"المؤشر العربي" 2015:مواطنو 12 دولة يرفضون "داعش" والأسد وإسرائيل

الدوحة

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
22 ديسمبر 2015
+ الخط -
كشف استطلاع المؤشّر العربيّ لعام 2015، والذي أنجزه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أن الرأي العام العربي شبه مجمع، وبنسبة 89% من المستجيبين، على رفض تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، فيما الذين يحملون وجهة نظر إيجابية نحوه، ينطلقون من موقف سياسي مرتبط بتطورات الأوضاع في المنطقة العربية والإقليم. وأفادت نتائج الاستطلاع بأن الرأي العام العربي ما زال منحازاً إلى أن تغيير نظام الرئيس بشار الأسد، هو الحلّ الأمثل في سورية، بنسبة 62%. وقد تم تنفيذ الاستطلاع في 12 بلداً عربياً: موريتانيا والمغرب ولبنان والجزائر وتونس والسودان وفلسطين والأردن والعراق والسعودية والكويت. وشمل 18311 مستجيباً، أُجريت معهم مقابلات شخصية وجاهية، ضمن عيّنات ممثلة. ويُعدّ استطلاع المؤشر العربي، أضخم مسح للرأي العام في المنطقة العربية.

وأظهرت نتائج الاستطلاع أن الرأي العام العربي ما زال متفائلاً بمستقبل الثورات العربية، التي جرت في العام 2011، فقد رأى ما نسبته 48% أن الربيع العربي يمر بمرحلة تعثر، لكنه سيحقق أهدافه. وأشار منسق وحدة الرأي العام في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، محمد المصري، إلى أن الاستطلاع كشف عن وجود مخاوف من الحركات الإسلامية والعلمانية في الوقت نفسه، في يؤشر إلى استقطاب في الرأي العام العربي، أخذته إلى التحفظ والتخوف من الطرفين. وأفادت النتائج بأن هناك شبه إجماع بشأن الديمقراطية، إذ عبّر 72% من المستجيبين عن تأييدهم النظام الديمقراطي. كما أن 67% يرون أن إسرائيل والولايات المتحدة هما الأكثر تهديداً للأمن القومي العربي، و10% يرون أن إيران هي الأكثر تهديداً. ومما له دلالاته المهمة أن الرأي العام العربي شبه مجمع على انتشار الفساد في بلدانه بنسبة 92%، كما أن الثقة العامة بالأجهزة التنفيذية العسكرية وشبه العسكرية، وفي مقدمتها الجيش مرتفعة، فيما الثقة بالحكومة والبرلمانات أقل.

الأوضاع العامة لمواطني المنطقة العربية

أفاد 20% من الرأي العام العربي بأنّ مداخيل أسرهم تكفي نفقات احتياجاتهم الأساسية، ويستطيعون أن يوفّروا منها، فيما قال 48% إنّ دخول أسرهم تغطّي نفقات احتياجاتهم، ولا يستطيعون أن يوفّروا منها (أسر الكفاف). وأفاد 29% من المُستطلعين بأنّ أسرهم تعيش في حالة حاجةٍ وعوز، ومداخيلهم لا تغطّي نفقات احتياجاتِهم الأساسية. ولا يبدو أن هناك فوارق في توصيف الوضع المعيشي لأسر المستجيبين، بحسب نتائج المؤشر العربي لعام 2015 مقارنةً مع نتائج المؤشّر في عام 2012 ـ 2013 وعام 2011.

اقرأ أيضاً: ملاحظات حول مأزق المشروع الوطني الفلسطيني ومستقبله

وتلجأ 53% من الأُسَر المعوزة إلى الاستدانة، إمّا من معارفَ وأصدقاء أو مؤسّسات بنكية وماليّة. وتعتمد 20% من الأُسَر المعوزة على معوناتٍ من الأصدقاء والأقارب، و9% على معونات جمعيات خيريّة وحكومية. ما يعني أنّ أطر التكافل الاجتماعي التقليدي ما زالت أقوى من إطار المعونة المؤسسية. كما يرى 53% من الرأي العام أنّ مستوى الأمان في بلدانهم جيّد، في مقابل 46% قالوا إنه سيّء.



