وزير العدل اللبناني يستقيل احتجاجا على أداء الحكومة

21 فبراير 2016
الوزير طالب باستقالة الحكومة (وكالة الأناضول)
+ الخط -

أعلن وزير العدل اللبناني أشرف ريفي، اليوم، تقديم استقالته من الحكومة اللبنانية احتجاجا على أدائها "وسيطرة حزب الله عليها" وفق تعبيره، ورأى الوزير اللبناني أن "وطننا لبنان يمر بواحدة من أصعب المراحل التي عاشها في تاريخه الحديث، جراء أزمة وطنية تسببت بها قوى الأمر الواقع، التي تكاد تطبق على الدولة ومؤسساتها".

واعتبر ريفي في بيان استقالته، أن سلوك هذه "القوى إلى إدخال الدولة في مرحلة التفكك والفراغ، وصولاً إلى تشويه الهوية الوطنية وتعريض سيادة لبنان واقتصاده ومستقبله وعلاقاته الدولية والعربية لأفدح الأخطار".

وأشار ريفي إلى أن العبث بالدولة ومؤسساتها وصل إلى "مستويات خطيرة" ولفت إلى أن حزب الله وحلفاءه فرضوا التعطيل داخل الحكومة وخارجها، "بدءا من الفراغ الرئاسي وتعطيل المؤسسات الدستورية اللبنانية وضرب الحياة السياسية، مروراً بعرقلة إحالة ملف ميشال سماحة إلى المجلس العدلي في محاولة سافرة لإحكام السيطرة على القضاء عبر المحكمة العسكرية، وليس انتهاء بتدمير علاقات لبنان مع المملكة العربية السعودية، وسائر الأشقاء العرب للمرة الأولى في التاريخ اللبناني الحديث".

وأضاف "كأنه لا يكفي اللبنانيين استمرار مهزلة ملف النفايات، التي تزكم أنوف اللبنانيين وتضرب صحتهم، وهم رأوا أمام أعينهم عجزاً وتسابقاً معيباً على المغانم، فيما كان يفترض حسم هذه القضية منذ اليوم الأول رحمة بهذا البلد الجميل الذي تمعن السياسات الخاطئة والتآمر عليه في تشويه صورته أمام اللبنانيين والعالم".

وقال ريفي إنه عاين من موقعه في هذه الحكومة "ما يعجز اللسان عن وصفه، واليوم أصارح اللبنانيين بأن ما وصلت إليه الأمور جراء ممارسات دويلة حزب الله وحلفائه لم يعد مقبولاً، والاستمرار في هذه الحكومة يصبح موافقة على هذا الانحراف، أو على الأقل عجزا عن مواجهته، وفي الحالتين الأمر مرفوض بالنسبة لي".

اقرأ أيضا: الخارجية اللبنانية بعد القرار السعودي:هل المطلوب التخلي عن"النأي بالنفس"؟

وشدد ريفي على أن ما حصل في "قضية ميشال سماحة، كان جريمة وطنية يتحمل مسؤوليتها، حزب الله حصراً، وهو غطى القاتل وحوله إلى قديس جديد، عندما عطل هو وحلفاؤه نقل الملف إلى المجلس العدلي".

وأعلن أنه "بغض النظر عن المسؤولية جراء العجز عن مواجهة الحزب داخل الحكومة، والتمسك بهذا المطلب الوطني، فإن النتيجة واحدة، وهي أن هناك طرفاً مسلحاً يهيمن على قرار الحكومة، ويحولها كلما اقتضت مصلحته إلى جثة هامدة، ولقد أخذت على عاتقي بعد تعذر نقل ملف سماحة إلى المجلس العدلي، أن أتوجه بهذا الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية، وسأستمر مع الشعب اللبناني في متابعة هذه القضية حتى النهاية، وأدعو جميع اللبنانيين إلى التوقيع على العريضة الوطنية، لمحاكمة سماحة في القضاء الدولي على الجريمة التي ارتكبها".

واعتبر ريفي أنه ما حصل في قضية سماحة ليس "إلا نموذجا عن محاولات الغطرسة والهيمنة على قرار الحكومة، التي تم تعطيلها لأشهر، على مذبح المطالب العائلية والمنفعية". واعتبر أن حزب الله "استعمل هذه الحكومة، في سياق ترسيخ مشروع الدويلة، حيث أراد تحويلها إلى أداة من أدوات بسط سيطرته على الدولة وقرارها".

