"وول.ستريت.جورنال": جريمة خاشقجي أثرت على مبادرة تقارب سرية بين إسرائيل والسعودية

18 ديسمبر 2018
تكثفت الاتصالات بين الرياض وتل أبيب بعهد بن سلمان(Getty)
+ الخط -

تواجه مبادرةٌ سرّيةٌ تدعمها الولايات المتحدة، لبناء علاقات أكثر قرباً بين السعودية وإسرائيل، انتكاسةً قويةً، بعد تورط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي يقود الجهود في هذه المبادرة، في جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي بقنصلية بلاده في اسطنبول.

ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقريرٍ نشرته اليوم، عن أشخاص مطلعين على الموضوع، تأكيدهم أن الغضب العالمي الذي أحدثته جريمة خاشقجي، وتداعيات تلك الجريمة داخل العائلة الحاكمة في السعودية، قلصت هامش بن سلمان على التحرك ضد منافسين محتملين له، وأخمدت الشهية لمغامرات تتعلق بالسياسة الخارجية تحمل مُجازفةً، كالتواصل مع إسرائيل.

وأشارت الصحيفة، إلى مساعدين اثنين لبن سلمان، كان لهما دور أساسي وسري في كواليس التواصل مع الإسرائيليين، وهما مستشاره السابق سعود القحطاني ونائب رئيس الاستخبارات السابق أحمد العسيري، اللذين تمّ عزلهما عن منصبيهما، لدورهما بجريمة قتل خاشقجي.

وفي هذا الشأن، قال مسؤول سعودي بارز إن "هذه المبادرة بردت بعد جريمة خاشقجي، وأن آخر شيء تريده المملكة هو الكشف عن هذا الموضوع  في الوقت الحاضر، حتى لا يؤدي إلى رد فعل آخر".

أما بالنسبة لدور القحطاني في هذه المبادرة، تضيف "وول ستريت جورنال"، أنه أصدر تعليمات للإعلام السعودي للمساعدة على تحسين صورة إسرائيل في المملكة، بعدما كانت توصف بالعدو الصهيوني. كما لعب دوراً في عملية شراء تكنولوجيا متطورة في مجال التجسس من شركات إسرائيلية، بحسب المسؤولين السعوديين، ما يضيف ويتماشى مع دوره في مراقبة المعارضين وإسكاتهم داخل المملكة، والذي يتضمن قرصنة الاتصالات الإلكترونية.

كما لفتت إلى أن أحمد العسيري  زار سراً إسرائيل مرات عدة، بحسب المصادر التي تحدثت للصحيفة. وركزت أهداف زياراته حول كيفية استفادة المملكة من تكنولوجيا التجسس الإسرائيلية، وفق المصادر.

ويسلط عزل كل من عسيري والقحطاني الضوء على مشكلة أكبر بالنسبة لهذه المبادرة التي تقودها الولايات المتحدة، وهي تقلّص دور ولي العهد السعودي بعد جريمة خاشقجي، فالملك سلمان، الذي تدخل بشكل أكبر بالعمل الحكومي بعد الجريمة، عبّر عن معارضته لعلاقات دافئة مع الإسرائيليين، مؤكداً مؤخراً أن حلّ القضية الفلسطينية يقع على رأس أولويات المملكة المتعلقة بالمنطقة.


وتشكل انتكاسة مبادرة الولايات المتحدة هذه، الهادفة لتقريب العلاقة بين الرياض وتل أبيب، خطراً كذلك على استراتيجية الرئيس الأميركي دونالد ترامب في المنطقة، القائمة على تعزيز المحور المناهض لإيران وحل المسألة الفلسطينية عن طريق خطة تعدها إدارته في هذا الصدد (ما يعرف بـ"صفقة القرن" التي يرفضها الفلسطينيون).

لكن "وول ستريت جورنال" ترى، رغم ذلك، أن "العلاقات السعودية الإسرائيلية ستستمر على الأرجح، رغم الانتكاسة، وذلك نتيجة المصالح المشتركة".

وبحسب الصحيفة، فإن الشركات الإسرائيلية ترى في السعودية سوقاً "دسمة" لمنتوجاتها في مجال الأمن السيبيري، وهي تهتم بالاستثمار وتأمين الدعم التكنولوجي لمشروع "نيوم" الذي أطلقه بن سلمان.

أما الحكومة السعودية، فهي تدرس استثماراً بقيمة مئة مليون دولار على الأقل في شركات تكنولوجيا إسرائيلية عدة، بحسب مصادر تحدثت للصحيفة. ومنذ مقتل خاشقجي، دخلت المفاوضات في هذا الصدد في مرحلة تهدئة، لكن التواصل يستمر، كما أكدت المصادر ذاتها.

ويبقي المسؤولون السعوديون على علاقتهم بإسرائيل في إطار السرية، بسبب القلق من التداعيات المكلفة سياسياً لانفضاحها.

وقال أشخاص مطلعون للصحيفة، إن رئيس الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين التقى مسؤولين سعوديين مرات عدة، منها لقاء جرى في يونيو/حزيران الماضي برعاية أميركية، وضمّ كذلك مسؤولين استخباريين فلسطينيين وأردنيين ومصريين.

وتتشارك إسرائيل والسعودية والإمارات حالياً بشكل منتظم المعلومات الاستخبارية المتعلقة بالمخاطر المشتركة، لاسيما بمجال النقل عبر البحر الأحمر، ولكن أيضاً بأمور أخرى تتعلق بإيران، كما أكدت مصادر الصحيفة.



وشرحت "وول ستريت جورنال" كيف تطورت العلاقة بين السعودية وإسرائيل في ظلّ إدارة باراك أوباما، وبسبب الرفض المشترك للاتفاق النووي الذي وقعه الرئيس الأميركي السابق مع إيران، وكيف استفادت من وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لتقديم أهدافها المشتركة، وعلى محاصرة نفوذ إيران وأدواتها في المنطقة. وبعد أن أصبح بن سلمان ولياً للعهد في السعودية، تعزز التواصل بين الرياض وتل أبيب. وتُذكّر الصحيفة بدفاع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن السعودية وولي عهدها بعد جريمة قتل خاشقجي.

وبحسب مصادر مطلعة تحدثت لـ"وول ستريت جورنال"، فقد بدأت السعودية سرّاً بإصدار استثناءات لرجال أعمال إسرائيليين للسماح لهم بدخول المملكة بوثائق محددة تؤمنها الحكومة السعودية، من دون أن يحتاجوا لإظهار جوازات سفرهم الإسرائيلية، وذلك بهدف تسهيل الأعمال بين الطرفين.

وفيما ذكرت الصحيفة بدور القحطاني لشراء تكنولوجيا التجسس الإسرائيلية، رأت أن العلاقات "ترسل إشارة على نطاق أوسع للمنطقة، وهي أن السعودية منفتحة لتطوير العلاقات الثنائية مع إسرائيل".