وظهر أنَّ تقييم مستوى الأمان في بلدان المستجيبين، وفقاً لنتائج مؤشّر عام 2015 أكثر إيجابية منه في مؤشّريْ 2014 و2012 ـ 2013. وقيّم 43% الوضع الاقتصادي لبلدانهم بأنه إيجابيّ، في مقابل 56% قيّموه بأنه سلبيّ، بينما اعتبر 43% أن الوضع السياسي لبلدانهم إيجابيّ، في مقابل 52% قيّموه بأنه سلبيّ. وكان تقييّم المستجيبين للوضع السياسي في بلدانهم في مؤشر 2015 أكثر إيجابية منه في عام 2014 وعام 2012 ـ 2013.

وتؤكد نتائج المؤشّر العربي، أنّ تغيّراً مهمّاً قد طرأ على أولويّات المواطنين في المنطقة العربية للعام الثاني على التوالي، إذ أورد المستجيبون غياب الأمن والأمان باعتباره أهمَّ مشكلةٍ تواجه بلدانهم، وبنسبة 19%. وهي المرّة الثانية على التوالي التي يعتبر فيها المواطنون، أنّ المشكلة الأهم غير اقتصادية، فقد جاءت مشكلة البطالة في المرتبة الأولى في استطلاعَيْ 2011 و2012 ـ 2013.
وأبدى 23 في المائة من مواطني المنطقة العربية رغبتهم في الهجرة، ودوافعهم إليها، في الأساس، من أجل تحسين الوضع الاقتصادي، إلاّ أنّ نحو خُمس المستجيبين الذين يرغبون في الهجرة قالوا إنّ دافعهم هو عدم الاستقرار الأمني.

وعند تحليل أسباب الهجرة التي ذكرها المستجيبون، الراغبون في الهجرة، بالتقاطع مع بلد المستجيب، يتبيّن أن 95% من الأردنيين، والجزائريين، والموريتانيين الراغبين في الهجرة، أشاروا إلى أسباب اقتصادية، في حين أنّ نحو ثلثي العراقيين وثلث اللبنانيين وربع الفسطينيين و11% من المصريين الراغبين في الهجرة، أفادوا بأنّ السبب دوافع أمنية.
وقد تنوّعت اتّجاهات المستجيبين نحو الدول الأكثر تهديداً لبلدانهم؛ فهناك تيّارٌ واضح يفرض نفسه في كلّ بلدٍ مستطلعٍ، إذ أفاد بأنّ إسرائيل هي الأكثر تهديدًا لأمن بلدانهم. ويرى 27% من الرأي العامّ بأنّ إسرائيل هي الأكثر تهديدًا لبلدانهم، و12% يقولون إنّ إيران هي الأكثر تهديدا (أفاد ما يقارب نصف المستجيبين السعوديين وأكثر من ثلث المستجيبين في العراق والكويت أنّ إيران المصدر الأكثر تهديداً لأمن بلدانهم). وأفاد 11% أنّ الولايات المتحدة هي مصدر التهديد الأكبر لبلدانهم.




تقييم الرأي العام لمؤسسات الدول وأداء الحكومات

إنّ ثقة المواطنين العرب بمؤسسات الدولة في بلدانهم متباينة، ففي حين كانت لديهم ثقة مرتفعة بالأجهزة التنفيذيّة، من عسكريةٍ أو شبه عسكريةٍ، خصوصاً مؤسسة الجيش، فإنّ الثقة بسلطات الدولة الثلاث: القضائية، والتنفيذية، والتشريعية أقلّ من ذلك. أمّا المؤسسات التي نالت أقلّ نسبة ثقة فهي المجالس التشريعية (النيابية) والأحزاب السياسية.

