السيستاني محذراً من التدخل الخارجي: مرحلة ما بعد التظاهرات ليست كما قبلها
وقال السيستاني، في خطبة الجمعة، التي ألقاها ممثله في كربلاء، أحمد الصافي: "نؤكد على مساندة الاحتجاجات والالتزام بسلميتها وخلوها من أي شكل من أشكال العنف، وندين الاعتداء على المتظاهرين السلميين بالقتل أو الجرح أو الخطف أو الترهيب أو غير ذلك".
وتوجه إلى المسؤولين في السلطة، قائلاً: "إذا كان من بيدهم السلطة يظنون أنّ بإمكانهم التهرب من استحقاقات الإصلاح الحقيقي بالتسويف والمماطلة فإنهم واهمون، إذ لن يكون ما بعد هذه الاحتجاجات كما كان قبلها في كل الأحوال، فليتنبهوا إلى ذلك".
وأضاف أن "الحكومة إنما تستمد شرعيتها من الشعب، وليس هناك من يمنحها الشرعية غيره، ومن هنا فإنّ من الأهمية بمكان الإسراع في إقرار قانون منصف للانتخابات يعيد ثقة المواطنين بالعملية الانتخابية ولا يتحيز للأحزاب والتيارات السياسية، ويمنح فرصة حقيقية لتغيير القوى التي حكمت البلد خلال السنوات الماضية إذا أراد الشعب تغييرها واستبدالها بوجوه جديدة".
وشدد على أن "إقرار قانون لا يمنح مثل هذه الفرصة للناخبين لن يكون مقبولاً ولا جدوى منه"، داعياً إلى "إقرار قانون جديد للمفوضية التي يعهد إليها بالإشراف على إجراء الانتخابات، بحيث يوثق بحيادها ومهنيتها وتحظى بالمصداقية والقبول الشعبي".
وأكد السيستاني أنه "بالرغم من مضي مدة غير قصيرة على بدء الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالإصلاح، والدماء الزكية التي سالت من مئات الشهداء وآلاف الجرحى والمصابين في هذا الطريق المشرِّف، إلا أنه لم يتحقق إلى اليوم على أرض الواقع من مطالب المحتجين ما يستحق الاهتمام به، ولا سيما في مجال ملاحقة كبار الفاسدين واسترجاع الأموال المنهوبة منهم وإلغاء الامتيازات المجحفة الممنوحة لفئات معينة على حساب سائر الشعب والابتعاد عن المحاصصة".
وتابع: "هذا ما يثير الشكوك في مدى قدرة أو جدية القوى السياسية الحاكمة في تنفيذ مطالب المتظاهرين حتى في حدودها الدنيا، وهو ليس في صالح بناء الثقة بتحقق شيء من الإصلاح الحقيقي على أيديهم".
وأشار إلى أن "المواطنين لم يخرجوا إلى التظاهرات المطالبة بالإصلاح بهذه الصورة غير المسبوقة، ولم يستمروا عليها طيلة هذه المدة بكل ما تطلّب ذلك من ثمن فادح وتضحيات جسيمة، إلّا لأنهم لم يجدوا غيرها طريقاً للخلاص من الفساد المتفاقم يوماً بعد يوم، والخراب المستشري على جميع الأصعدة، بتوافق القوى الحاكمة ـ من مختلف المكونات ـ على جعل الوطن مغانم يتقاسمونها في ما بينهم وتغاضي بعضهم عن فساد البعض الآخر، حتى بلغ الأمر حدوداً لا تطاق، وأصبح من المتعذر على نسبة كبيرة من المواطنين الحصول على أدنى مستلزمات العيش الكريم بالرغم من الموارد المالية الوافية للبلد".
وحذر في الوقت نفسه، من تدخل قوى دولية وإقليمية، في إشارة واضحة إلى إيران، بالقول: "معركة الإصلاح التي يخوضها الشعب العراقي إنما هي معركة وطنية تخصه وحده، والعراقيون هم من يتحملون أعباءها الثقيلة، ولا يجوز السماح بأن يتدخل فيها أي طرف خارجي بأي اتجاه، مع أنّ التدخلات الخارجية المتقابلة تنذر بمخاطر كبيرة، بتحويل البلد إلى ساحة للصراع وتصفية الحسابات بين قوى دولية وإقليمية يكون الخاسر الأكبر فيها هو الشعب".
جمعة الصمود
في هذه الأثناء، توافد الآلاف على ساحة التحرير وسط بغداد للمشاركة في مليونية "جمعة الصمود"، المقرر أن تنطلق مساء الجمعة في بغداد والمحافظات الجنوبية.
وقال محمد فدعم، وهو أحد ناشطي تظاهرات ساحة التحرير ببغداد، لـ"العربي الجديد"، إنّ خطبة المرجعية الدينية الداعمة للتظاهرات ستزيد من زخم المشاركة في المليونية، مؤكداً أن "المتظاهرين أصبحوا على يقين الآن، بأن المرجعية لم تعد راغبة هي الأخرى ببقاء حكام البلاد وليس الشعب وحده".
وأشار إلى استمرار الاشتباكات في ساحة الخلاني ببغداد، في ظل استمرار قوات مكافحة الشغب بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع.
كذلك شهدت محافظات البصرة والديوانية وميسان وبابل والنجف وواسط والمثنى وذي قار، توافد آلاف المتظاهرين الذين ينوون المشاركة في احتجاجات واسعة، اليوم الجمعة، لتجديد المطالبة بإقالة الحكومة وحل البرلمان ومحاسبة القتلة وإجراء انتخابات مبكرة.