بدأت أجواء حرب تسود في أفق العلاقات الأميركية-الإيرانية، مع عودة واشنطن إلى فرض عقوبات على طهران، وتحذيرات من تصعيد أكبر، ليصبح الاتفاق النووي مهدداً بالسقوط أكثر من أي وقت مضى. خطوات واشنطن تجاه طهران بدأت بعد التجربة الصاروخية الإيرانية الأخيرة، وتحذيرات لها من "اللعب بالنار"، لتصل أمس الجمعة إلى حد إعلان عقوبات على أفراد وكيانات لهم علاقة بإيران، فيما كانت طهران تؤكد أنها لن تبدأ الحرب.
ولم يتوقف التصعيد الأميركي عند هذا الحد، إذ نشرت الولايات المتحدة مدمرة تابعة للبحرية قبالة اليمن لحماية الممرات المائية من المسلحين الحوثيين. وقال مسؤولان أميركيان لـ"رويترز" إن المدمرة "كول" وصلت قرب مضيق باب المندب قبالة جنوب غرب اليمن حيث ستنفذ دوريات تشمل مرافقة سفن. وأضافا أن هذا التحرك جزء من وجود متزايد هناك يستهدف حماية الملاحة البحرية من الحوثيين.
في غضون ذلك، بدا الموقف الإيراني حذراً في الساعات الأولى من يوم أمس قبل أن يتصاعد تدريجياً، إذ سبق العقوبات إعلان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أن إيران لا تعبأ بالتهديدات الأميركية لها بعد تجربتها الصاروخية، مؤكداً أن طهران لن تبادر بإشعال حرب. وقال ظريف في تغريدة على "تويتر" أمس قبل إعلان العقوبات: "إيران لا تعبأ بالتهديدات لأننا نستمد الأمن من شعبنا. لن نبادر بالحرب لكن يمكننا دوماً الاعتماد على وسائلنا في الدفاع". وأضاف: "لن نستخدم أسلحتنا ضد أي أحد أبداً عدا الدفاع عن النفس. دعونا نرى ما إذا كان أي طرف ممن يشتكون يمكنهم التصريح بالمثل".
أما بعد صدور العقوبات، اعتبرت الخارجية الإيرانية أن العقوبات الأميركية الجديدة غير قانونية، وتخرق قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بالاتفاق النووي، "ما يعني انتهاكاً للاتفاق". وأشار بيان الخارجية الإيرانية إلى أن العقوبات "تدلّ على سياسات أميركية غير ناضجة وغير مدروسة". وأفاد البيان بأن "طهران سترد بشكل مناسب على أي عقوبات تعرّض مصالح وأمن البلاد للخطر". كما أشار إلى "السلطات الإيرانية سترد بالمثل عبر فرض عقوبات على شخصيات وشركات أميركية ستعلن عنها لاحقاً". كما أكدت طهران أنها "لن تتراجع عن سياساتها، وبأن برنامجها الصاروخي سلمي ودفاعي ومشروع، ولا يتعارض مع القررات الدولية، ما يعني أن ملفات الأمن القومي الإيراني لن تخضع للتفاوض أو للمساومة، ولا يحق لأي طرف التدخل بها"، بحسب بيان الخارجية. دعم جمهوري لترامب
ويدعم جمهوريون بارزون في الكونغرس الأميركي فرض عقوبات على إيران. وأعلن رئيس مجلس النواب بول ريان ليل الخميس-الجمعة أنه يؤيد فرض المزيد من العقوبات على إيران وأنه يجب على الولايات المتحدة أن تتوقف عن "استرضاء" طهران. من جهته، قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور بوب كوركر لوكالة "رويترز" إن لجنته "في المراحل الأولية" للعمل على تشريع يتعلق بالقضية النووية. وأضاف أنه ناقش هذا الأمر في البيت الأبيض مع مستشار ترامب للأمن القومي مايكل فلين الأربعاء.