إنّ الرأي العام منقسم حول تقييم أداء المجالس التشريعية في البلدان العربية على صعيد رقابتها على الحكومات، أو الرقابة على الإنفاق، أو القيام بدورها بما يضمن رعاية مختلف فئات المجتمع، أو القيام بدورها بوضع تشريعات تساهم في ضمان حريات المواطنين؛ إذ يرى نصف المستجيبين أنّ هذه المجالس تقوم بدورها على هذه الصعد.

إن تقييم أداء الحكومات على مستوى السياسات الخارجية، والسياسات الاقتصادية، وفي مجموعةٍ من السياسات العامّة والخدمات، غير إيجابي بالمجمل. وقيّم من 43% إلى 50% من الرأي العام الأداء الحكومي بأنه إيجابيّ، في حين انحازت أكثرية الرأي العام إلى تقييم الأداء الحكومي بوصفه سلبياً. وكان هذا التقييم شبه متطابقٍ مع تقييم الرأي العام للأداء الحكومي في استطلاعات المؤشر السابقة.

الرأي العام العربي شبهُ مجمعٍ على أنّ الفساد المالي والإداري منتشرٌ في بلدانه، إذ أفاد 92% أنّه منتشر جداًّ، أو منتشر إلى حدٍّ ما، أو منتشر إلى حدٍّ قليل. في مقابل ذلك، أفاد 6% أنّه غير منتشرٍ على الإطلاق، وهي النِّسبُ نفسها التي ظهرت في استطلاعَات المؤشر السابقة منذ عام 2011. ما يعني أنه لا تغيّر على صعيد آراء المواطنين تجاه مدى انتشار الفساد في بلدانهم.

اقرأ أيضاً: ندوة "المركز العربي": "أوسلو" فشل في تحقيق الحرية للفلسطينيين

الرأي العام شبه منقسمٍ حول جديّة الحكومات في محاربة الفساد المالي والإداري

أفاد 25% من الرأي العام بأنّ دوله تطبّق القانون بالتساوي بين المواطنين، بينما رأى 54% أنّها تطبّق القانون بين الناس، لكنّها تُحابي بعض الفئات. ورأى 21% أنّها لا تقوم بتطبيق القانون بالتساوي على الإطلاق. ولا تشير النتائج إلى أنّ استطلاع 2015 مقارنة بالاستطلاعات السابقة، حمل تغييراً جوهرياً نحو تحسّن رؤية الرأي العام تجاه تطبيق الدولة للقانون بالتساوي. وقد انقسم الرأي العام نحو مدى تطبيق مبدأ محاكمة عادلة في بلدان المستجيبين، إذ أفاد 41% منهم، بأنه غير مطبقٍ، في مقابل 58% أفادوا بأنه مطبقٌ.



اتّجاهات الرأي العامّ نحو الديمقراطية
إنّ مواطني المنطقة العربية قادرون على تقديم تعريفٍ ذي محتوى للديمقراطية؛ إذ قدّم 89% من المستجيبين تعريفاً ذا محتوى. وعرّف 35% من مواطني المنطقة العربية الديمقراطية، بأنّها ضمان الحريات السياسية والمدنية. وأفاد 26% منهم بأنّها ضمان المساواة والعدل بين المواطنين، وعرّف 6% الديمقراطية بأنها ضمان الأمن والاستقرار، وعرّفها 6% بأنها تحسين الأوضاع الاقتصادية. وترفض أغلبية مواطني المنطقة العربية مقولاتٍ ذات محتوى سلبيّ عن الديمقراطية، فأيّدت أغلبية الرأي العام النظام الديمقراطي بنسبة 72%، مقابل 22% يعارضونه. ويعتبر الرأي العام أن النظام الديمقراطي هو الأكثر ملاءمَةً (بتوافق 79%) لأن يكون نظامَ حكمٍ في بلدانهم، مقارنةً بأنظمةٍ أخرى، ويرفض الرأي العام نظام الحكم السلطوي والأنظمة التنافسية التي تقتصر على أحزاب بعينها (سواء أكانت هذه الأحزاب دينية أم غير دينية) والنظام القائم على الشريعة الإسلامية من دون انتخابات وأحزاب سياسية.

