يهودا غليك... عودة إلى واجهة اقتحامات الأقصى

30 اغسطس 2017
وفّرت قوات الاحتلال الحماية لغليك ومقتحمي الأقصى(أحمد غرابلي/فرانس برس)
+ الخط -
تحوّلت اقتحامات عدد من أعضاء الكنيست الإسرائيلي من اليمين المتطرف للمسجد الأقصى، أمس الثلاثاء، إلى تظاهرة سياسية لهؤلاء الأعضاء ومؤيديهم، الذين اعتبروا عودة اقتحامات النواب للمسجد أنها انتصار إضافي آخر يُسجل لليمين، بعدما نجح العام الماضي بحشد نحو خمسة آلاف مستوطن في اقتحامات يومية للمسجد، في حين سجل مطلع هذا العام ولغاية أغسطس/ آب الحالي، اقتحام نحو 20 ألفاً من هؤلاء المتطرفين، ما يشكّل اتساعاً في قاعدة المؤيدين للمس بالمسجد الأقصى والمطالبين بإزالته لبناء ما يسمى الهيكل المزعوم على أنقاضه.

وفيما كان المتطرف يهودا غليك، من "الليكود"، وشولي معلم، من "البيت اليهودي"، على رأس المقتحمين في جولتي الاقتحام الثانية والثالثة، صباح أمس، كانت قوات الاحتلال توفر الحماية الميدانية لهؤلاء، بعدما مُنحوا ضوءاً أخضر من قِبل أعلى المستويات السياسية في دولة الاحتلال ممثلة برئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، لمواصلة اقتحاماتهم الاستفزازية التي كانت توقفت في العام 2015 بعد مواجهات عنيفة مع المقدسيين، كادت أن تفجر الأوضاع في الأراضي الفلسطينية عامة. وكان نتنياهو قرر في شهر يوليو/ تموز الماضي، السماح لأعضاء الكنيست هؤلاء باقتحام الأقصى، بيد أن هبّة الأقصى والقدس التي اندلعت عقب تركيب البوابات الإلكترونية حالت دون تنفيذ هذا القرار في حينه.

وقال مسؤولون في الأوقاف الإسلامية، على رأسهم مدير عام أوقاف القدس، الشيخ عزام الخطيب، لـ"العربي الجديد"، إن "الجولة الأولى التي انتهت عند الساعة الحادية عشرة قبيل ظهر أمس، شارك فيها نحو مائة مستوطن على رأسهم الحاخام المتطرف يهودا غليك، من الليكود، وشولاميت ألوني (شولي)، من حزب البيت اليهودي"، مشيراً إلى أن شرطة الاحتلال والقوات الخاصة التابعة لها انتشرت في ساحات المسجد الأقصى منذ ساعات الصباح الأولى، ثم فتحت باب المغاربة، الذي اقتحمه غليك بداية على رأس عشرات من أتباعه.
وندد الخطيب باقتحامات أعضاء الكنيست هذه، ووصفها بالخطيرة والاستفزازية، خصوصاً أنها تتزامن مع عيد الأضحى. وأضاف: "رئيس الحكومة الإسرائيلية يلعب بالنار من خلال سماحه لأعضاء كنيست متطرفين بتجديد اقتحاماتهم للأقصى، ونحن نحذره من تبعات ما يقوم به".

أما القيادي في حركة "فتح"، حاتم عبد القادر، فاعتبر في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن اقتحامات أعضاء الكنيست هذه، والتي تأتي بقرار سياسي من نتنياهو، محاولة من الأخير لتفادي فضائح الرشاوى الغارق فيها، فيما يبدو أيضاً أنها جر لمواجهة مع الفلسطينيين للتغطية على فساده وفساد حكومته.
في حين قال مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني، لـ"العربي الجديد"، إن "المسجد الأقصى ملك خالص للعرب والمسلمين وحدهم"، وإن "السماح لنواب اليمين باقتحامه، هو عمل خطير ومدان، ونحذر من تبعاته". واتهم الكسواني رئيس حكومة الاحتلال بدفع المنطقة إلى حافة المواجهة للتستر على فضائحه، وللنيل من صمود المقدسيين وانتصارهم في هبة الأقصى الأخيرة.


