الرياض ـ أبوظبي: بوادر تفكك التحالف القلق

15 اغسطس 2017
بن زايد وبن سلمان في لقاءٍ سابق (بندر القلعود/الأناضول)
+ الخط -
تتحدث معلومات خاصة من الرياض عن ظهور بوادر تفكّك حلف الرياض وأبوظبي ضد قطر، وتقول المعلومات إن "الحلف الذي نشأ بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد يمر بمرحلة قلقة، وهناك دعوات في الشارع السعودي بدأت تظهر وتطالب صاحب القرار السعودي بالابتعاد عن الإمارات والسياسة التي تقودها في المنطقة، لأنها تلحق ضرراً فادحاً بالسعودية على المديين المتوسط والبعيد، داخلياً وخارجياً".

وحسب أوساط الرياض فإن شهر العسل بين وليَّي عهد السعودية وأبوظبي يقارب على الانتهاء، ولن تلبث السعودية أن تعود إلى وضعها السابق قبل افتعال الأزمة مع قطر التي بدأت ليلة الثالث والعشرين من مايو/ أيار الماضي، باختراق أبوظبي لموقع وكالة الأنباء القطرية وتزوير خطابٍ ونسبه إلى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ومن ثم قامت الرياض وأبوظبي والقاهرة والمنامة في الخامس من يونيو/ حزيران الماضي بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة وفرض حصار بري وجوي عليها، وأتبعت ذلك في 22 من الشهر نفسه بـ13 مطلباً تمس سيادة قطر واستقلالها.

وفي رأي مصدرٍ سعودي فإن الحملة السعودية على قطر فقدت زخمها وباتت تلقى الاستهجان من أغلبية السعوديين الذين يرون أن القواسم المشتركة، التاريخية والراهنة، بين الرياض والدوحة أعمق وأقوى منها بين الرياض وأبوظبي، وأن سير الرياض في ركاب أبو ظبي ضد الدوحة جرى بواسطة ما يُعرف بـ"مجموعة أبوظبي" في السعودية التي تتألف من مجموعة تلفزيون "إم بي سي" وقناة العربية، وهي تتشكل من مجموعة من الصحافيين الذين يعيشون في دبي منذ سنوات، وأقاموا علاقات تجارية هناك، وهم يحسبون أنفسهم على التيار الليبرالي في حين أنهم لا يطبقون أبسط مبادئ الليبرالية، وهي احترام الرأي المختلف، ورغم أن بعض هؤلاء يحمل شهادات عليا من بعض الجامعات الأميركية، فإنه قاد الحملة على قطر بناءً على افتراءات وتزوير وتهديدات بإعلان الحرب.

ويقول المصدر إن الشارع السعودي يتندر على "هؤلاء الذين ظنوا أن الليبرالية هي الجهر بمعاداة الإسلام، التي تتبناها أبوظبي"، ويضيف أن "هؤلاء وجدوا من يناصرهم في الداخل السعودي من بعض الذين باتوا ضمن فريق ولي العهد مثل سعود القحطاني مدير ديوان ولي عهد السعودية، الذي كان متطرفاً في كيل الشتائم للدوحة، ومفتقراً لأبسط قواعد الأدب واللياقة واحترام الروابط الأسرية والتاريخية بين الشعبين السعودي والقطري".


ويرى المصدر أن "تطرف القحطاني يأتي في إطار حسابات تقوم على تجميع أكبر قدر من الصحافيين والمثقفين من حول محمد بن سلمان، ولكنه لم يصل إلى الشرائح التي تحوز على احترام الشارع السعودي وظل ضمن فئات هامشية، ولذا من غير المستبعد أن يكون القحطاني أول كبش فداء يطيح به محمد بن سلمان حينما يقرر الاستدارة والتخلي عن السير في التحالف مع أبوظبي". ويؤكد المصدر أن "هذه الخطوة لا شك فيها وتنفيذها مسألة وقت فقط".

ومن أبرز الأسباب التي جعلت من شهر العسل قصيراً هو رد الفعل السعودي على محاولات أبوظبي التدخل في خيارات الرياض السياسية الداخلية والخارجية. وقد برز رأي عام سعودي واسع يستهجن الإيحاءات التي تصدر من أبوظبي بأنها باتت تقود السياسة السعودية، وخصوصاً تصوير محمد بن سلمان وكأنه لعبة بيد ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.

وترى الأوساط السعودية أن هذه سوف تشكل الشعرة التي تقصم ظهر بعير العلاقات بين البلدين، ولن يتأخر ردّ فعل ولي العهد السعودي الذي يهمه أن يؤكد على حضوره الخاص كقائد قبل تسلمه لمنصب ملك السعودية التي تعتبر نفسها قائدة في العالمين العربي والإسلامي وذات شخصية سياسية مستقلة، وأنه يسيء لها ما يُروّج من أن قرارها صار مرتهناً في أبوظبي. ومن المهام الأساسية التي يمكن أن تقدم بن سلمان في صورة جديدة، العمل على إعادة اللحمة إلى مجلس التعاون الخليجي بعد أن تعرّض إلى هزة كبيرة كادت أن تهدد وحدته وانقسامه.

وتقول الأوساط السعودية إن تصحيح الخلل في السياسة السعودية تجاه قطر أمر يحظى بتأييد رأي عام واسع، ويتجلى ذلك من خلال النقمة العلنية للذين انخرطوا في الحملة إعلامياً وسياسياً، كونهم يأتون من أوساط هامشية، ويستغلون معاداة قطر للتقرب من ولي العهد السعودي الذي تؤكد الأوساط أنه بدأ يستمع إلى صوت الأكثرية السعودية، وعلى هذا الأساس يبني مراجعته.

والمسألة الثانية الجديرة بالملاحظة هي فشل مجموعة "أم بي سي" في تعميم حملتها الإعلامية ضد قطر إلى النطاق الشعبي العام، وظلت محصورة في بعض المجالس والأوساط التي لا علاقة لها بالمؤسسات التي ترفد الحكم السعودي تاريخياً، ومنها المؤسسة الدينية التي تعارض، علانية، التحالف مع أبوظبي، وحصار الدوحة.