وأبدى 55% من المستجيبين في المنطقة العربية قبولهم بوصول حزبٍ سياسي، لا يتّفقون معه إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع، مقابل 40% أفادوا أنّهم لا يقبلون ذلك. وتوافق 62% من الرأي العام العربي على قبولهم باستلام حزبٍ سياسيّ إسلامي السلطة، إذا حصل على عددٍ من الأصوات يؤهّله لذلك، مقابل ثلث المُستجيبين عارضوا ذلك. وانقسم الرأي العام العربي نحو استلام حزبٍ سياسي غير إسلامي (علماني) للسلطة بين من يقبلون بذلك ومن يعارضونه.

وقد تمّ تقييم مستوى الديمقراطية في البلدان المستطلعة، اعتماداً على مقياس رقمي من 1 إلى 10، إذ إنّ 1 يعني أنّ البلد غير ديمقراطي، و10 يعني أنّ البلد ديمقراطي إلى أبعد الحدود. وقد أشار إلى أنّ مستوى الديمقراطية في البلدان العربيّة في المنتصف. ولا يوجد تغيير ذو دلالة إحصائية في استطلاعات المؤشر منذ عام 2011 على مستوى الديمقراطية في بلدان المنطقة العربية. إنّ تقييم مستوى الديمقراطية من خلال معيار قدرة المواطنين على انتقاد الحكومة من دون خوف يشير إلى أنّ 38% من الرأي العام يفيد بأنه لا يمكن انتقاد الحكومة من دون خوف، بل إنّ أكثرية المستجيبين في بعض المجتمعات أفادت أنها لا تستطيع انتقاد الحكومة من دون خوف.

المشاركة السياسية والمدنية
أفادت أكثرية الرأي العام العربي بأنّها مهتمّة بالشؤون السياسية في بلدانها. وقد ارتفع الاهتمام في الشؤون السياسية في مؤشر 2015 مقارنة مع مؤشر 2014، ويقترب من النسب التي سُجّلت في مؤشر 2012 ـ 2013، ويتجاوز نسب الاهتمام التي سجلت في عام 2011. وتعتمد أكثرية المواطنين في المنطقة العربية على القنوات التلفزيونية في متابعة الأخبار السياسية (74%)، ثم شبكة الإنترنت (11%)، وحلّ في المرتبة الثالثة الراديو (7%) ثم الصحف اليومية بنسبة 5%. واحتلّت القنوات التلفزيونية الوطنية في البلدان المستطلعة المرتبة الأولى، بوصفها أكثر مصدر إعلاميّ معتمد للحصول على الأخبار السياسية، وجاءت قناةُ "الجزيرة" في المرتبة الثانية، تلتها قناة "العربية".




وأفاد 38% من المستجيبين بأنّهم لا يستخدمون الإنترنت، مقابل 61% قالوا إنّهم يستخدمونه بتفاوت. وقد شهد استخدام الإنترنت تزايداً عند مقارنة نتائج مؤشر عام 2015 بنتائج مؤشريْ 2014 و2012 ـ 2013. ويعدّ هذا الارتفاع جوهرياً من الناحية الإحصائية. ويملك 78% من مستخدمي الإنترنت حساباً على موقع "فيسبوك"، و34% على موقع "تويتر". إنّ أكثريّة مستخدمي "فيسبوك" و"تويتر" تقوم باستخدامهما للتفاعل مع قضايا سياسية. وإنّ نسب الانتساب إلى منظّمات مدنية وأهلية طوعية، هي نسبٌ منخفضة في المنطقة العربية، ولا تتجاوز 14%. وتصبح النسبة أقل من ذلك، إذ أخذنا في الاعتبار مدى مشاركة المستجيبين في الهيئات التي أفادوا بأنهم منتسبون إليها. ولا تنتسب أكثرية مواطني المنطقة العربية (54%) إلى أحزابٍ سياسية، ولا يوجد حزبٌ سياسي يمثّلها. ويتركز المستجيبون الذين أفادوا بأنهم منتسبون لأحزابٍ أو أنّ هنالك أحزاباً تمثلهم في موريتانيا، والمغرب، وتونس، والجزائر، وفلسطين، والعراق ولبنان.

