النظام المصري وشيطنة "حماس": خدمة مجانية لإسرائيل

08 مارس 2016
يوطد السيسي باستمرار العلاقة مع الاحتلال (أحمد هنداوي/الأناضول)
+ الخط -
لم يكن من المستغرب أن يأتي توجيه وزير الداخلية المصري مجدي عبدالغفار، اتهامه لحركة حماس بالتورط في اغتيال النائب العام المصري السابق هشام بركات، بعد تعمد نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي إبراز مظاهر التطبيع والتقارب مع إسرائيل، وحرصه على طمأنة حكام دولة الاحتلال بأن عداءه لحركة "حماس" يكاد يفوق عداءهم للحركة.

وإن كان كثيرون يرون من العبث التعاطي بجدية مع اتهام عبدالغفار لـ"حماس" بالضلوع في اغتيال بركات، إذ سبق أن دانت محاكم مصرية ناشطي الحركة بالمسؤولية عن أحداث وقضايا تمت عندما كان هؤلاء إما أمواتاً أو قد مضى عليهم سنوات طويلة خلف القضبان في سجون الاحتلال الإسرائيلي، فإن الاتهام الأحدث يمثل رسالة طمأنة لصناع القرار في تل أبيب بأنه لن يحدث تغيير على موقف نظام السيسي من الحركة، ولا سيما أن معلومات أشارت إلى اتصالات تجرى بين النظام وقيادات في الحركة بهدف محاولة رأب الصدع بين الجانبين.

اقرأ أيضاً: تصعيد الحكومة المصرية ضد "حماس" و"الإخوان"... لقطع طريق التهدئة؟ 

وتأتي حملات الشيطنة التي يشنّها نظام السيسي ضد حركة "حماس" ضمن جملة من الخدمات الاستراتيجية التي تصل من النظام المصري لإسرائيل مقابل دور حكومة اليمين المتطرف في تل أبيب الواضح والكبير في المساعدة على تأمين شرعية دولية لهذا النظام. وضع أشار إليه المعلق الإسرائيلي بن كاسبيت، في مقال نشرته صحيفة معاريف في الثالث من شهر مارس/آذار الحالي، عندما نقل عن جنرال إسرائيلي كبير قوله إن نظام السيسي يركن ويعتمد على إسرائيل في توفير الدعم له. لذلك، لم يكن مستهجناً أن يسمح الجنرال الإسرائيلي لنفسه بالقول إن نظام السيسي معني باجتثاث حركة "حماس" لأنه ينظر إليها "كما ينظر اليهود للنازية"، على حد قوله.

اللافت أن تجديد نظام السيسي حملات الشيطنة التي تستهدف "حماس" يأتي بعدما أشارت دولة الاحتلال إلى أن مظاهر الحرب التي يشنّها النظام المصري، على الحركة وعلى الفلسطينيين في قطاع غزة، تأتي فقط لاعتبارات إسرائيلية. وكان وزير البنى التحتية الإسرائيلي، يوفال شطاينتس، قد أشار أخيراً إلى السبب الحقيقي وراء تدمير الجيش المصري الأنفاق التي تربط بين قطاع غزة وسيناء، عندما قال إن السيسي لجأ إلى هذه الخطوة بعدما طلبت إسرائيل منه ذلك. ونسف شطاينتس، من خلال تصريحاته التي لم يعمد نظام السيسي وأي من المؤسسات المرتبطة به إلى نفي صحتها، مزاعم النظام المصري بأن تدمير الأنفاق جاء لأنها تشكل تهديداً للأمن القومي المصري.

ويلاحظ أن حكومة اليمين المتطرف في تل أبيب قد تخلت أخيراً عن نهج التكتم على مظاهر العلاقة الوطيدة مع نظام السيسي، عندما بدا النظام نفسه وكأنه معني بأن يتحدث المسؤولون الإسرائيليون عن هذه المظاهر، على أمل أن يُحدث ذلك صدى لدى داعمي إسرائيل في الولايات المتحدة، ولا سيما المنظمات اليهودية التي يكثر السيسي من الالتقاء بقادتها. وهو ما يفسر خروج سفير دولة الاحتلال في القاهرة، حاييم كوربين، عن التقليد الذي التزم به كل من سبقوه في المنصب، إذ أخذ أخيراً يوزع التصريحات على وسائل الإعلام الإسرائيلية والأجنبية، والتي أثنى خلالها على عمق الشراكة الاستراتيجية بين الاحتلال ومصر في الحرب على "التطرف والإرهاب الإسلامي".

وتنضم حرب نظام السيسي على "حماس" إلى سلسلة من الخدمات الاستراتيجية التي يقدمها النظام في القاهرة لحكام تل أبيب من دون أن يكون لها أي عائد إيجابي على الأمن القومي المصري. ومن ضمن هذه الخدمات، ممارسة نظام السيسي ضغوطاً كبيرة على قيادة السلطة الفلسطينية لوأد الهبة الفلسطينية، كما كشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية أخيراً. وأفصحت إذاعة الجيش الإسرائيلي قبل عام عن مقترح طرحه السيسي على نتنياهو يقضي بتدشين الدولة الفلسطينية في شمال سيناء وذلك لحل القضية الفلسطينية مع ضمان الإبقاء على المستوطنات في الضفة الغربية. ومن ضمن هذه الخدمات أيضاً اندماج نظام السيسي في محور إقليمي يضم كلاً من إسرائيل وقبرص واليونان ضد تركيا، على الرغم من أن باحثين وخبراء مصريين، حتى من مؤيدي نظام السيسي، يتهمون إسرائيل وقبرص بالسطو على حقول غاز تعود ملكيتها لمصر.

وقد وصلت العلاقات بين نظام السيسي ودولة الاحتلال إلى درجة من العمق والاتساع بلغت حد أن وكيل الخارجية الإسرائيلية، دوري غولد، قد كشف أخيراً أن مسؤولين من مصر ودولة الاحتلال يعكفون على صياغة "استراتيجية مشتركة لمواجهة التحديات الإقليمية، وضمنها الأصولية الإسلامية" على حد قوله. وتدفع جميع هذه المعطيات للاعتقاد بأن النظام المصري سيواصل حملات شيطنة الحركة.

اقرأ أيضاً: إغراق أنفاق غزة..يكشف قوة العلاقات المصرية الإسرائيلية غير المعلنة 

المساهمون