البرلمان البريطاني يقر قانون تأجيل "بريكست" وماي بجولة أوروبية سعياً لتطبيقه

09 ابريل 2019
مخاض الانسحاب ما زال عسيراً (ليدوفيش مارن/فرانس برس)
+ الخط -

أقر البرلمان البريطاني في وقت متأخر من مساء أمس قانوناً يفرض على حكومة تيريزا ماي تأجيل موعد "بريكست" لمنع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، بالتزامن مع جهود حكومية مكثفة، حيث تزور ماي كلاً من برلين وباريس اليوم لإقناعهما بضرورة قبول تمديد موعد الانسحاب، في وقت تستمر فيه المفاوضات مع حزب "العمال" لإيجاد إجماع بريطاني.


ويعتبر إقرار قانون تأجيل "بريكست" حدثاً تاريخياً في البرلمان البريطاني، حيث تمكن مشروع القانون من تجاوز ثلاث مراحل من المناقشات في كل من غرفتي البرلمان، والحصول على الموافقة الملكية في غضون ثلاثة أيام. ومما يزيد من أهميته أنه جاء نتيجة لتمرد البرلمان على السلطة التنفيذية وسيطرته على أجندة نقاشاته.

وكانت ماي قد تبنت الاتجاه الذي تسير فيه الرغبة البرلمانية الرافضة لـ"بريكست" من دون اتفاق، واتجهت في جولة أوروبية تسبق موعد القمة الطارئة التي يعقدها زعماء الاتحاد الأوروبي يوم غد، في مسعى لدعم طرحها بتمديد للـ"بريكست" حتى نهاية يونيو/ حزيران.

ويبدو أن الجانب الأوروبي مستعد لمنح بريطانيا تمديداً، وإن كان مشروطاً. فقد قال وزير أوروبا الألماني، مايكل روت، صباح اليوم قبيل بدء الاجتماعات التحضيرية للقمة الأوروبية إن الوضع "محبط جداً"، مضيفاً أن الاتحاد قد يستجيب لطلب ماي ولكن ربما يتقدم أيضاً "بتمديد أطول ولكنه قد يكون عرضة لشروط شديدة كذلك".

أما وزير الخارجية الإيرلندي سيمون كوفيني فقال "إن بريكست من دون اتفاق يعد فشلاً ذريعاً للسياسية ونريد ضمان عدم حدوثه. ولكن بالطبع يجب أن تكون هناك خطة حقيقية مرفقة بطلب التمديد، وأن تكون ذات مصداقية، بهدف الموافقة على ذلك التمديد في الأيام الثلاثة المقبلة، وأعتقد أن ذلك ما سيحدث".

أما كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي، ميشيل بارنييه، فقد أكد على أن مدة التمديد ستكون مرهونة بطبيعة الطلب البريطاني، مشيراً إلى أن التمديد طويل الأمد سيكون نتيجة لتعهد ماي بالدخول في مقاربة جديدة للمفاوضات.
إلا أن متشددي "بريكست" في حزب "المحافظين" ما يزالون مصرين على التسبب بشلل سياسي بريطاني بعد تحول ماي عن إرضائهم، واتجاهها نحو حزب "العمال" لضمان اتفاق بريكست.

فقد قال جاكوب ريس موغ، زعيمهم في البرلمان، صباح اليوم في تغريدة على "تويتر" إن خليفة ماي في رئاسة "المحافظين" والوزراء لن يكون ملزماً بأية وعود تقدمها ماي أثناء القمة الأوروبية. "لا يمكن للبرلمان إلزام خليفته بأية تعهدات، لقد أثبتت وعود رئيسة الوزراء أنها ليست محل ثقة وأن هناك القليل من حسن النية من قبل الاتحاد الأوروبي"، كما جاء في تغريدته.

ويصب ذلك أيضاً إلى جانب التهديد الذي لوح به وزير الخارجية السابق، بوريس جونسون، يوم الأحد في مقاله في صحيفة "ذي تلغراف" بأن النواب "المحافظين" لن يسمحوا لماي بالاستسلام لزعيم حزب "العمال"، جيريمي كوربن. "إذا التزمت بريطانيا بالاتحاد الجمركي، سيجعل ذلك من نتيجة الاستفتاء أمراً من دون معنى. يجب ألا يحصل أبداً أن تصبح بريطانيا عضواً في الاتحاد الأوروبي من دون القدرة على صياغة القرار داخله".

ويصر متشددو "بريكست" على ضرورة إعادة فتح التفاوض على اتفاقية الانسحاب بهدف استبدال خطة المساندة بحلول تعتمد على التقنيات الحديثة لتجنب الحدود في الجزيرة الإيرلندية، وهو ما يرفضه الاتحاد الأوروبي كلياً.

ودفع هذا الموقف المتشدد حزب "العمال" لطلب ضمانات من حكومة ماي بأن تكون أية تسوية يتم الاتفاق عليها في المفاوضات الجارية بين الجانبين "محصنة من بوريس"، بحيث لا يمكن لأي خليفة لماي التراجع عنها.
وتستمر المفاوضات بين الحكومة والمعارضة طوال اليوم أيضاً في سباق مع الوقت، بهدف التوصل إلى تسوية يمكن لماي أن تتقدم بها لدعم طلب التمديد أمام القمة الأوروبية يوم غد.

وكانت الحكومة المحافظة قد تقدمت بعرض جديد إلى "العمال" يوم أمس يوافق من حيث المبدأ على القبول بشروط العمال المطالبة بأن تتبنى بريطانيا تلقائياً كافة القوانين الأوروبية الخاصة بالتوظيف والبيئة وحماية المستهلك بعد "بريكست".
كما تعهدت حكومة ماي بأن تكون هذه الالتزامات مشرعة في قانون "بريكست" بما يصعب على أي حكومة تالية التراجع عنها.


إلا أن الخلاف بين الجانبين ما يزال حول تعديل الإعلان السياسي المرافق لاتفاق "بريكست"، بحيث يشمل خيار البقاء في اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي. ويعد ذلك مطلباً أساسياً لحزب "العمال"، بينما قد يتسبب قبول ماي بهذه الخطوة انفجاراً داخل حزبها يؤدي إلى انهياره.

وما يزيد الطين بلة في معسكر المحافظين إعلان إدارته قبولها لطلبات الترشح لانتخابات البرلمان الأوروبي المقررة في 23 مايو/ أيار. وبينما يعد ذلك خطوة طبيعية لتمديد عضوية بريطانيا في الاتحاد، يرفض متشددو "بريكست" الخطوة كلياً ويطالبون بتصويت دلالي على سحب الثقة من زعامة ماي للحزب، كما طالب بعضهم بسحب الثقة من حكومتها بهدف الإطاحة بها، والوصول بأحد قادتهم إلى داوننغ ستريت، حيث مقر الحكومة.

المساهمون