دور الدين في الحياة العامة والسياسية
أفادت أكثرية مواطني المنطقة العربية بأنّها متديّنة إلى حد ما (63%)، في مقابل (24%) أفادت بأنها متديّن جدًّا، و9% قالت إنها غير متديّنة. وتنحاز أغلبية الرأي العام إلى التركيز على سماتٍ أخلاقية وقيمية، بوصفها أهم شرطٍ يجب توافره في شخصٍ ما كي يعدّ متديناً. كما ترفض أغلبية الرأي العام مقولة أنّ كلّ شخص غير متديّن هو شخص سيء. وترفض أغلبية الرأي العام أيضاً تكفير الذين ينتمون إلى أديانٍ أخرى، أو الذين لديهم وجهات نظرٍ مختلفة في تفسير الدين. وعلى الرغم من أنّ أكثرية المستجيبين من المتدينين، إلا أن أكثرية المواطنين لا فرقَ لديها في التعامل (الاقتصادي والاجتماعي والسياسي) بين المتديّنين وغير المتديّنين.
وترفض أغلبية الرأي العام أن يؤثّر رجال ـ شيوخ الدين في قرارات الحكومة، أو في كيفية تصويت الناخبين، كما ترفض هذه الأكثريّة أن تستخدم الدولة الدين للحصول على تأييد الناس لسياساتها، وترفض أيضاً أن يستخدم المرشَّحون في الانتخابات الدينَ من أجل كسب أصوات الناخبين. ويبدو الرأي العام في المنطقة العربية منقسمٌ على نحوٍ متقارب في مسألة فصلِ الدين عن السياسة، مع الانحياز لفصل الدين عن السياسة.

اقرأ أيضاً: الفقر في دول المغرب العربي ليس قضاءً وقدراً

اتّجاهات الرأي العام نحو الشعوب العربية
ترى نسبة 79% من الرأي العام العربي أنّ شعوب المنطقة تمثِّل أمّةً واحدة، وإنْ تمايزت الشعوب عن بعضها بعضاً، مقابل 18% يعتقدون أنّها تمثِّل أمماً وشعوباً مختلفة، وبينها روابط ضعيفة. وتقيّم أكثرية الرأي العام العربي السياسات الخارجية الإيرانية والأميركية والروسية نحو المنطقة العربية تقييماً سلبياًّ. ويكاد يكون الرأي العام مجمعاً على أنّ السياستين الإيرانية والأميركية سلبية تجاه المنطقة العربية، بينما كان تقييم السياسات التركية والصينية والفرنسية أكثر إيجابية. وبدا أن تقييم السياسات الأميركية والروسية والإيرانية في عام 2015 أكثر سلبية منها في عام 2014.

