وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد أعلنت قبل ذلك بساعات عن فرض عقوبات على البنك المركزي الإيراني، بما يحرمه من التحويلات والتعاملات المالية الدولية بالدولار.
وقد أوضح إسبر، في المؤتمر الصحافي الذي عقده مع رئيس هيئة الأركان الجنرال جوزف دانفورد، أن الغرض من هذه الخطوة "مساعدة السعودية لتعزيز دفاعاتها". وأضاف أن هذا الإجراء يشكل "الخطوة الأولى" في إطار الرد على هجمات أرامكو التي تنتظر واشنطن "التحقيقات السعودية بشأنها".
وتجدر الاشارة إلى أن مهمة هذه القوات التي تقرر إرسالها تقنية وليست قتالية. تماما كتلك التي سبقتها في مطلع الصيف لتشغيل شبكات الدفاع المضادة من "باتريوت" وغيرها من وسائل الدفاع. صيغة رد رست عليها الإدارة بعد أسبوع من الجدل والتباين والبحث عن مخرج يحفظ ماء الوجه، ويكون من خارج الخيار العسكري الذي نأى عنه الرئيس ترامب من البداية وما زال. يسانده في هذا التوجه فريق متزايد في حجمه، يرفع شعار "هذه ليست حربنا". اعتراض يتعالى صوته من قبل جهات مختلفة ليبرالية ومحافظة، إما ناقمة على المملكة بسبب حرب اليمن ومقتل جمال خاشقجي، وإما لأنها لا تضع السعودية في خانة الحليف أصلاً. فهي "لا تربطنا بها معاهدة دفاعية ولا هي عضو في حلف الناتو، وبالتالي لماذا ينبغي علينا الرد عسكرياً على هجوم وقع عليها وليس علينا؟"، كما قال السياسي والكاتب المحافظ باتريك بيوكانن.
في المقابل، كانت هناك وما زالت أصوات ضاغطة في الاتجاه المعاكس على البيت الأبيض. ومنها ما صدر عن الصف الموالي للرئيس. أصوات حضّت علناً على وجوب القيام برد عسكري "لئلا تفسر إيران غيابه على أنه علامة ضعف"، كما شدد السناتور الجمهوري لاندسي غراهام المقرب من الرئيس. وليس سراً أن الوزير بومبيو يميل ضمناً نحو هذا الخيار بعكس وزير الدفاع إسبر الذي ما زال يقول إن البنتاغون لم يحسم بعد بمسؤولية إيران عن هجمات أرامكو.
وسط هذا التلاطم طلعوا بمخرج التسليح الملائم لموقف الرئيس ترامب، والذي ليس في حقيقته أكثر من "ترضية" وتطمين. سبق وأرسلت واشنطن تعزيزات من ألف جندي إلى المنطقة بعد حوادث ناقلات النفط في يونيو/حزيران الماضي. لكنها لم تكن كافية لردع هجمات أرامكو. في هذا الصدد، تكررت في الأيام الأخيرة تساؤلات وعلامات استفهام حول أكوام السلاح الذي اشترته السعودية، والذي لم يظهر له أثر لا في التصدي ولا في الرد.
في مؤتمره الصحافي اليوم مع رئيس وزراء أستراليا، قال ترامب إن لديه "متسعا من الوقت" وإنه غير مستعجل على المواجهة. في الواقع هو ليس في وارد المواجهة. لوّح بالهراوة أكثر من مرة في أكثر من أزمة. وفي كل مرة كان يتراجع. لكن تراجعه هذه المرة مختلف. يحمل دلالات فارقة. رمزية رده على عملية بوزن وحجم وخطورة ضرب أرامكو، تنطوي على رسالة مفادها أن معادلة تأمين الطاقة مقابل تأمين الحماية، والسارية منذ ثلاثينيات القرن الماضي، قد انتهى مفعولها. بعد الآن، صارت تأمين السلاح والدعم من الخلف، نقلاً عن إدارة أوباما التي مارست "القيادة من الخلف".