إلا أن قوات الأمن والشرطة أغلقت كل الطرق المؤدية إلى الشارع، فتجمع المحتجون في مناطق متفرقة هاتفين بسقوط النظام، ومرددين شعاراتهم اليومية "الشعب يريد إسقاط النظام"، و"سلمية سلمية ضد الحرامية"، وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريقهم، إلا أنهم يتجمعون من حين إلى آخر في مكان جديد، إذ انتقلت الاحتجاجات من وسط الخرطوم إلى منطقة بري شرق الخرطوم.
كما شهدت مناطق بولاية الجزيرة وسط السودان احتجاجات مماثلة، كذلك شهدت مدينة القضارف شرق السودان، احتجاجات شارك فيها آلاف الأشخاص الذين توزعوا على عدد من أحياء المدينة. وطبقاً لشهود عيان، فإن عمليات الكرّ والفرّ لا تزال مستمرة بين المتظاهرين والشرطة، التي تتدخل باستخدام الغاز المسيل للدموع.
كما شهدت أحياء امتداد ناصر والرياض، احتجاجات مماثلة، أحرق خلالها شبان إطارات السيارات، مرددين شعارات الحراك الشعبي.
وكانت المعارضة السودانية قد دعت إلى التجمع اليوم، في وسط العاصمة الخرطوم، والتوجه في "موكب الحرية" إلى القصر الرئاسي، لتسليم مذكرة تطالب الرئيس عمر البشير بالتنحي عن السلطة.
وأوضحت المعارضة في بيانٍ أصدرته منذ أيام، أن التجمعات الشعبية المقررة اليوم، لن تكون محصورة في الخرطوم وحدها، بل ستشمل، بالتزامن، عدداً من المدن الأخرى.
وذكر "تجمع المهنيين السودانيين" المعارض، في بيانٍ منفصل صدر في ساعة متأخرة من مساء أمس، أن 12 مدينة أعلنت استعدادها للخروج في مواكب اليوم الخميس، وهي الخرطوم العاصمة، مدني ورفاعة (وسط)، سناروالدويم (جنوب)، عطبرة (شمال)، بورتسودان والقضارف (شرق)، أم روابة والأبيض والجنينة وأبو جبيهة (غرب).
ويُكمل الحراك الشعبي اليوم الخميس شهره الأول، بعدما كان قد انطلق في 19 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، كردّ على أزمة الخبز وارتفاع الأسعار من مدينتي عطبرة وبورتسودان، ومع مرور الوقت، ارتفع سقف المطالب لدى المحتجين ليصل إلى حدّ المطالبة بسقوط النظام.
قلق أممي إزاء "القوة المفرطة"
إلى ذلك، عبرت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليه اليوم عن "قلقها الشديد" إزاء "الاستخدام المفرط" للقوة ضد المتظاهرين في السودان. وكتبت المفوضة "إن الرد القمعي لا يمكن إلا أن يفاقم المظالم".
وأضافت "أعبر عن بالغ قلقي للمعلومات التي تفيد بحصول استخدام مفرط للقوة، بما فيه استخدام الرصاص الحي، من قبل قوات أمن الدولة السودانية أثناء تظاهرات".
ودعت باشليه الحكومة السودانية إلى "الحرص على أن تتعامل قوات الأمن مع التظاهرات بما يتطابق مع الالتزامات الدولية للبلاد في مجال حقوق الإنسان وعبر حماية الحق في التجمع السلمي".
وأضافت أنه تم تشكيل "لجان تقصي وقائع" من جانب السلطات وأعلنت أن مكتبها مستعد لإرسال فريق إلى السودان لتقديم المشورة للسلطات والتأكد من أنها تعمل وفق التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان.
وتابعت "أحض السلطات (..) على حل هذا الوضع المتوتر عبر الحوار وأدعو كافة الأطراف للامتناع عن اللجوء للعنف".