تعامل أميركي مختلف في اليمن على جبهتي "القاعدة" والانقلاب

20 ابريل 2017
تحول لافت مع إدارة ترامب (Getty)
+ الخط -
في الأسبوع الأول، لتربّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على عرش البيت الأبيض، دشنت الولايات المتحدة مرحلة جديدة من تدخلها في اليمن، من بوابة الحرب على الفرع اليمني لتنظيم "القاعدة"، وفي جانب آخر أطلقت تصريحات متشددة ضد إيران والحوثيين وإعادة علاقاتها مع التحالف العربي بقيادة السعودية. ومع التسليم بالتغير الأميركي ضد كل من تنظيم "القاعدة" وجماعة الحوثيين، بدا واضحاً خلال الأسابيع الماضية، تراجع محدود بوتيرة الغارات ضد "القاعدة"، وعودة التصريحات المطالبة بالعودة إلى المفاوضات.


وخلال الـ72 ساعة الماضية، نفذت طائرات أميركية بدون طيار، غارتين على الأقل، استهدفتا مشتبهين بالانتماء لتنظيم "القاعدة"، أثناء تنقلهم على مركبات. ووقعت الغارة الأولى في محافظة شبوة جنوبي البلاد، فيما استهدفت الغارة الأخرى سيارة لمشتبهين بالانتماء للتنظيم، في منطقة آل شبوان، بمحافظة مأرب وسط البلاد. ونتج عن الغارتين، مقتل ستة أشخاص كانوا على متن السيارتين.


وتقول مصادر محلية وأخرى متخصصة بمتابعة تطورات ملف الحرب على الإرهاب لـ"العربي الجديد"، إن وتيرة الضربات الأميركية، وعلى الرغم من استمرارها، بحيث لا تخلو ثلاثة أو أربعة أيام من غارة جوية هنا أو هناك، إلا أنها تراجعت نسبياً، مقارنة بما بدا عليه التصعيد من نهاية فبراير/ شباط وحتى مطلع مارس/ آذار المنصرم. ونفذت حينها واشنطن عشرات الضربات الجوية ومحاولات إنزال بحري وجوي، بالإضافة إلى القصف بالبارجات الحربية المتواجدة في بحر العرب، ضد أهداف بمحافظة أبين الساحلية والواقعة إلى الشرق من عدن.


ووفقاً لتصريحات صحافية أطلقها المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، جيف ديفيس، نفذت واشنطن ما يزيد عن 70 غارة جوية منذ 28 من فبراير/ شباط وحتى 14 من أبريل/ نيسان الجاري. وأكد أنها ستستمر بعملياتها ضد التنظيم بما في ذلك استهداف "العناصر الإرهابية المعروفة"، كما أشار في الوقت ذاته، إلى تواجد محدود للقوات الأميركية في جنوب اليمن ضد إرهاب تنظيم "القاعدة".


وبالنظر إلى ماضي الضربات الأميركية في اليمن والتي بدأت منذ أواخر العام 2009، يعتبر تنفيذ 70 غارة جوية خلال ما يقارب شهراً ونصف، رقماً كبيراً واستثنائياً يعكس التصعيد الأميركي في الحرب. ومع ذلك، تؤكد مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، أن الضربات تم تنفيذها بأوقات متقاربة في النصف الأول من مارس/ آذار الماضي، وتراجعت وتيرتها لاحقاً مع اتخاذ مسلحي التنظيم احتياطات استباقية تسعى لتقليل خسائر العمليات الأميركية، من خلال تجنب التجمعات والتقليل من نسبة التنقل على مركبات وغيرها من الاحتياطات.


يشار إلى أن التصعيد الأميركي بالحرب ضد "قاعدة اليمن"، أحد أقوى فروع التنظيم في العالم، بدأ في الـ28 من يناير/ كانون الثاني من العام الجاري (بعد ما يقارب أسبوعاً على تسلم إدارة الرئيس دونالد ترامب السلطة في الولايات المتحدة). ومع مطلع مارس/ آذار نفذت الطائرات الأميركية موجة غير مسبوقة من الضربات، تركزت في محافظات أبين وشبوة والبيضاء جنوب ووسط البلاد وامتدت إلى حضرموت شرقاً ومأرب وسطاً، وقتل على إثرها، العشرات من عناصر التنظيم بينهم قيادات بصفوفه.