وكان النواب العرب في الكنيست الإسرائيلي رفضوا، أمس، ما اقترحته عليهم شرطة الاحتلال بالدخول إلى المسجد الأقصى، بعد أن كان المنع طاولهم على مدى نحو عامين تقريباً، علماً أن العرض كان يقضي بدخولهم بعد نصف ساعة من مغادرة آخر متطرف يهودي للمسجد الأقصى.
وكان الحاخام الأميركي المولد يهودا غليك، الذي استهل أمس أولى الاقتحامات للأقصى، قد تعرض لمحاولة اغتيال من قبل ناشط من "الجهاد الإسلامي" من حي الطور، جنوب البلدة القديمة، قبل أكثر من عامين، بعد أن تحدث في مؤتمر في مركز مناحيم بيغن للتراث عن "عودة إسرائيل إلى جبل الهيكل". وذلك بسبب استفزازاته في المسجد الأقصى، في حين اغتالت قوات الاحتلال بدم بارد منفذ المحاولة الشهيد معتز حجازي على سطح منزله. وينتمي غليك، ومثله عضو الكنيست من "الليكود" المتطرف موشيه فيغلين، إلى حركة "أمناء جبل الهيكل"، التي ترفع شعار فرض اليهودية على المسجد الأقصى.

ويعكس اقتحام غليك المبكر للأقصى بضوء أخضر من نتنياهو، النشاط الدؤوب لهذا الحاخام المتطرف، الذي قام قبل أسبوعين بنقل مكتبه ليوم واحد إلى ساحة الغزالي المتاخمة لباب الأسباط للضغط على نتنياهو للسماح له ولأعضاء الكنيست الآخرين باقتحام الأقصى. ويبدو أن الفضائح المتتالية التي يواجهها نتنياهو والمتعلقة بفساده، شكلّت فرصة ومناسبة للأخير كي يتخذ قراره بهذا الشأن ليحظى بدعم أعضاء حزبه داخلياً، وإشغال خصومه بما يجمعون عليه وهو معركة فرض السيادة على الأقصى مع ما تحمله هذه التوجّهات من مخاطر انفجار الوضع مجدداً في القدس والأراضي الفلسطينية.

وكان غليك أسس في العام 2014، منظمته اليمينية الشهيرة المعروفة باسم "هليبا"، وهدفها "إعادة الحقوق الأساسية لليهود من حيث حرية العبادة وحرية الدخول والتجمع" داخل ما يسمونه بـ"جبل الهيكل"، أي المسجد الأقصى. كما يترأس غليك ما يسمى بمؤسسة "تراث جبل الهيكل"، وعمل كذلك في معهد الهيكل، وهي منظمة هدفها النهائي هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل لثالث مرة في القدس، كما أنه عضو بارز في حزب "الليكود" الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وعلى علاقة وثيقة بالجناح اليميني في الحزب، ويقطن في مستوطنة عتنائيل، جنوب الخليل، التي يقطنها يهود متدينون، كما أنه رئيس اللجنة المركزية في "الليكود" بالضفة الغربية.

في حين يُعتبر موشيه فيغلين، المقرب جداً من يهودا غليك، من عتاة اليمين المتطرف، وسبق له أن دعا إلى "إبادة الفلسطينيين في غزة" ووضعهم في معسكرات اعتقال، وهو يؤمن بأن المعركة من أجل السيادة اليهودية على الأقصى هي مركز معركة عالمية ضد الإسلام. ونقلت صحيفة "ميدل إيست" في وقت سابق عن فيغلين قوله في هذا الشأن: "نحن في الجبهة الرئيسية للمعركة من أجل العالم الحر ضد قوى الشر الأكثر تطرفاً". وتابع: "وراء العنف، هناك معركة روحية، وجوهر هذه المعركة هو ذلك المكان (جبل الهيكل)". وفيما تشير المعطيات إلى أن أكثر من نصف أعضاء حزب "الليكود" داعمون لنشطاء ما يسمى بـ"جبل الهيكل"، فإن برنامج الحزب يؤكد العمل على إيجاد حل يسمح بحرية العبادة لليهود على "جبل الهيكل".