قالت مصادر دبلوماسية مصرية إنه من المقرر أن يزور رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، القاهرة، خلال الساعات المقبلة، للقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في زيارة هدفها الأساسي أزمة سد النهضة الإثيوبي.
وبحسب المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإنه من المقرر أن يقدم حمدوك مقترح وساطة جديداً من جانب الخرطوم بين القاهرة وأديس أبابا، وذلك بعد انهيار المفاوضات، في أعقاب فشل الاتفاق الذي أعدته واشنطن والبنك الدولي، نهاية فبراير/شباط الماضي، وهو الاتفاق الذي رفض السودان وإثيوبيا التوقيع عليه، بينما وقّعت مصر بالأحرف الأولى، وكان يسمح بتمرير 37 مليار متر مكعب من المياه خلال سنوات ملء خزان السد.
وأضافت المصادر أن مصر أبدت موافقة مبدئية على الاستماع لمبادرة حمدوك للوساطة، والتي أعلن اعتزامه تقديمها في وقت سابق، مشيرة إلى أن القاهرة ما زالت تعتمد سياسة المباحثات خلف الأبواب المغلقة، على أمل التوصل إلى حل سياسي يرضي جميع الأطراف، ويحافظ على مصالح الدول الثلاث، من دون اللجوء إلى توسيع دائرة الأزمة. وأشارت المصادر إلى أن "القاهرة على الرغم من تبنّيها سياسة منفتحة إلا أنها لن توافق على أي مراوغة إثيوبية جديدة تكون بمثابة كسب للوقت بالنسبة لهم لإتمام الإنشاءات"، مؤكدة أن "شرط القاهرة الأساسي لاستكمال المفاوضات الخاصة بتشغيل وملء السد، هو إعلان أديس أبابا التزامها بعدم البدء في ملء السد قبل التوصل إلى اتفاق، وليس كما أعلنت في وقت سابق بأنها ستبدأ الملء في يوليو/تموز المقبل".
وقال دبلوماسي سوداني في القاهرة، لـ"العربي الجديد"، إن حمدوك أعدّ المبادرة بعد التشاور مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، وحصل على موافقة مبدئية على إطلاقها، قبل أن يتوجه إلى مصر. وأوضح أن مبادرة حمدوك لا تتضمن جوانب فنية، لكنها سياسية في الأساس، بحيث تعتمد على أسس سياسية يعود بها أطراف الأزمة إلى طاولة المفاوضات، وبعدها يتم التباحث حول النقاط الفنية العالقة بين المتخصصين، مرجحاً صعوبة إتمام تلك الخطوة، خصوصاً أنها لا تحمل جديداً من الجانب الإثيوبي لمصر.
وتعهّد حمدوك بتدشين مبادرة سودانية للتوسط بين القاهرة وأديس أبابا، بغرض استئناف المفاوضات حول سد النهضة الإثيوبي لاستكمال الأجندة المتبقية فيه في أقرب وقت ممكن، وسط تباين الرؤى حول نجاح هذه المبادرة. وجاء الإعلان عبر اتصال هاتفي أجراه حمدوك بوزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، للتعبير "عن تعاطف الشعب السوداني مع الولايات المتحدة بشأن تفشي فيروس كورونا". وفي بيان صادر عن مجلس الوزراء السوداني، كشف حمدوك للجانب الأميركي "نيته زيارة القاهرة وأديس أبابا في القريب، لحثّ الطرفين على استئناف المفاوضات حول سد النهضة واستكمال المتبقي من القضايا العالقة المهمة"، من دون أن يحدد موعداً للزيارتين. وأضاف البيان "كما اتفق الجانبان على أن موضوع سد النهضة مُلِح للغاية، ويجب مواصلة التفاوض حوله بمجرد تغلّب العالم على جائحة كورونا".
يأتي هذا في الوقت الذي قدم فيه رجل الأعمال السعودي من أصول إثيوبية، محمد حسين العمودي، تبرعاً جديداً لصندوق بناء سد النهضة، استجابة للحملة القومية التي أطلقتها رئيسة إثيوبيا ساهلورك زودي أخيراً، لاستكمال الإنشاءات في السد وسرعة إنجازه، حيث يملك استثمارات ضخمة في إثيوبيا في قطاعات الزراعة. كما مدت مصانع الإسمنت الخاصة به هناك السد بكميات ضخمة خلال مرحلة الإنشاءات الخرسانية. كما وعد العمودي بتقديم تبرع بقيمة 120 مليون بر إثيوبي (نحو 366 ألف دولار) للحكومة لدعم جهودها في مكافحة فيروس كورونا المستجد، في وقت وصل فيه عدد الإصابات المكتشفة هناك إلى 23 حالة، حيث خصص العامودي تبرعه في هذا الإطار للمستلزمات الطبية الخاصة بالوقاية، مثل أقنعة الوجه، والكمامات، والمعدات الطبية.