وترى أغلبية الرأي العام العربي (75%) أن القضية الفلسطينية هي قضية جميع العرب، وليست قضية الفلسطينيين وحدهم. وتعارض أكثرية الرأي العام اتفاقيّات السلام الموقَّعة بين أطرافٍ عربية وإسرائيل (كامب ديفيد، وأوسلو، ووادي عربة). ويرفض 85% من الرأي العام العربي أن تعترف بلدانُه بإسرائيل. مقابل 9% من المستجيبين الذين أفادوا بقبولهم بالاعتراف بإسرائيل. نصف الذين وافقوا على أن تعترف بلدانهم بإسرائيل بشرط أن يتم إنشاء دولة فلسطينية مستقلة. وفسّر الذين يعارضون الاعتراف بإسرائيل موقفهم حسب عوامل وأسباب، يرتبط معظمها بالطبيعة الاستعمارية والعنصرية والتوسعيّة لإسرائيل. ويوافق 67% من الرأي العام العربي على أنّ إسرائيل والولايات المتحدة مجتمعتين هما الدولتان الأكثر تهديداً لأمن الوطن العربي، فيما أفاد 10% بأنّ إيران هي الدولة الأكثر تهديداً. وتؤيّد أكثرية الرأي العام العربي (63%)، خلوّ منطقة الشرق الأوسط من السلاح النووي، إلّا أنّها منقسمة في مقولة أنّ "امتلاك إسرائيل للسلاح النووي يبرّر سعي دول أخرى في المنطقة إلى امتلاكه".



الثورات العربية

أظهرت نتائج الاستطلاع أنّ هناك انقساماً في الرأي العام العربي تجاه ثورات الربيع العربي وتطوّراتها، إذ أنّ 34% من المستجيبين يرون أنّها إيجابية و59% يرون أنّ ثورات الربيع العربي وتطوّراتها سلبية.
وفسّر الذين قيّموا الثورات العربية بأنّها إيجابية، موقفهم بأنّها أطاحت أنظمةَ استبدادٍ، وأسست لقواعد نظامٍ ديمقراطيّ، ومنحت المواطنين حرية التعبير عن الرأي، وأطاحت أنظمةً فاسدةً، وأنها تمثل صحوةً للشعوب العربية، واستعادت إرادتها وكرامتها.

اقرأ أيضاً: مسار فيينا: فرص الحل وتحدياته أمام المعارضة السورية

لم ينطلق الذين قيّموا الثورات بأنها سلبية من موقفٍ مُعادٍ للثورة، بل فسّروا تقييمهم السلبي للثورات العربية نتيجةً الخسائرَ البشريّة الكبرى، وعدم تحقيقها أهدافها، وانتشار الفوضى وغياب الأمن، وخراب دول ومؤسساتها ودمارها، وتأزم الأوضاع في بعض البلدان وعدم استقرارها. إنّ 5% فقط من جميع المستجيبين الذين قيّموا الثورات العربية بأنها سلبية، أفادوا أنهم ضد ثورات الربيع العربي أصلًا. من الجلي بالملاحظة أن 90% من الذين قيموا الثورات العربية بالسلبية كانوا يقيمون التطورات اللاحقة للثورات، وليست الثورات، بمعنى آخر كانوا يقيمون ما آلت إليه الثورات عام 2015.

انقسم الرأي العام العربي بين متفائل ومتشائم نحو مستقبل ثورات الربيع العربي؛ إذ أفاد ما نسبته 48% أنّها تمر بمرحلة تعثّر، إلاّ أنها ستحقق أهدافها في نهاية المطاف، في مقابل 35% يرى أنّ الربيع العربي انتهى وعادت الأنظمة السابقة إلى الحكم. انّ هذا تغييرًا جوهريًا في تقييم الرأي العام مقارنة باستطلاع عام 2014، إذ كان نحو ثلثي الرأي العام العربي متفائلًا بتحقيق الربيع العربي أهدافه. إنّ استمرار حالة الفوضى في بعض البلدان وميل بعض الأنظمة نحو السلطوية من شأنه الحد من التفاؤل بالثورات العربية.

