العبادي يحكم قبضته على السلطة... ويمهّد لحكومة تصريف أعمال

04 يونيو 2017
من المفترض تأجيل الانتخابات أشهراً عدة (حيدر هادي/ الأناضول)
+ الخط -

لا يبدو رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي مكترثاً للأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تشهدها البلاد، متعاملاً بهدوء وصمت مع هذه الملفات. وبعيداً عن الضجيج الإعلامي، استطاع العبادي، من خلف الكواليس، الاستفادة من ملف أزمة مفوضية الانتخابات، والتي جيّرها لصالحه بعد أن استطاع فرض إرادته من خلال المماطلة بموضوع إقالة المفوضية من عدمها، والذي يستمر بين الكتل السياسية، ليكسب بالتالي الوقت، ومفوّتاً فرصة إمكانية إجراء الانتخابات المحلية والبرلمانية في وقتها المحدّد.

وفي ظل الصراع السياسي المحتدم والخلافات بشأن التحالفات السياسية، يُغلق الباب أمام إمكانية إجراء الانتخابات في موعدها نهاية الشهر الحالي، بحجة "عدم قدرة المفوضية (المعلّقة) أو المفوضية المنتظرة إكمال استعداداتها اللوجستية، ما يعني أنّ العبادي سيحصل على فرصة تشكيل حكومة تصريف أعمال بصلاحيات مطلقة، في إبريل/ نيسان المقبل، وهو موعد انتهاء ولاية البرلمان.

في هذا السياق، أشار برلماني قريب من التحالف الوطني، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "المماطلات بشأن إقالة مفوضية الانتخابات مستمرّة بين كتل التحالف الوطني، فمع إصرار كتل دولة القانون والمجلس الإسلامي الأعلى وكتل أخرى على عدم إقالة مفوضية الانتخابات، تصرّ كتلة الصدر ومن يؤيدها على الإقالة، لتصل الخلافات إلى طريق مسدود". وبيّن أنّ "الكتل عجزت عن إيجاد حل توافقي، وأنّ كل الطروحات التي قدّمت لتقريب وجهات النظر واجهت الفشل".

وأضاف أنّه "على ما يبدو فإنّ هناك تنسيقاً وتعاوناً عالي المستوى بين العبادي والتيّار الصدري، وأنّ العبادي الذي لم نسمع له صوتاً طوال فترة الأزمة يعمل من خلال التيّار الصدري على الإصرار على إقالة المفوضية، على اعتبار أنّها غير حيادية وأنّ زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي هو أكثر المستفيدين من بقائها".

وأكد البرلماني أنّ "زعيم التحالف الوطني عمّار الحكيم يحاول جهده، لتقريب وجهات النظر والخروج من هذه الأزمة، محاولاً طرح حلول تُبقي على المفوضية، أو تحدث تغييراً جزئياً في تركيبتها، لتدارك الوقت وإجراء الانتخابات في موعدها المقرّر"، مستدركاً بالقول "لكن لا يبدو أي حل بالأفق، فالموضوع أخذ منحى الصراع بشكل واضح بين طرفين، وهما المالكي ومقتدى الصدر ومن يقف خلفهما، لتبدو الأزمة تدور بحلقة مفرغة، ولا تلوح أي بادرة للحل".

ومع مرور الوقت، فقد موضوع بقاء المفوضية من إقالتها أهميته، إذ في حال انتهى الشهر من دون حلّ أزمة المفوضية وأزمة قانون الانتخابات، تنتهي معه فرصة إجراء الانتخابات بموعدها. ما يعني إلزامية حلّ البرلمان في إبريل/ نيسان المقبل، وفقاً للدستور، وتحويل حكومة العبادي لحكومة تصريف أعمال.