ووفق وجهة نظر ترامب وفريق المستشارين الذين يستمع لآرائهم، فإن الاتفاق النووي الذي توصّلت إليه الدول الست الكبرى مع إيران ووقّعه أوباما، هو أسوأ اتفاق تعقده الولايات المتحدة في تاريخها لأنه أعطى الإيرانيين كل شيء من دون مقابل. لهذا فإن إلغاء الاتفاق النووي مع إيران كان من أبرز عناوين الخطاب الانتخابي الذي تبنّاه ترامب خلال حملته الانتخابية الرئاسية.
وخلال تلك الحملة توقف المرشح الجمهوري ملياً عند "الإهانة" التي تعرض لها جنود المارينز الأميركيون الذين احتجزهم الحرس الثوري الإيراني بعد السيطرة على قاربين تابعين للبحرية الأميركية في مياه الخليج، والصور "المذلة" لأفراد المارينز التي وزعتها السلطات الإيرانية بعد الإفراج عن المحتجزين. أعقب ذلك الانتقادات التي أثارها الكشف عن دفع إدارة أوباما بشكل سري فدية مالية نقدية لطهران، خارج التزامات الاتفاق النووي، بلغت مليار وسبعمائة مليون دولار وذلك مقابل الافراج عن مواطنين أميركيين كانوا محتجزين لدى السلطات الإيرانية.
اقــرأ أيضاً
أضف إلى ذلك أن وجهة نظر إدارة ترامب، كما أعضاء الحزب الجمهوري الذين عارضوا توقيع الاتفاق النووي، تتبنى بالكامل موقف رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو، الذي يرى أن الاتفاق النووي جعل من إيران دولة نووية ولن يمنعها من امتلاك سلاح نووي عاجلاً أم آجلا، وهو لا يرى أي حل لهذه المعضلة إلا من خلال توجيه ضربة عسكرية لتدمير المنشآت النووية الإيرانية. وهو خيار لم يستبعده الرئيس الأميركي الجديد عندما سئل عن طبيعة الرد الأميركي على التحديات الإيرانية، علماً أن الملف الإيراني والاتفاق النووي سيكونان في طليعة العناوين المقرر أن يبحثها ترامب مع نتانياهو خلال استقباله له في البيت الأبيض في الخامس عشر من الشهر الحالي.
وقد لا يكون من قبيل الصدف الحرص اللافت لإدارة ترامب في اليومين الماضيين على إثارة مسألة توسع النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط والتأكيد أن جهودها في المستقبل القريب ستنصبّ على الحد من تمدد هذا النفوذ في العراق واليمن وسورية ولبنان، والرد على التجاوزات والاعتداءات الإيرانية في مياه الخليج العربي والبحر الأحمر، وهو ما عبّر عنه ترامب خلال الاتصال الهاتفي الذي أجراه مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز والذي تحدث فيه أيضاً عن ضرورة إقامة مناطق آمنة في سورية.
ومثّلت التجربة الصاروخية الإيرانية امتحاناً مبكراً لنوايا إدارة ترامب وخططها المعلنة والسرية لكبح جماح التحديات الإيرانية للوجود العسكري الأميركي في منطقة الخليج العربي. وتبقى العملية العسكرية التي نفذتها القوات الأميركية في اليمن، ضد من قالت إنهم من تنظيم "القاعدة" ودخول الجنود الاميركيين في معركة برية، مؤشراً واضحاً على تغيير الاستراتيجية العسكرية الاميركية في التعامل مع التهديدات والمخاطر التي تواجه الدور الأميركي في المنطقة.