ويرى مواطنو المنطقة العربية أنّ التدهور الأمني في بعض البلدان وتدهور الأوضاع الاقتصادية والتدخل الخارجي وظهور الحركات المتطرفة وتحريض قوى الأنظمة السابقة وتحريض وسائل الإعلام عوامل رئيسة ساهمت في تعثّر الربيع العربي. وعبّر مواطنو المنطقة العربية عن أنّ لديهم بعض المخاوف، أو مخاوف عديدة، من زيادة نفوذ الحركات الإسلامية السياسية، وكذلك من زيادة نفوذ الحركات العلمانية (غير الإسلامية).
كما أفاد 57% من المستجيبين بأنّ لديهم مخاوف من الحركات الإسلاميّة السياسية، في مقابل 36% قالوا إنهم ليس لديهم مخاوف منها. وأفاد 61% من المستجيبين بأنّ لديهم مخاوف من الحركات العلمانية، في مقابل 33% أفادوا أنهم ليس لديهم مخاوف منها. ويعبّر وجود مخاوف من الحركات الإسلامية والعلمانية في آنٍ واحد عن حالة انقسامٍ واستقطابٍ في الرأي العام العربي. وبما أنّ القطاعات التي عبّرت عن مخاوف قد فسّرت ذلك بأسباب واضحة لقلقها تجاه هذين التيارين، إضافة إلى وجود قطاعٍ مشتركٍ بين الذين لديهم مخاوف من الأحزاب الإسلامية والأحزاب العلمانية في الوقت نفسه، فإنّ عدم التوافق بين هذه القوى، وعدم قدرتها على تبديد مخاوف المواطنين سيكون معوِّقًا للتحول الديمقراطي، ويفسح المجال لأجهزة ومؤسسات غير ديمقراطية لاستغلال هذه المخاوف والاتجاه إلى السلطوية أو مزيد من السلطوية.



"داعش"

أفاد 99% من الرأي العام في المنطقة العربية بأنّ لديه معرفة بتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). وأفاد 76% من الرأي العام العربي، بأنه يتابع، بدرجات متفاوتة، التطورات المتعلقة بـ"داعش". ويعتمد أكثرية الذين يتابعون التطورات المتعلقة بالتنظيم على التلفزيون بنسبة 59%، ثم على الإنترنت. ولدى أغلبية الرأي العام العربي نظرة سلبية تجاه "داعش" وبنسبة 89%، مقابل 3% فقط أفادوا أنّ لديهم نظرة إيجابية، و4% لديهم نظرة إيجابية إلى حدٍ ما. وقد ارتفعت نسبة الذين أفادوا أنّ لديهم نظرة سلبية تجاه داعش من 85% في عام 2014 إلى 89% في عام 2015. وإن نسبة الذين لديهم نظرة إيجابية تجاه "داعش" بين "المتدينين جدًا"، مساوية للذين لديهم نظرة إيجابية بين "غير المتدينين". وتنقص هذه النسبة بين "المتدينين إلى حدٍ ما". وتتطابق نسبة الذين لديهم نظرة إيجابية تجاه "داعش" بين من أنصار أن تكون "الممارسات الدينية ممارسات خاصة، يجب فصلها عن الحياة العامة" وبين معارضيها. كما أنّ الذين لديهم نظرة إيجابية تجاه "داعش" تتطابق بين الموافقين على "استخدام الفوائد في المصارف" ومعارضيها.

وفضلاً عن ذلك، إن نسبة الذين لديهم نظرة إيجابية تجاه "داعش" بين المؤيدين لفصل الدين عن السياسة وبين المعارضين لفصل الدين عن الدولة شبه متطابقة. وهذا يعني بشكل جلي أنّ النظرة الإيجابية تجاه "داعش" ليست على أرضية التقاطع الديني والفكري والأيديولوجي، بل انطلاقاً من موقف سياسي. وإنّ ثلث المستجيبين أكدوا على عناصر مرتبطة بالدين عوامل لقوة "داعش" بين مؤيديها، بينما أكدت أغلبية الرأي العام على عوامل سياسية مرتبطة بالأحداث في الإقليم.