بدوره، أكد الخبير السياسي، حازم الخالدي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "العبادي أجاد بشكل كبير لعبة شد وإرخاء الحبل حول عنق مفوضية الانتخابات، وسحب البساط من تحت خصومه وضمن البقاء في السلطة لفترة جديدة، مستغلاً أزمة مفوضية الانتخابات". وأوضح أنّ "البرلمان لم يستطع حتى اليوم أن يقرّ قانون الانتخابات، وحتى الآن توجد خمسة قوانين مطروحة للنقاش أُجّلت حتى انتهاء شهر رمضان (أواخر الشهر الحالي)، وفي حال لم يتم إقرار القانون خلال هذا الشهر (وهذا شيء أكيد) ولم يتم حل أزمة مفوضية الانتخابات، فإنّ الانتخابات أصبحت بحكم المؤجلة من دون أدنى شك".

وأضاف الخالدي بأنّ "المفوضية لن تكون قادرة على إجراء الانتخابات وإكمال استعداداتها، إذا لم يتم إقرار القانون وتجاوز أزمة المفوضية خلال هذا الشهر حصراً، لأنّ المفوضية تحتاج من 9 أشهر إلى عام كامل لإكمال إجراءاتها اللوجستية من خلال إكمال الإحصاء وملفات عراقيي الخارج وعراقيي المخيمات وغيرها من الملفات الشائكة، والأمور الفنية الأخرى التي لا يمكن إنجازها في أقل من عام قبل موعد الانتخابات". وأكد أنّه "أصبح من المستحيل التغلّب على هذه العقبات، فالخلاف مستمر بشأن المفوضية، والتوافق على قانون المفوضية يحتاج إلى أشهر عدة، ما يضعنا أمام حكم الدستور الذي نصّ على أنّ عمر الدورة البرلمانية أربع سنوات فقط غير قابلة للتمديد، وتنتهي في إبريل من العام المقبل". وبيّن أنّ "ذلك يعني أنّ البرلمان سيحلّ في هذا الموعد، بينما تبقى الحكومة الحالية حكومة تصريف أعمال".

وأوضح الخالدي أنّ "الدستور يخوّل حكومة تصريف الأعمال في ظرف كالظرف الذي يمرّ به العراق وهو الحرب ضدّ الإرهاب ووجود جماعات خارجة عن القانون، صلاحيات مطلقة لفرض سيطرتها، وتستمر بالعمل حتى إجراء الانتخابات، ما يعني بقاء الحكومة بيد العبادي وبصلاحيات مطلقة ومن دون رقابة برلمانية". وأشار إلى أنّ "العبادي استطاع أن يمهّد لذلك، وفقاً لخطة مدروسة ومحكمة، وأنّه اليوم ضمن البقاء بالسلطة لفترة أطول وبصلاحيات أوسع، متغلباً على كل خصومه".

ولم تتدخّل الكتل السياسية الأخرى، من خارج التحالف الوطني، بأزمة الانتخابات، على اعتبار أنّها صراع داخل التحالف الوطني للاستحواذ على السلطة، كما لا يبدو أنّ لديها أية مخاوف من بقاء العبادي في السلطة.
وقال رئيس كتلة التحالف الكردستاني البرلمانية، النائب عرفات كرم، لـ"العربي الجديد"، إنّ "العبادي أثبت إمكانية واضحة في إدارة الملفات السياسية الداخلية والخارجية، وأنّ لديه أسلوباً دبلوماسياً يحتاجه العراق خلال المرحلة المقبلة". وشدّد على أنه "لا توجد أي تحفظات كردية على العبادي، وفي حال توجهه نحو الدولة المدنية ونحو إعادة اللحمة العراقية، فبالتأكيد سنؤيد هذا التوجه".

يشار الى أنّ العراق شهد تظاهرات قادها التيّار الصدري للمطالبة بتغيير مفوضية الانتخابات، أفضت إلى تصويت البرلمان خلال الشهر الماضي على عدم القناعة بأجوبة رئيس المفوضية سربست رسول، وفقاً لأسئلة واتهامات للمفوضية بملفات فساد، بينما لم يستطع البرلمان حتى اليوم إقالة المفوضية بسبب الخلافات بين كتل التحالف الوطني والانقسام بين مطالب ببقائها ومطالب بالإقالة.