ورأى أن ما "فعله وزير الخارجية جبران باسيل في جامعة الدول العربية، ليعطي مثلا صارخاً، عن ممارسات دويلة حزب الله، التي لا تقيم اعتبارا للبنان ومصلحته، فقد تجرأ بطلب من حزب الله على الإساءة للمملكة العربية السعودية، وصوت ضد الإجماع العربي، وامتنع عن إدانة الاعتداء على السفارة السعودية في طهران. والمؤسف أن أحدا من المعنيين لم يلجم هذا التصرف المعيب، الذي أدى إلى تخريب علاقة لبنان بأقرب الأصدقاء إليه وهي المملكة العربية السعودية وسائر الدول العربية".

اقرأ أيضا: مجلس التعاون يؤيد قرار السعودية بوقف تسليح الجيش اللبناني

وقال ريفي إنه من "موقع المسؤولية الوطنية، وكمواطن لبناني حريص على بلده، أعلن رفضي التام لهذه الإساءة، وأطالب الحكومة بالحد الأدنى بتقديم اعتذار للمملكة وقيادتها وشعبها، لا بل أدعوها إلى الاستقالة، قبل أن تتحول إلى أداة كاملة بيد حزب الله، وأؤكد أننا سنبقى لبنانيين عربا، وأن المملكة ستبقى بالنسبة لنا، البلد الصديق الذي وقف معنا في أحلك الظروف، وأن قيادتها ستبقى بالنسبة لنا، عنوانا للوفاء والشهامة العربية الأصيلة".

ولفت إلى أنه شارك في الحكومة لتكون "حكومة ربط نزاع، كي لا ندخل في الفراغ الكامل، فأرادوها مطية لتنفيذ مشروعهم المدمر، أردنا هذه الحكومة حكومة تمنع الانهيار الاقتصادي وتنقذ ما تبقى، فأمعنوا في تعطيلها، وحرموا الناس من الأمل بحد أدنى من إنعاش الوضع الاقتصادي، فتراجعت الخدمات الأساسية، في كل القطاعات الحيوية للمواطن، وأردنا هذه الحكومة سدا أمام استباحة الدولة وسيادتها، فاستعملوها، لتخريب علاقات لبنان، وضربوا عرض الحائط بسيادة الدولة وهيبتها".

وأكّد ريفي أنه لم يعتد "على التهرب من المسؤولية، بل تحملتها في أصعب الأوقات، وسأبقى"، وأضاف أنه لن يقبل بأنه يتحول إلى "شاهد زور، ولن أكون غطاء لمن يحاولون السيطرة على الدولة والمؤسسات، لذلك أتقدم منكم ومن الرئيس تمام سلام باستقالتي، وأنا على عهد شهيد لبنان الرئيس رفيق الحريري وشهداء ثورة الأرز، باق، في مواجهة الدويلة، والاستمرار معكم أيها اللبنانيون الشرفاء بمعركة إنقاذ لبنان، وأنا على ثقة بأن لبنان الدولة سينتصر بكم ولكم، مهما كثرت الصعاب".

وفي السياق عينه، أكد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، أن "محاولة إفساد العلاقة التاريخية بين لبنان والمملكة العربية السعودية، التي كانت ولا تزال محتضنة لكل قضايا العرب والمسلمين هي محاولة فاشلة، فلبنان وشعبه هم مع الإجماع العربي في قراراته التي تحفظ كرامة ووحدة كل الشعوب الإسلامية والعربية"، وشدد على ضرورة "أن تكون العلاقات اللبنانية ــ السعودية ودول الخليج على ما يرام، وتعزيزها بالقول والفعل".

وأشار دريان في بيان له، إلى أن "الإساءة أو التطاول على المملكة العربية السعودية أو أي دولة خليجية في مجلس التعاون هو فتنة"، ودعا جميع اللبنانيين إلى "التعقل وعدم الانجرار إلى فتن سياسية تعرض لبنان لأخطار هو بغنى عنها".

وناشد دريان "الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين والقيادة السعودية ودول التعاون الخليجي عدم التخلي عن لبنان وتركه في محنته، فلبنان عربي الهوية والانتماء ولن يكون إلا مع إخوانه العرب، فهو جزء منهم ولو كره الكارهون، وستظل المملكة قيادة وشعبا في قلوب ووجدان كل اللبنانيين".

وأعلنت الوكالة الوطنية للإعلام أن الحكومة اللبنانيّة ستجتمع صباح يوم غد، الاثنين، لـ"البحث في الأمور الطارئة"، كما تعقد قوى 14 آذار اجتماعاً مساء اليوم.

اقرأ أيضا: وقف السعودية مساعدات الجيش اللبناني خطوة أولى...ودائرة المستهدفين ستتّسع

المساهمون