عدّ تنازلي لعودة الاحتجاجات إلى شوارع البصرة

31 مارس 2019
الحكومة لم تستجب لتطلعات البصريين (حسين فالح/ فرانس برس)
+ الخط -

يتحدث ناشطون ومسؤولون محليون في مدينة البصرة، عن بدء حراك جديد في مناطق عديدة من المحافظة المطلّة على مياه الخليج العربي، جنوبي العراق، لتنظيم احتجاجات وتظاهرات تطالب بالخدمات وذلك بعد نحو سبعة أشهر على تفجر الاحتجاجات بالمنطقة، إثر تردي الخدمات وانتشار البطالة والفقر وتصدرت البصرة تلك المدن الجنوبية، إلا أنها سرعان ما خفتت بعد أسابيع بفعل تصدي قوات الأمن العراقية لها، وسقوط نحو 50 قتيلاً وأكثر من 700 جريح غالبيتهم من المدنيين.


ومنذ تظاهرات أغسطس/ آب العام الماضي ولغاية الآن، يقول مواطنون إن الحكومة لم تفِ بأكثر من 10 بالمائة من وعودها في تحسين أوضاع الناس المعيشية، ولا سيما ملف العاطلين من العمل، وتصاعد الفقر وتردّي القطاع الصحّي ومياه الشرب والكهرباء.

مع ذلك، ترى الأحزاب في البلاد وتحديداً الإسلامية، أنها المُستهدف الوحيد من الاحتجاجات السابقة وما سيجيء من احتجاجات لاحقة، حيث إن حرق مقارّها بواسطة مجهولين قيل إنهم من المتظاهرين، فضلاً عن القنصلية الإيرانية، أواخر العام الماضي، لا يزال يتصدر خطابات الساسة في تلك المدن، التي بالعادة ما تنطوي على تهم الارتباط بأجندات خارجية كـ"الصهيونية" و"الإمبريالية"، وفي مرات أخرى السعودية، بهدف التوظيف الطائفي لتلك التظاهرات وإسكاتها سريعاً.

وبحسب الناشط وعضو تنسيقية قضاء القرنة شمالي البصرة، حسنين المالكي، فإن "شبان البصرة، باشروا قبل أيام بالتنسيق مع بعض شيوخ العشائر ومنظمات المجتمع المدني، وبعض وسائل الإعلام الأجنبية، حركات أولية واستعدادات للانطلاق بالاحتجاجات المقبلة في حال انتهى الشتاء ولم تلبِ الحكومة طلباتهم كما وعدت".

وقال لـ"العربي الجديد"، إن "العشائر وعدت بأنها ستشارك مع الناشطين والعاطلين عن العمل، وسنركز هذه المرة في التظاهرات على المطالبة بإبعاد وطرد المتنفذين في المحافظة الذين ينتمون إلى أحزاب وفصائل مسلحة، ويسيطرون على المنافذ الحدودية وبعض المعامل والشركات النفطية، إضافة إلى إبعاد العمالة الأجنبية وتحديداً العمال الذين وفدوا إلى المحافظة خلال السنوات الخمس الماضية، الهنود والبنغاليين والإيرانيين، وتعيين العراقيين من البصرة بدلاً عنهم، وبعض المطالب الأساسية، المرتبطة باستكمال بناء محطات تحلية المياه ورفع ساعات توفر التيار الكهربائي للأحياء في البصرة".

من جهته، بيَّن الشيخ العشائري في البصرة فايز السعد أن "الضغط الذي مارسته الحكومتان المحلية والمركزية على الشبان المتظاهرين على أهالي البصرة، خلال الأشهر الماضية سيدفع الناس إلى النزول إلى الشارع مرة أخرى"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "العشائر في البصرة تدعم فكرة أن تكون التظاهرات سلمية من أجل أن تكون شوكة في عيون المسؤولين المقصرين، وتدعم أبناءها وخروجهم بالتظاهرات، وخصوصاً أن وضع الخدمات لا يزال كما هو ولم يتغير أي شيء، ولا تزال معدلات البطالة مرتفعة، وإن الأهالي يطالبون بتحسين الخدمات... وهي ما يتعلق بشبكات الصرف الصحّي والمياه والشوارع والجسور والمستشفيات".

من جانبه، أشار عضو المجلس المحلي، نشأت المنصوري إلى أن "شباب البصرة لا يزالون يطالبون بالتعيينات منذ العام الماضي، وهذا المطلب لا علاقة له بفصل الشتاء أو الصيف، أما بما يتعلق بقضية الخدمات فإن كميات المياه تعتبر جيدة والكهرباء أيضاً جيدة، وهناك خطة عمل بين الحكومتين المحلية والمركزية في البصرة، وننتظر الخطوات الحكومية الجادّة"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "ما نخشاه في الحكومة المحلية هو أن تتطور التظاهرات المقبلة إلى صدام بين أتباع أحزاب معينة مع أتباع آخرين لأحزاب أخرى، وخصوصاً ما يتعلق بقضية البطالة، لأن الحكومة المركزية في بغداد لم تطلق أي وظائف للبصرة إنما أعلنتها فقط، وهذا الإعلان لم يتحقق منه أي أثر واقعي، ومن ثم اصطدم هذا الإعلان بالموازنة الاتحادية لعام 2019، التي خلت من أي درجة وظيفية، مع العلم أن عدد المسجلين في مكتب العاطلين عن العمل في المحافظة هو 60 ألف عاطل".

وفي حديث لعضو بائتلاف النصر، لـ"العربي الجديد"، قال إن "التظاهرات المرتقبة قد تكون ساحةً بين نفوذ الأحزاب، وهذا النفوذ سيكون صوته أقوى من صوت المتظاهرين السلميين"، مضيفاً أن "كل الأحزاب في العراق وتحديداً الشيعية منها، تسعى إلى تحقيق مطالب المتظاهرين في البصرة والعمل على تنفيذ الملفات العالقة واستكمال المشاريع المتلكئة، من أجل الظهور بصورة البطل في الساحة، ولذلك نرى أن تيار الحكمة على خلاف مع غالبية الأحزاب في البصرة من أجل التمسك بحل أزمة المدينة، لتكون في الواجهة، والأمر نفسه ينطبق مع التيار الصدري، الذي يرغب بحل المشكلات في المدينة من أجل كسب الجماهير والاستفادة منها في الانتخابات المحلية المقبلة".



بدوره، لفت المراقب للشأن المحلي في بغداد عبد الله الركابي، أن "أعضاء تنسيقيات تظاهرات يجرون استعداداتهم والتنسيق للاحتجاج المقبل منذ فترة، وهي أخطر من التظاهرات السابقة، وستكون لاهبة كحرارة شمس البصرة في تموز (يوليو)، وهذه التظاهرات سوف ترافقها أحداث كثيرة، ولا أستبعد أن تتسبب بتغيير الحكومة العراقية، وخصوصاً أنها ستحظى بدعم عشائري ما يعني أن تنبؤ الاشتباك المسلح أو التصادم بين قوات الأمن وحمايات المؤسسات غير مستبعد"، موضحاً في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، أن "رئيس الحكومة عادل عبد المهدي لم يتمكن من تحقيق أي وعد من ضمن وعود الحكومة".