وأثبت ترامب أن أجندة إدارته نسخة طبق الأصل عن خطابه الانتخابي، وبالتالي فإن أي خطوة أو رد فعل إيراني غير محسوب قد تكون نتيجته إلغاء الاتفاق النووي مع إيران الذي وقّعه أوباما، وهي خطوة تجنّبت إدارة ترامب الإقدام عليها رداً على إطلاق طهران صاروخاً باليستياً، على اعتبار أن قضية الصواريخ الإيرانية بعيدة المدى لم يجر التعامل معها في اتفاق فيينا الذي اقتصرت بنوده على مراقبة البرنامج النووي الإيراني وضمان عدم حصول طهران على سلاح نووي.
ولا يعني توتر العلاقات بين الإدارة الأميركية وإيران، والذي قد يتصاعد في الأيام القليلة المقبلة ومع اقتراب اجتماع ترامب ونتنياهو، أن المواجهة العسكرية مع إيران باتت محتومة.
اقــرأ أيضاً
وخلال تلك الحملة توقف المرشح الجمهوري ملياً عند "الإهانة" التي تعرض لها جنود المارينز الأميركيون الذين احتجزهم الحرس الثوري الإيراني بعد السيطرة على قاربين تابعين للبحرية الأميركية في مياه الخليج، والصور "المذلة" لأفراد المارينز التي وزعتها السلطات الإيرانية بعد الإفراج عن المحتجزين. أعقب ذلك الانتقادات التي أثارها الكشف عن دفع إدارة أوباما بشكل سري فدية مالية نقدية لطهران، خارج التزامات الاتفاق النووي، بلغت مليار وسبعمائة مليون دولار وذلك مقابل الافراج عن مواطنين أميركيين كانوا محتجزين لدى السلطات الإيرانية.
أضف إلى ذلك أن وجهة نظر إدارة ترامب، كما أعضاء الحزب الجمهوري الذين عارضوا توقيع الاتفاق النووي، تتبنى بالكامل موقف رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو، الذي يرى أن الاتفاق النووي جعل من إيران دولة نووية ولن يمنعها من امتلاك سلاح نووي عاجلاً أم آجلا، وهو لا يرى أي حل لهذه المعضلة إلا من خلال توجيه ضربة عسكرية لتدمير المنشآت النووية الإيرانية. وهو خيار لم يستبعده الرئيس الأميركي الجديد عندما سئل عن طبيعة الرد الأميركي على التحديات الإيرانية، علماً أن الملف الإيراني والاتفاق النووي سيكونان في طليعة العناوين المقرر أن يبحثها ترامب مع نتانياهو خلال استقباله له في البيت الأبيض في الخامس عشر من الشهر الحالي.
وقد لا يكون من قبيل الصدف الحرص اللافت لإدارة ترامب في اليومين الماضيين على إثارة مسألة توسع النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط والتأكيد أن جهودها في المستقبل القريب ستنصبّ على الحد من تمدد هذا النفوذ في العراق واليمن وسورية ولبنان، والرد على التجاوزات والاعتداءات الإيرانية في مياه الخليج العربي والبحر الأحمر، وهو ما عبّر عنه ترامب خلال الاتصال الهاتفي الذي أجراه مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز والذي تحدث فيه أيضاً عن ضرورة إقامة مناطق آمنة في سورية.
ومثّلت التجربة الصاروخية الإيرانية امتحاناً مبكراً لنوايا إدارة ترامب وخططها المعلنة والسرية لكبح جماح التحديات الإيرانية للوجود العسكري الأميركي في منطقة الخليج العربي. وتبقى العملية العسكرية التي نفذتها القوات الأميركية في اليمن، ضد من قالت إنهم من تنظيم "القاعدة" ودخول الجنود الاميركيين في معركة برية، مؤشراً واضحاً على تغيير الاستراتيجية العسكرية الاميركية في التعامل مع التهديدات والمخاطر التي تواجه الدور الأميركي في المنطقة.
ولا يعني توتر العلاقات بين الإدارة الأميركية وإيران، والذي قد يتصاعد في الأيام القليلة المقبلة ومع اقتراب اجتماع ترامب ونتنياهو، أن المواجهة العسكرية مع إيران باتت محتومة.