ووفقاً للمصادر، فإن سبب الانسحاب من قبل منظمات وتقليل الأنشطة لدى أخرى، يأتي بعد اتفاق بين الحكومة العراقية ومليشيا "حشد الشبك"، بزعامة وعد القدو المدرج أخيراً في لائحة العقوبات الأميركية في شهر يوليو/تموز الماضي، على البقاء في مناطق سهل نينوى، واستثنائه من قانون ما يعرف بـ"هيكلة الحشد"، القاضي بتسليم المليشيات مواقعها للجيش والشرطة العراقيين، وإخلاء مواقعها الواقعة داخل المناطق السكنية.
وأكدت المصادر لـ"العربي الجديد" أن تلك المنظمات والعاملين فيها كانوا يشتكون من ممارسات ابتزاز وإعاقة عمل وطلب رشى وفرض شروط على عملهم، مثل توظيف أشخاص معهم أو العمل في مناطق قبل غيرها، وذلك من قبل مليشيات في سهل نينوى أبرزها "حشد الشبك"، إلى جانب مليشيات أخرى مثل "بابليون" و"العصائب". وقالت المصادر إن الاتفاق على بقاء "حشد الشبك" دفع هذه المنظمات إلى تخفيض وتيرة عملها وتقليص برامجها أو الانسحاب من مناطق عدة في سهل نينوى، مؤكدة أن الأمر يمثل خسارة كبيرة للمحافظة، حتى أن المنظمات المحلية تنتظر انتهاء المنحة المخصصة لها لتنسحب.
وفي مطلع شهر أغسطس/آب الحالي، انتهى تمرد فصيل "اللواء 30"، أو مليشيا "حشد الشبك"، الذي استمر ليومين في مناطق سهل نينوى شرقي الموصل، بعد وصول قياديين عسكريين في الجيش العراقي، ومسؤولين محليين، إضافة إلى قائد "الحشد الشعبي" فالح الفياض ومساعده أبو مهدي المهندس، إلى منطقة السهل. وتمّ الإعلان عن التوصل إلى اتفاق تسوية، اعتبر رضوخاً من الحكومة وتراجعاً عن تطبيق "المرسوم الديواني" لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي، القاضي بهيكلة فصائل "الحشد" وإعادة توزيع مواقعها وإخضاع ترسانتها العسكرية ومقراتها لسلطة الدولة.
ويسيطر "حشد الشبك"، الذي تأسس عام 2014 وحظي بتسليح ودعم كبير من إيران على غرار فصائل أخرى، حالياً على مناطق واسعة من سهل نينوى ذي الغالبية العربية المسيحية والمسلمة. ويتزعم المليشيا وعد قدو الذي أدرج أخيراً في لائحة العقوبات الأميركية بتهمة ارتكاب مخالفات وانتهاكات واسعة في ملف حقوق الإنسان. ولا تكترث هذه القوة لقرارات الدولة، حتى أنها لا تهتم بالأثر السلبي لانسحاب المنظمات الأجنبية العاملة في نينوى، بحسب نائب عن المحافظة طلب عدم ذكر اسمه.
وقال البرلماني العراقي لـ"العربي الجديد" إن "المنظمات الأجنبية والتابعة للأمم المتحدة، عملت خلال الفترات الماضية لصالح كل المكونات الموجودة في سهل نينوى، وحتى المكون الشبكي كان أحد المستفيدين منها بسبب تراجع الخدمات في كل مناطق نينوى، وليس في سهل نينوى فقط".
وأوضح المصدر أن "المنظمات اختارت العمل في سهل نينوى لأنه قريب من أربيل، وهو الأمر الذي ساعدها على التواصل مع مقراتها الأم في إقليم كردستان، وكذلك الدخول والخروج. ولعل حشد الشبك، الذي تسبب بانسحاب هذه المنظمات، يعرف كم خدمت القوات العسكرية خلال حربها ضد تنظيم داعش، حيث عملت على تأسيس المستشفيات المتنقلة للقوات العراقية، ومن ضمنها الحشد الشعبي".
غير أن عضو مجلس محافظة نينوى، حسام العبار، نفى علمه بانسحاب المنظمات الأجنبية من المحافظة، قائلاً في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، إن المنظمات تعمل منذ سنوات، وكانت تنفذ مشاريعها في سهل نينوى خلال الفترات الماضية حين كان الحشد الشعبي وحده المسيطر، متسائلاً: "كيف تنسحب الآن مع اشتراك الجيش والشرطة معاً في تأمين المدن؟".
وأكد العبار أن "الأمور في سهل نينوى تسير بشكل طبيعي، ولا يوجد أي خرق"، لافتاً إلى أن "وجود الحشد الشعبي مع القوات العراقية الأخرى أضاف نوعاً من الاستقرار في منطقة سهل نينوى". وأشار إلى أن "التمركزات الأمنية تتهمها بعض الأطراف السياسية بأنها تدار من حشد الشبك، لكن قيادة العمليات المشتركة (الجيش العراقي) هي المسؤولة عنها".
من جهته، اتهم المتابع للشأن المحلي في محافظة نينوى، مؤيد الجحيشي، في حديث لـ"العربي الجديد"، "حشد الشبك" بـ"منع أي مشروع تعمل على تنفيذه المنظمات الدولية دون موافقته، بل إنه يحصل على منافع في بعض الأحيان من تكاليف المشروع، وأهالي سهل نينوى يعرفون أن واحداً من أسباب انسحاب هذه المنظمات، هو شروط آل القدو الذين يديرون حشد الشبك، وهي شروط لا تنتهي يفرضونها على مختلف المنظمات العاملة في المنطقة".