مجرد حلم مغاربي

03 يوليو 2018
اللجنة المغربية خلال التصويت على استضافة كأس العالم 2016(Getty)
+ الخط -

كأس العالم في الجزائر وتونس والمغرب معاً، لمَ لا؟ مجرّد حلم جميل ذلك الذي تداولته الشعوب المغاربية وتدغدغ به شعورها، منذ أن استفاق المغاربة على طعنة الظهر العربية، من السعودية والبحرين والإمارات ودول أخرى في التصويت على استضافة كأس العالم لسنة 2026 لصالح ملف الولايات المتحدة وشريكتيها كندا والمكسيك، ومنذ انتبه المغاربة أيضاً، أنّ الجزائر لم تخلط برغم كل شيء، بين خلاف سياسي وموقف رياضي يقتضيه الواجب والأخوة وشرف الجيرة.

في الواقع ليس هناك ما يمنع من أن يصبح هذا الحلم المغاربي واقعاً، وقد بدأ وزراء الشباب يخوضون في الفكرة تعبيراً وتدبيراً، وليس هناك ما يعيق تقاسم الدول الثلاث شرف تنظيم كأس العالم في 2030. فصحيح أن الحدود البرية بين الجزائر والمغرب مغلقة منذ عام 1995، لكن ذلك لم يشكّل قطيعة كاملة، وما زال هناك كثير من الأمل في أن يتم إصلاح ذات البين يوماً ما، بل إن طريقاً أنجزته الجزائر أصبح يربط حدودها مع المغرب بحدودها مع تونس، كما أنّ سكة الحديد التي تربط بين محطة برشلونة في العاصمة تونس بمدينة وجدة المغربية عبر الجزائر ما زالت قائمة، وقد يصفر فيها القطار يوماً ما، كما كان قبل عام 1995.

بعيداً عن العاطفة العاصفة بشأن هذا الحلم المغاربي الممكن والمشروع، ومع الأنظمة السياسية الصغيرة الطموح، والتي انكفأت على نفسها ولم تتجاوز نظرتها حدود جغرافيا كل بلد من البلدان المغاربية الثلاثة - إضافة إلى ليبيا وموريتانيا -، صغر حلم الشعوب المغاربية كثيراً إلى الحدود الدنيا. من فكرة "جيش التحرير المغاربي المشترك" لتحرير الأرض والإنسان بداية الخمسينيات، ومؤتمر طنجة المغاربي عام 1958، ومشروع الاتحاد المغاربي (أعلن في مراكش في فبراير/ شباط 1989)، إلى حلم ملف موحّد لدى "فيفا" لاحتضان مشترك لكأس العالم عام 2030. تنازلت الشعوب المغاربية كثيراً عن حلمها الكبير ومشروعها الاستراتيجي المتعلّق بوحدة وتكامل اقتصادي ينافس الاتحاد الأوروبي، إلى حلم تقاسم استضافة منافسة رياضية بسبب أنظمة وأقدار هي أقلّ بكثير من طموحات الشعوب. انسحبت النخب السياسية المثقفة المشبعة بالروح المغاربية المشتركة، كما كان الحكيم عبد الحميد مهري في الجزائر وعبد الكريم الخطابي في المغرب وصالح بن يوسف في تونس، لصالح ساسة ينتهي أفقهم عند حدود القصر والعاصمة.  

قبل قرون قال المتنبي: "وتعظم في عين الصغير صغارها... وتصغر في عين العظيم العظائم". ومهما يكن، كأس أو اتحاد، فمن حق الشعوب المغاربية أن تطمح وتحلم، دعوا للشعوب حلمها، فلربما هزت الكرة أرجاء التاريخ، وتجاوزت عارضة الحدود.

المساهمون