هل تنقذنا النقابة من جديد؟

26 يونيو 2016
يعوّل التونسيون على دور الاتحاد لإصلاح البلاد (ياسين القائدي/الأناضول)
+ الخط -
لم يكن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي مخطئاً عندما أكد أنه لا معنى لحكومة الوحدة الوطنية إذا لم تشارك فيها النقابة التاريخية في تونس، الذي يكتفي التونسيون بتسميتها بـ"الاتحاد"، على الرغم من وجود عشرات وربما مئات الاتحادات في البلاد، لكن يكفي أن تقول الاتحاد لتعرف أن المُشار إليه هو الاتحاد العام التونسي للشغل.

وأياً كانت نوايا السبسي في ذلك، توريط الاتحاد أو إنهاء حالة الوهن الإنتاجي الذي يقود البلاد إلى الهاوية، فإن طريق إصلاح الوضع يمرّ حتماً بساحة محمد علي، ساحة التجمعات العمالية على مدى العقود الماضية. لكن الأمر يبقى رهين رد فعل الاتحاد نفسه، الذي يمسك بأغلب خيوط اللعبة السياسية في تونس، ويتحكم في مسالكها ونتائجها، وهو ما أثبتته التطورات السياسية التونسية قبل وبعد الثورة.

ولم تفلح كل محاولات السيطرة على المنظمة أو التحكم فيها على الرغم من بعض حالات التراجع التي شهدتها، لكن لم يستطع أي نظام سياسي في تونس، منذ الاستقلال، أن يتجاوز المنظمة أو يتحرك في البلاد من دون مراجعتها. ويعرف التونسيون أن الاتحاد الذي قاد مشاورات الحوار الوطني، وأنقذ البلاد من الحرب الأهلية الوشيكة، ووصل بها إلى الانتخابات، هو الوحيد القادر على إخماد تمرّد بعض أحزاب المعارضة، وفرض هدنة إنتاجية مصيرية لمستقبل البلاد. وهو ما كان جلياً للعيان عندما استطاع فرض خارطة الطريق على الجميع، يميناً ويساراً على الرغم من المعارضات.

ويستطيع الاتحاد اليوم القيام بدور من جديد، إذا صدقت النوايا في إنقاذ البلاد، ولم تكن مجرد مناورات مرحلية، بفعل علاقاته المعروفة مع الجميع، ومنها حركة النهضة التي فهمت الدرس جيداً، وأصبحت من أصدقاء الاتحاد بعد فترة عداوة ومواجهة شرسة ميّزت علاقتهما نهاية 2013. أما إذا خرجت المنظمة من هذه المشاورات، فإن السيناريو سيكون كارثياً بكل ما للكلمة من معنى، الأمر الذي سيقود البلاد إلى أيام صعبة للغاية، وستعرف تطورات دراماتيكية، اجتماعياً واقتصادياً، وسياسياً، وستخلط كل الأوراق من جديد، وتعيد ترتيب اللعبة في تونس، بكل مكوّناتها.
المساهمون