كثّف أنصار حركة "كيو أنون" (qanon) حراكهم في الولايات المتحدة أخيراً، خصوصاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في سياق سعيهم لترسيخ مفهوم "نظرية المؤامرة"، وذلك قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية. ومع أنه يُمكن مناقضة الكثير من نظرياتهم الغريبة، إلا أن تسويقهم للرئيس دونالد ترامب كـ"مقاتل ضد الدولة العميقة"، يجد صدى لدى الكثير من أنصار الحزب الجمهوري، وهو ما تُرجم باحتمال تحقيق انتصارات انتخابية في ولاية أوريغون وفي المقاطعة الـ14 في ولاية جورجيا، بتقدّم المنتميتين إلى الحزب الجمهوري، جو راي بيركينز، ومارجوري تايلور غرين، كأول مناصرتين لحركة "كيو أنون" تقتربان من السلطة.
في الواقع لم يكن فوز غرين في تمهيديات حزبها سوى محطة في مسار بدأه أنصار الحركة اليمينية المتطرفة منذ سنوات قليلة، متأثرين بفوز ترامب في الانتخابات الرئاسية. في السياق، يشرح الكاتب في موقع قناة "سي أن أن" الأميركية، كريس سيليزا تركيبة الحركة "إنها حركة نشأت في مطلع عام 2017، وتؤمن بوجود مسؤول رسمي معروف بـ(كيو) يعمل على نشر قرائن مرتبطة بنظريات مؤامرة تنسجها دولة عميقة، وذلك بهدف فضحها في الولايات المتحدة". ويضيف أن "كيو أنون يعتقدون بأنه تمّ تجنيد ترامب من قبل الجيش للمشاركة في انتخابات عام 2016، لأنه لن يتمكن بمفرده من مواجهة القوة السرية".
بدورها، حققت الجمهورية جو راي بيركينز، انتصارات تمهيدية داخل حزبها، لمواجهة السيناتور المنتمي إلى الحزب الديمقراطي، جيف ميركلي في ولاية أوريغون في 3 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. تجاهر بيركينز بانتمائها إلى حركة "كيو أنون"، من أجل "إنقاذ الجمهورية"، مرددة أحد اهم شعارات الحركة "حيث نذهب موحّدين، نذهب معاً". واللافت أن فرص بيركينز أفضل بكثير من فرصة ميركلي، الذي يسيطر على أوريغون منذ عام 2009.
أما السؤال الأهم في هذه المرحلة فهو دور ترامب في هذه الحركة. هنا، تعتبر الصحافية في "واشنطن بوست"، آبي أولهايزر، أن "ترامب لم يبدِ رأياً في حركة كيو أنون"، لكنه سمح بتعزيز زخمها، بقوله في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إن هناك "عاصفة آتية"، وأن الوضع الحالي، في حينه، في أميركا كان بمثابة "هدوء ما قبل العاصفة". ورفض الإدلاء بمزيد من التفاصيل حول ذلك. وتضيف أولهايزر: "ظهرت إشارات كيو بين العديد من المشاركين في احتفالات ترامب وحملته الانتخابية".
وتنقل فيليبس عن المختص في نظريات المؤامرة في جامعة ميامي، جوزف أوسينسكي، قوله إن "أتباع نظرية المؤامرة يشعرون بالجرأة للخروج من الظل تحت ترامب". ويضيف أنهم "يشعرون بالقدرة على تحطيم مؤسسة الدولة، وترامب بنفسه بنى هذا التحالف معهم، ويعتقدون بأنه حان وقتهم". أما المتخصصة في علم النفس السياسي لنظريات المؤامرة في جامعة ديلاوير، جوان ميلر، فترى أن "للولايات المتحدة حالياً رئيساً يستخدم نظريات المؤامرة أكثر من أي رئيس آخر في التاريخ المعاصر".
من جهتها، تعتبر الكاتبة في "واشنطن بوست"، فاليري شتراوس، أن "الحركة تعتمد على نشرة سيفت التي تنشر أسبوعياً عدداً من المقالات والفيديو من أجل طلاب الصفوف العليا ويشترك فيها أكثر من 10 آلاف شخص. كما تعتمد على برنامج "تشيكولوجي"، من أجل طلاب الصفوف الصغرى. واستخدمت الحركة البرنامج نفسه للتسويق لأفكارها، مجاناً، في زمن تفشي وباء كورونا في الولايات المتحدة.