ويرى 22% من الرأي العام أنّ من أهم عناصر قوة "داعش" بين مؤيديه هو الإنجازات العسكرية، و18% يرون أنه التزام المبادئ الإسلامية، و13% يرون أنّه لاستعداده لمواجهة الغرب، و9% لقوله بالدفاع عن أهل السنة. ويرى 38% أن "داعش" هو نتاج المنطقة ومجتمعاتها وصراعاتها. ويرى 50% أنّ "داعش" صناعة خارجية. كما يرى 48% أنّه نتاج وجود التطرف والتعصب الديني في مجتمعات المنطقة.
ويبدو الرأي العام العربي غير متوافقٍ على إجراءٍ واحدٍ لمحاربة الإرهاب، والقضاء على "داعش"، فهناك 28% يرون أنّ أهم إجراءٍ هو دعم التحول الديمقراطي، و18% يرون حلّ القضية الفلسطينية، و14% يرون وقف التدخل الأجنبي، و14% يرون تكثيف العمل العسكري ضد التنظيم، و12% أفادوا بأنّ الإجراء الأهم هو حل الأزمة السورية، بما يتناسب مع تطلعات الشعب السوري. إنّ عدم التوافق هذا يُظهر أنّ الرأي العام العربي مركبٌ وليس أحادي الجانب.

الرأي العام والأزمة السورية

ركز 42% من المستجيبين على دعم التحول الديمقراطي، وإيجاد حلٍ للأزمة السورية بما يتناسب مع تطلعات الشعب السوري، وتغيير السياسات الطائفية للحكومة العراقية، كأهم الإجراءات لمحاربة "داعش". وجميع هذه الإجراءات مرتبطة بإنهاء دور الأسد والتحول الديمقراطي وبناء المواطنة. وفضلًا عن ذلك، قال 18% إنّ هذا الأمر مرتبط أيضاً بحل القضية الفلسطينية، وهو أمر يرتكز على الحرية والانتهاء من الاحتلال وتحقيق العدل للشعب الفلسطيني، أي أنّ 60% من المستجيبين ركزوا على قضايا تتعلق بالديمقراطية والعدل لمحاربة التطرف والإرهاب. ما زال الرأي العربي منحازًا إلى أنّ تغيير النظام هو الحل الأمثل في سورية بنسبة 62%، فيما رأى 12% بأنه يجب القضاء على الثورة والمعارضة حلاً أمثل، ورأى 8% أنّ الحل الأمثل سلميٌ بمشاركة جميع الأطراف، وأفاد 9% أنّ الحل الأمثل هو القضاء على "داعش"، ثم الحلّ السلمي بين أطراف الأزمة (معارضة ونظام).

الاتفاق النووي الإيراني
الرأي العام العربي منقسم حول تأييد الاتفاق النووي الإيراني، 40% عبروا عن تأييدهم للاتفاق مقابل 32% أفادوا معارضته. ويُبيِّن تحليل أسباب تأييد الاتفاق النووي الإيراني ومعارضته، أنّ 31% من المستجيبين حددوا رأيهم انطلاقًا من موقفٍ رافضٍ لسياسات إيران التدخلية في المنطقة العربية، إضافة إلى ما تمثله من خطرٍ على أمن بعض البلدان العربية. ومن الجدير بالذكر أنّ 16% من المستجيبين قد عارضوا الاتفاق انطلاقاً من أنه يعدّ رضوخاً من إيران للولايات المتحدة، ويصبّ في مصلحة إسرائيل. ويرى 32% من الرأي العربي أنّ إيران هي المستفيد الأكبر من الاتفاق النووي، و31% الولايات المتحدة، و15% قالوا إنّ إسرائيل هي المستفيد الأكبر، و8% فقط قالوا إنّ الدول العربية هي المستفيد، بينما قال 38% من الرأي العام العربي البلدان العربية هي المتضرر الأكبر من الاتفاق النووي الإيراني.

اقرأ أيضاًإشكالية الإنجليزية في التعليم الخليجي بمنتدى المركز العربي

المساهمون