انتخابات دوما موسكو بلا مرشحين عن المعارضة "غير النظامية"

08 سبتمبر 2019
نظمت المعارضة تظاهرات عدة في الصيف الحالي(ألكسندر نيمينوف/فرانس برس)
+ الخط -
يتجه الناخبون في العاصمة الروسية موسكو، اليوم الأحد، إلى مكاتب الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في يوم التصويت الموحّد لانتخابات مجلس الدوما (النواب) الخاصة بالعاصمة، بعد حملة رافقتها احتجاجات حاشدة، تنديداً باستبعاد مرشحي المعارضة "غير النظامية" بذريعة تجاوز النسبة المسموح بها من التواقيع الباطلة.
وتجري انتخابات دوما موسكو الذي يضمّ 45 نائباً فقط، بمشاركة 233 مرشحاً يمثل أغلبهم الأحزاب الثلاثة المعارضة المتمثلة في البرلمان: "الليبرالي الديمقراطي" و"الشيوعي" و"روسيا العادلة"، بالإضافة إلى "مستقلي" الحزب الحاكم. ويشهد يوم التصويت الموحد انتخابات حكام 16 إقليماً والمجالس التشريعية في 13 كياناً إدارياً روسياً، بما سيكشف عن نسبة التأييد الفعلية التي يتمتع بها "روسيا الموحدة" في مختلف أنحاء البلاد.

ولم تكتف السلطات الروسية أثناء الحملة باستبعاد جميع مرشحي المعارضة تقريباً، بل لجأت أيضاً إلى تفريق المحتجين بالقوة، معتقلة مئات المشاركين في التظاهرات "غير المصرح بها" من بلدية موسكو. كما صدرت أحكام قمعية بالسجن بحق بضعة منهم بتهمة "الاعتداء على أفراد الشرطة". وبعد نظرٍ في قضيته استمر ليومين فقط، أصدرت محكمة في موسكو عشية الانتخابات حكماً بالسجن أربع سنوات بحق الناشط قسطنطين كوتوف بتهمة "الانتهاك المتكرر لقانون التظاهر"، في ثاني حكم من نوعه بعد سجن الناشط المعارض، إلدار دادين، في نهاية عام 2015.
أما المعارض المستبعد من الانتخابات، إيليا ياشين، فأصدرت محكمة موسكو خمسة أحكام متتالية بحبسه إدارياً لمدة عشرة أيام، وفي كل مرة كان يتم توقيفه مجدداً بمجرد خروجه من السجن، لتبلغ المدة الإجمالية لغيابه عن المشهد السياسي 50 يوماً.

ووسط هذه الحملة الأمنية، تجاوزت انتخابات دوما موسكو، نطاق انتخابات مجلس محلي لا يتمتع بأي صلاحيات تُذكر، متحولة لسجالات حادة بين السلطة والمعارضة والشغل الشاغل للرأي العام الروسي ووسائل الإعلام المحلية والأجنبية، وسط توجيه جهات في السلطة الروسية أصابع الاتهام إلى الخارج. في هذا الإطار، اعتبر مدير عام "مركز المعلومات السياسية" في موسكو، أليكسي موخين، أن السلطات المحلية في العاصمة يتعين عليها أن تتقدم بالشكر إلى المعارضة "غير النظامية" لإثارتها تلك الضجة حول انتخابات هامشية بما قد يرفع نسبة المشاركة. وقال موخين لـ"العربي الجديد" إنه "يمكننا أن نتوقع نسبة مشاركة مرتفعة بين الناخبين الموالين رفضاً لمن حاولوا زعزعة الوضع، بينما سيختار المعارضون مقاطعة الانتخابات بدلاً من التصويت الاحتجاجي".

ومع ذلك، لم يستبعد موخين فوز مرشحي المعارضة "النظامية" ببعض الدوائر، بمن فيهم مرشحو الحزب الشيوعي، واصفاً مرشح حزب "يابلوكو" (تفاحة) غير المتمثل في البرلمان، سيرغي ميتروخين، بأنه "غير نظامي" فقط من ناحية الصورة التي يقدم بها نفسه، ولكنه فعلياً "لاعب قابل للاتفاق" مع السلطة.
وحول كيفية تعامل الأمن الروسي مع الاحتجاجات التي رافقت حملة الانتخابات، رأى أن السلطة "اتبعت سياسة العصا والجزرة، متسامحة مع التظاهرات المصرّح بها، ولكنها كانت في الوقت نفسه توقف منظمي التظاهرات، كما تم إصدار أحكام جنائية عدة لا تزال قابلة للطعن ستردع من يفكر في المشاركة في المظاهرات غير المصرح بها فيما بعد".



ولمّا كانت انتخابات دوما موسكو تجري وسط تراجع نسبة تأييد حزب "روسيا الموحدة" الحاكم إلى أدنى مستوى بلغ نحو 32 في المائة فقط في أغسطس/آب الماضي، توجه جميع مرشحيه لخوض الانتخابات كـ"مستقلين" لتفادي وصمة الحزب المتراجعة شعبيته. ومع بقاء عامين فقط على الانتخابات التشريعية في عموم روسيا عام 2021، ستحدد النسبة التي سيحصل عليها "روسيا الموحدة" في الانتخابات المحلية الحالية، كيفية تعامل الكرملين مع الاستحقاق المرتقب، وفق ما ذكرته صحيفة "إر بي كا" الروسية مطلع سبتمبر/أيلول الحالي.

وأفادت "إر بي كا" بأنه في حال حصول "روسيا الموحدة" على أقل من 40 في المائة من الأصوات في المتوسط بنظام القائمة النسبية في الأقاليم، فإن ذلك قد يفتح مجالاً للنقاشات حول تعديل نظام انتخابات مجلس الدوما الروسي ورفع نسبة النواب المنتخبين بالدوائر الفردية من 50 إلى 75 في المائة، في مقابل تقليص عدد النواب بالقائمة النسبية إلى الربع فقط. ومع ذلك، حذّر مصدر مقرّب من الكرملين من أن خفض حصة القائمة النسبية سيضعف النظام الحزبي وسيزيد من المخاطر السياسية، قائلاً في حديث لـ"إر بي كا": "عدلت موسكو قانونها حتى يتم انتخاب دوما موسكو كاملاً بنظام الدوائر الفردية. وماذا نشهد؟ قد نحصل على ما يجري في موسكو في كامل البلاد".