تسريب صوتي لمدير حملة بوتفليقة يهدد فيه بإطلاق النار على المتظاهرين

28 فبراير 2019
الناشطون رفضوا تهديدات سلال وحداد (بلال بنسالم/Getty)
+ الخط -

أحدث تسريب مثيرٌ لمحادثة بين عبد المالك سلال مدير الحملة الانتخابية للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، مع علي حداد رئيس منتدى رؤساء المؤسسات (الكارتل المالي)، الذي يجمع رجال الأعمال الموالين للسلطة، تضمن تهديدات باستعمال السلاح ضد المتظاهرين، جدلاً سياسياً وشعبياً في الجزائر، وردود فعل واسعة.

ويسمع في التسجيل المسرب حداد، وهو يبلغ مدير حملة بوتفليقة بمخاوف قيادات في جهاز الاستخبارات بشأن توسع المظاهرات وامتدادها إلى عمق البلاد ووسطها. 

ويقول حداد: "كنت مع إسماعيل (مدير مركزي في جهاز المخابرات)، وهم متخوفون من أن تمتد المظاهرات إلى داخل البلاد"، ليرد سلال، الذي سبق أن شغل منصب رئيس حكومة سابق، بشكل مطمئن بأن المظاهرات (الرافضة للعهدة الخامسة) "لن تمتد".

وأبلغ حداد سلال بخروج الطلبة في منطقة شرقي العاصمة الجزائرية بشكل عنيف، قبل أن يرد عليه مدير الحملة الانتخابية لبوتفليقة: "إذا استعملوا العنف فإن الدرك الوطني سيرد. الدرك لا يتساهل".

وخلال المحادثة يسمع حداد وهو يقول: "يجب أن نتحمل حتى الثالث من مارس/ آذار، تاريخ إيداع ملف ترشح بوتفليقة، مهمتنا اليوم هي الصمود". ورد عليه سلال بقوله: "هم يظنون أنه من السهل أن ينسحب عبد العزيز بوتفليقة"، قبل أن يشير إلى اطلاعه على تحليل كتبه المحلل السياسي أنطوان بسبوس "رغم أنه يكره الرئيس"، ويبدي مدير حملة بوتفليقة إعجابه بما كتبه بسبوس: "الأمور لن تكون سهلة، خروج خمسة أو عشرة آلاف في ولاية ما أمر عادي".

ويكشف التسريب عن بداية جدية لتصدع في جبهة بوتفليقة، وبروز مؤشرات حياد عدد من الشخصيات المقربة من السلطة، ويظهر امتعاض مدير حملة بوتفليقة من ذلك، حيث يقول: "أرى أن هناك بعض الشخصيات (يقصد من الموالاة) حيّدوا أنفسهم. لقد قدمت لهم التطمينات وقلت لهم لا يجب أن تخافوا، لأن لدينا دولة". 

وفي المحادثة المثيرة، يسمع صوت سلال وهو ينتقد بشدة غياب وزراء الحكومة عن مكاتبهم الجمعة الماضي، تزامنا مع المسيرات الكبرى في الجزائر العاصمة وباقي المدن، وقال: "الجمعة الماضي الحكومة كلها غائبة، عدا وزير الداخلية الذي كان في مكتبه.. باقي الوزراء لم يكن أي منهم في مكتبه في هذه الظروف، بمن فيهم وزير الشؤون الدينية الذي يفترض أن يكون يوم الجمعة في مكتبه".

وتظهر المحادثة تخطيط مجموعة الرئيس بوتفليقة لإحباط مسيرات الجمعة المقبل، حيث تعهد رئيس الكارتل المالي بالعمل على منع المواطنين من النزول إلى الشارع، فيما أعلن مدير حملة بوتفليقة أنه سيتوجه الجمعة إلى مدينة عين وسارة، الواقعة 280 كيلومترا جنوبي العاصمة الجزائرية، وهدد باستعمال سلاح حرسه الخاص والمرافق في حال تعرض لاعتداء من قبل المتظاهرين أو أغلقت الطريق في وجهه: "أنا متوجه الجمعة إلى عين وسارة، وليغلقوا الطريق، وإذا أطلقوا سنطلق".

ويفهم من المحادثة استياء سلال من سلسلة التكريمات التي تتم لـ بوتفليقة في الفترة الأخيرة، معتبراً أنها تسيء لصورته.

وطلب سلال من مسؤول الزوايا الذي سيستقبله الجمعة "عدم القيام بأي تكريم من هذا النوع"، وقال: "يجب أن نتوقف عن هذه المسخرة، لأنها خطأ اتصالي كبير".

ولا تُعرف الجهة التي سربت تسجيل المكالمة الهاتفية، وإن كانت بعض المعلومات غير المؤكدة قد رجحت أن جهة من داخل جهاز الاستخبارات قد تكون وراء تسريب المكالمة، خاصة بعد ورود معلومات عن إقالة مدير مركز مختص في المراقبة والرصد الأمني تابع لجهاز الاستخبارات، بعد تسريب المكالمة المثيرة.

 

ورد الناشطون على تهديدات سلال وحداد بالقول إنها بلا جدوى.

وقال الناشط في الحراك سمير بلعربي إن "هذا التسريب يؤكد أن المجموعة التي تتبنى مشروع العهدة الخامسة باتت مرتبكة وغير قادرة على المبادرة"، مضيفا أن "هكذا تهديدات لا معنى لها، ولن يستطيع أحد صد الحراك الشعبي إلا إذا تحقق المطلب". 

إلى ذلك، يجري محامون مشاورات لرفع دعاوى قضائية ضد رئيس الحكومة الأسبق عبد المالك سلال، وزعيم الكارتل المالي علي حداد، بتهمة التخطيط لإثارة الفوضى والتهديد باستعمال السلاح.

واعتبر مراقبون أن تسريب المكالمة في هذا التوقيت يؤشر على أن جهة ما داخل السلطة تؤيد الحراك الشعبي، وتسعى لمساعدته عبر كشف خطط مجموعة بوتفليقة وتحركاتها والأدوات التي تعتمدها من أجل تمرير مشروع الولاية الرئاسية الخامسة.