سباق الرئاسة الأميركية:هيلاري في مواجهة ترامب وساندرز مرشح احتياطي

16 مارس 2016
توقعات بأن يحسم ترامب وكلينتون سباق الرئاسة (Getty)
+ الخط -
يختلف مرشح الرئاسة الأميركية المثير للجدل دونالد ترامب، عن غيره من المرشحين المنافسين، الذين ركزوا جل حملاتهم على كسب ود الأقليات العرقية والدينية مهملين الأغلبية، في حين اختطف ترامب لنفسه أسلوباً مبتكراً، ضرب فيه عرض الحائط بالأقليات وركز كل جهده على الفئة الغالبة.

هذا هو ما جعل غالبية الأميركيين البيض يلتفون حول ترامب، ويعتبرونه "المعبّر الصادق" عن مصالحهم، أمام "خطر الأقليات" من مكسيكيين، ومسلمين، وأميركيين أفارقة، ومهاجرين قادمين من كل بقاع الأرض، ممن تعمد ترامب بـ"ذكاء التاجر" صب جام غضبه عليهم جميعا.

وأمام كل ناخب من هذه الأقليات يخسره ترامب، فإنه في المقابل كان يكسب إلى جانبه ثلاثة إلى أربعة ناخبين من الأميركيين البيض.



وبهذه الوسيلة رسخ ترامب انتصاراته في انتخابات الثلاثاء على منافسيه، وأصبح من المحتمل أن ينجح في تمثيل الحزب الجمهوري في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني، رغم الصعاب التي لا زالت تقف أمامه. وبسبب قدرة الرجل على ابتكار الأساليب المختلفة عن غيره في جذب الاهتمام إليه، فإن تساؤلاً مهما قد بدأ يطرح نفسه في الشارع الأميركي منذ الآن وهو: "هل تصمد هيلاري كلينتون أمام ترامب.. في المواجهة التي أصبحت محتملة جداً بينهما في السباق الرئاسي الفعلي وليس التمهيدي؟".

فبعد الفوز الكاسح الذي حققته وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون على منافسها الوحيد السيناتور بيرني ساندرز، في خمس ولايات أميركية يوم الثلاثاء، أصبحت أقرب من أي وقت مضى إلى تمثيل الحزب الديمقراطي أمام مرشح الحزب الجمهوري أيا كان، وقد تحقق حلم النساء الأميركيات بأن تصبح أول امرأة ترأس الولايات المتحدة في تاريخ البلاد.

اقرأ أيضاً: الانتخابات التمهيدية: كلينتون وترامب يتصدران وروبيو ينسحب

وحسب النتائج الحالية التي رسختها انتخابات الثلاثاء، فإن الملياردير دونالد ترامب، يفترض كذلك أن يكون هو المرشح الجمهوري الذي سيواجه هيلاري كلينتون في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني، لكن قيادات الحزب الجمهوري لا تزال تعمل بوسائلها الخاصة على تدمير كلينتون وترامب معا.

وكانت مخاوف الديمقراطيين من خطط الجمهوريين قد دفعتهم منذ وقت مبكر إلى  توفير مرشح احتياط، تحسباً من أن ينجح الجمهوريون في إعاقة كلينتون عن الترشيح عن طريق القضايا القانونية. ولهذا فإن هزيمة الثلاثاء، التي مني بها السيناتور ساندرز، لم تفقده بعد أمل الوصول إلى البيت الأبيض، إذ إن بقاءه في حلبة المنافسة يدل على قبوله لعب دور المرشح الاحتياطي.

أما رجل الأعمال الملياردير ترامب، فرغم فوزه في أربع ولايات من خمس جرت فيها انتخابات الثلاثاء على منافسيه الجهوريين جميعاً، فإن الطريق أمامه لا يزال وعراً في تحقيق هدف تمثيل الحزب الجمهوري، لأن فقدانه لولاية أوهايو، والشعور العام بأنه ليس محل ترحيب الحزب الجمهوري، يجعل احتمالات استبداله واردة، وقد لا يعجز عن توفيرها جهابذة الحزب المعروفون بقدرتهم على حياكة الخطط السياسية.

ومن البدلاء المحتملين لترامب، حاكم ولاية أوهايو جون كيسك، الذي حقق فوزاً يتيما في أوهايو جعله يشعر بالغبطة والتصميم على البقاء في المنافسة، على عكس السيناتور الجمهوري ماركو روبيو، الذي أدت خسارته في  فلوريدا (الولاية التي يمثلها لصالح ترامب) إلى الاعتراف بالهزيمة والانسحاب من السباق.