في سياق آخر، أظهرت الإدارة الأميركية الجديدة سياسة مغايرة لما كان سائداً في العامين الأخيرين لإدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، تجاه المواجهات الدائرة بين الحكومة الشرعية المدعومة من التحالف العربي من جهة، والحوثيين وحلفائهم الموالين للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح من جهة أخرى. وجمّد وزير الخارجية الجديد، ريكس تيلرسون، بشكل غير معلن، مبادرة سلفه، جون كيري، وأطلق تصريحات داعمة للمملكة العربية السعودية، وترجمها برفع بعض القيود التي كانت إدارة أوباما فرضتها في الشهور الأخيرة قبل رحليها، فيما يتعلق ببيع الأسلحة إلى السعودية.



إلى ذلك، خففت واشنطن من ضغوطها التي كانت تعيق توجه الحكومة اليمنية والتحالف العربي بالقيام بعملية عسكرية ضد الحوثيين في مدينة الحديدة الساحلية، والواقعة غربي البلاد. ووجهت أميركا، في تصريحات أكثر من مرة، أخيراً، انتقادات للحوثيين بتلقي الدعم من إيران، بما في ذلك الصواريخ التي تهدد المملكة العربية السعودية.


وقال تيلرسون في مؤتمر صحافي أمس الأربعاء إن إيران تتابع "دعم محاولات الحوثيين لإسقاط الحكومة من خلال توفير العدة والأموال والتدريب مما يهدد حدود السعودية الجنوبية"، في مؤشر على تعامل أميركي مختلف إزاء اليمن، يجد الحوثيون معه أنفسهم، محاصرين أكثر من أي وقتٍ مضى.


وكان لافتاً تركيز الحوثيين، على التصريحات التي أطلقها وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، يوم الثلاثاء الماضي، عشية زيارته إلى السعودية، والتي كان قد دعا من خلالها إلى العودة لمحادثات السلام في اليمن، وإنه "يجب إيجاد حل سياسي من خلال مفاوضات تتوسط فيها الأمم المتحدة لإنهاء الصراع في اليمن". وهو تُصريح فُسر بأنه يعبر عن مراجعة أميركية جديدة، بدعم جهود السلام في اليمن، جنباً مع دعم التحالف.


وعلى الرغم من تصريحات ماتيس التي تحدث من خلالها عن رفض بلاده وجود نسخة من "حزب الله" في اليمن، نشرت وكالة الأنباء اليمنية التي يديرها الحوثيون، خبراً منسوباً إلى مصدر في "المجلس السياسي الأعلى" (واجهة سلطة الانقلابيين المؤلف بين الجماعة وحلفائها)، يتضمن الترحيب بأي موقف دولي يدعم الحل بالتفاوض. وجاء في الخبر "تابعنا التصريحات المنسوبة لوزيري الخارجية والدفاع الأميركيين، وإذ نؤكد على موقفنا الثابت من السلام العادل الذي يحفظ لليمن سيادته وكرامته وسلامة أراضيه فإننا نرحب بأي موقف دولي يدعم الحل التفاوضي والسياسي بما في ذلك خارطة الطريق التي قدمتها الأمم المتحدة ووزير الخارجية الأميركية السابق جون كيري كأرضية للتفاوض ولتشمل الجانب السياسي والأمني والعسكري". كما أكد "الاستعداد للمضي في المفاوضات دون شروط مسبقة".


وكان كيري أطلق مبادرة شهيرة في 25 أغسطس/ آب العام الماضي، استمر الجدل حولها أشهراً وخرجت أبرز مضامينها ضمن ما يُسمَّى "خارطة الطريق"، التي تقدمت بها الأمم المتحدة، لكن حديث الحوثيين عنها بهذا التوقيت في الذات، والذي جاء بأقل حدة تجاه الولايات المتحدة، يثير التساؤلات. والأكثر من ذلك، هو حذف الخبر بعد ساعات من نشره، واستبداله بخبر آخر، منسوب لوزير الخارجية في حكومة الانقلابيين، هشام شرف، حمل تقريباً ذات المضامين مع عدم الإشارة إلى مبادرة كيري، الأمر الذي قد يعكس تباينات في أوساط طرفي الانقلاب، أو ارتباكاً في إعلان المواقف على الأقل.

المساهمون