قبيل تزكية شنين رئيسا للبرلمان إن الكتلة اختارت بالتوافق مع كتل نيابية أخرى تغليب مصلحة البلاد على المصالح الحزبية، مشيرا إلى أن الكتلة وافقت على تزكية شنين بشرط عدم تعامله واعترافه بنواب الحزب المتمردين على الكتلة.
سليمان شنين من مواليد ديسمبر/كانون الأول 1965 وينحدر من منطقة ورقلة جنوبي الجزائر وهو إعلامي سابق ومن مرافقي مؤسس إخوان الجزائر محفوظ نحناح، وأحد مؤسسي التنظيم الطلابي التابع لإخوان الجزائر.
كان شنين من قيادات حركة مجتمع السلم، لكنه انشق عن الحزب عام 2008 ليؤسس مع كتلة من الكوادر جبهة التغيير ثم حركة البناء الوطني في مارس/آذار 2013، وهو رئيس الكتلة البرلمانية للاتحاد من أجل النهضة والعدالة.
وكان رئيس البرلمان السابق معاذ بوشارب قد قدم استقالته من منصبه، تحت ضغط الكتل النيابية بما فيها كتلة حزبه جبهة التحرير.
وقاطعت كتل نيابية أخرى ككتلة حركة مجتمع السلم والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وجبهة القوى الاشتراكية وحزب العمال الجلسة بالنظر لمواقف سابقة تتعلق بتجميد نشاطهم في هياكل البرلمان منذ بداية الحراك الشعبي في 22 فبراير/شباط الماضي.
وهذه هي المرة الأولى التي تتسلم فيها المعارضة السياسية في الجزائر منصبا حيويا وحساسا في الدولة، وهو يعد ثالث منصب دستوري أهميةً في الدولة، لكن كثيرا من المراقبين يعتبرون أن الامر يتعلق بصفقة سياسية بايعاز من الجيش، وليس بتطور في الممارسة الديمقراطية.
ويمثل وصول قيادي إسلامي من تيار الإخوان إلى منصب كهذا رسالة إلى قوى عربية وإقليمية لديها مواقف ضد هذا التيار السياسي، ويعزز تحالفا سياسيا جديدا بين السلطة والإسلاميين في ظرف سياسي عصيب، باتت فيه الأزمة السياسية في البلاد عصية على الحل بسبب تباين المواقف والخيارات بين السلطة التي يقع الجيش في مركزها، وبين المعارضة بكتلتيها الوطنية المحافظة والتقدمية.