ويبقى بين الجمهوريين كذلك السيناتور عن ولاية تكساس تيد كروز، الذي لم يتوقف عن المفاخرة بأنه الوحيد الذي هزم ترامب في تسع ولايات. فقد أعلن بقاءه، معرباً عن أمله أن يقتصر التنافس خلال المرحلة المقبلة عليه وعلى ترامب، اعتقاداً منه على ما يبدو أن أنصار السيناتور المنسحب روبيو والحاكم الذي دعاه كروز للانسحاب كيسك، سيحولون أصواتهم باتجاهه، ليحقق فوزاً يراه المراقبون مستحيلاً على ترامب.

ومن المحتمل كذلك أن تجبر نتائج الثلاثاء، قيادات الحزب الجمهوري على تغيير خططها، والقبول بترامب، ممثلاً للحزب، حفاظاً على وحدة الجمهوريين، ولكونه أقدر من كروز على مواجهة هيلاري كلينتون، وربما إلحاق الهزيمة بها في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

اقرأ أيضاً: تناقضات ترامب: منتجاته مصنعة بالصين وبنغلاديش ويهاجم أبل وفورد

ويتميز ترامب عن غيره من الجمهوريين بأنه أتى بـ"الجديد الذي ينشده الناخبون في أي مرشح"، وكانت أساليبه في جذب الانتباه مثيرة للاستياء أحياناً لكنها ناجحة في جلب الأصوات إليه.

وبما أن الجمهوريين يهمهم انتزاع الرئاسة من الحزب الديمقراطي لكي يتمكنوا من تعيين من يريدون في المحكمة العليا، إذ إن دور المحكمة خلال السنوات المقبلة سيكون حاسماً في رسم مستقبل البلاد في القضايا مثار الخلاف، بين التيار الليبرالي  الشبابي الصاعد، والتيار المحافظ المتآكل، فضلاً عن أن عضوية المحكمة تستمر مدى الحياة، ولا يمكن استبدال أي عضو فيها بعد مصادقة مجلس الشيوخ على تعيينه.

ومن العوامل التي قد تجعل الجمهوريين يتراجعون عن رفضهم لترامب، خوفهم من خوضه للسباق الرئاسي كمرشح مستقل، وهو ما يعني انقسام أصوات الجمهوريين بين مرشحين اثنين، بصورة لن تؤدي إلا إلى وصول هيلاري كلينتون إلى البيت الأبيض، وبدء مرحلة طويلة من محاولات استعادته، بعد أن تكون هيلاري قد عينت من تريد في عضوية المحكمة العليا.

ويدرك الجموريون كذلك، أن انتخابات نوفمبر المقبل، لن تكون رئاسية فقط، بل سيتم خلالها كذلك استبدال كامل أعضاء مجلس النواب الأميركي، وثلث أعضاء مجلس الشيوخ، وبالتالي فإن استمرار هيمنتهم على الكونغرس الأميركي المؤلف من المجلسين، لن يكون إلا من قبيل التمني.


 
وتشير التجارب الانتخابية طوال العقود الماضية إلى أن الحزب الديمقراطي غالباً من ينجح في الحصول على الأغلبية في الكونغرس، عندما يكون الإقبال على الاقتراع كبيراً، ويخسر أغلبيته لصالح الجمهوريين عندما يكون الإقبال ضعيفاً.

ولكن الإقبال يزداد عادة عندما يكون هناك انتخابات رئاسية إلى جانب الانتخابات النيابية، وهذا لا يحدث إلا كل أربع سنوات، ويقل الإقبال على الاقتراع خلال الانتخابات النيابية التي تجرى كل سنتين، ويحرص الناخبون الجمهوريون على المشاركة فيها في حين يتقاعس الديمقراطيون وغالبيتهم من الشباب، الأمر الذي يصب في صالح الحزب الجمهوري.

وتختلف انتخابات عام 2016 عن سابقاتها بوجود حماسة شبابية للمشاركة فيها، وظهور لاعبين جدد جعلوها محل إثارة وإقبال من كافة فئات المجتمع.

وفي كل الأحوال، فإن الانتخابات التمهيدية سوف تستمر خلال الأسابيع المقبلة في بقية الولايات التي لم تجر التصفيات فيها بعد، ولكن النتيجة أصبحت محسومة تقريباً، بأن تكون المواجهة النهائية بين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب، وكلاهما ينتميان لولاية واحدة هي نيويورك، ومدرسة فكرية واحدة هي مدرسة الغموض.

أما في حال تصميم قيادات الحزب الجمهوري على الاستمرار في خطط تدمير ترامب سياسياً، فقد يفتح الطريق أمام تنافس حقيقي بين اليسار واليمين، أو بين التيار الليبرالي والتيار المحافظ، بصورة قد يكون لها مذاق مختلف بين عضوين في مجلس الشيوخ الأول، متطرف نحو اليسار هو السيناتور بيرني ساندرز، والثاني متطرف نحو اليمين هو السيناتور تيد كروز.

اقرأ أيضاً: الملاكم تايسون يدعم ترامب للرئاسة..رغم عدائه للإسلام