قرار اعتقال عسيري والقحطاني: تصعيد تركي لقطع طريق الصفقات

05 ديسمبر 2018
الاتجاه التركي يسير باتجاه تصعيد الضغوط(Getty)
+ الخط -
فيما كانت تترقب الأوساط الدولية التطورات في ما يخص جريمة قتل جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول في 2 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بظل مواقف الإدارة الأميركية المهتمة بالعلاقات الثنائية مع الرياض أكثر من محاسبة الفاعلين، فوجئت الأوساط بقرار أنقرة اعتقال كل من سعود القحطاني، وهو مستشار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وأحمد عسيري، نائب رئيس الاستخبارات العامة السعودية سابقاً.

وتزامنت عملية إصدار مذكرات الاعتقال، مع مواصلة تناول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان موضوع جريمة قتل خاشقجي، وإصراره على محاسبة الفاعلين ومصدري القرار، وأن هذا الأمر كان في صلب محادثاته ولقاءاته الثنائية في قمة العشرين في الأرجنتين الأسبوع الماضي، وتبعه إعلان مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليه بأن هناك حاجة ماسّة لإجراء تحقيق دولي في مقتل خاشقجي لمعرفة حقيقة ما حدث وتحديد المسؤولين، وهو ما يحتاج إلى تفويض لإجراء تحقيق جنائي دولي، كما تطالب تركيا بذلك.

كما تبع ذلك تصريح من وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، قال فيه إن أنقرة ستواصل المضيّ قدماً في موضوع التحقيق بجريمة مقتل خاشقجي حتى نهايته، وإن وصل لطريق مسدود فإن بلاده لن تتردد بالذهاب إلى تحقيق دولي.

وتشير مصادر تركية مطلعة، إلى أن الاتجاه التركي "يسير باتجاه تصعيد الضغوط، قبيل عقد أي صفقة دولية، تجنّب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مسؤوليات وتبعات الجريمة، في ظل مواقف من الإدارة الأميركية في هذا الاتجاه، وتعرّض إدارة الرئيس ترامب لضغوط خارجية وداخلية، تجعلها في وضع يصعب فيه التهرب من تبعات الجريمة، ولهذا دائماً ما تلوّح أنقرة بالتحقيق الدولي في الجريمة".

وأضافت المصادر أن الضغط الإعلامي التركي "لم يتوقف، وخاصة أنه يتم تدويل جريمة قتل خاشقجي، وتتم محاولة السكوت عنها، وهي بمثابة ضوء أخضر لكل المتسلطين في العالم لارتكاب جرائم دون محاسبة، فيما يجب معاقبة الفاعلين لردعهم عن ارتكاب الجرائم المماثلة وانتهاكات بحق الصحافيين".

ورجحت مصادر تركية أن تكون هذه الضغوط لـ"رفع سقف أي محاولة تجري للتسوية، من أجل محاسبة جميع الفاعلين بالجريمة، وإن فشلت تركيا بإزاحة بن سلمان، وهو ما كان هدفها الأساسي من التحقيق في الجريمة، فإنها تحاول انتزاع اعتراف بربط الجريمة به، وأن قرارات الادعاء العام السعودي كانت مخيبة للجانب التركي، باستثناء بعض الشخصيات من المحاسبة، وحصرها بـ11 شخصاً، وتبرئة المقربين من بن سلمان من العملية".

كما أن التحرك التركي وتصعيده يتلاقى مع تصعيد مماثل في الكونغرس، الذي استمع بعض أعضائه لإفادة مديرة الاستخبارات الأميركية جينا هاسبل، وتصاعد الغضب في الكونغرس من مواقف إدارة ترامب التي تحمي بن سلمان، وطالب أعضاء بالكونغرس باتخاذ إجراءات عقابية أكبر تستهدف المسؤولين السعوديين، ولوحوا بعقوبات مختلفة.

ومن اللافت أن يتم الإعلان التركي اليوم، بعد يوم واحد من دعوة السعودية لأمير قطر، تميم بن حمد لحضور القمة الخليجية في السعودية الأسبوع المقبل، إذ جرى الحديث عن عرض السعودية رفع الحصار على قطر، إضافة إلى مساعدات مالية كبيرة خلال لقاء مسؤول سعودي بالرئيس أردوغان وهو ما رفضه الأخير، بحسب ما تداولته وسائل إعلام غربية.

وبهذا الصدد، فإن مصادر تركية، تؤكد أن أنقرة لن تتنازل عن محاسبة الفاعلين، حتى وإن كانت هناك صفقة، فإن أنقرة لن تقبل بأقل من محاسبة جميع الفاعلين، خصوصاً بظل تمسك أميركي إسرائيلي بشخص محمد بن سلمان وليّاً للعهد.

 

المساهمون