ويبدو أنّ الفخفاخ تحدى بإعلانه تشكيلة الحكومة "حركة النهضة"، وقدم حكومة تضم ستة وزراء منها، رغم إعلانها الانسحاب وعدم منحها الثقة لحكومته.
واعتبر الفخفاخ، في كلمة، أنّ "النهضة وضعت تونس أمام خيار صعب، رغم أنها شريك أساسي، إلا أنها خيرت الانسحاب سويعات قبيل الإعلان الرسمي عن الحكومة"، مضيفاً أنّ "السبب هو عدم إشراك (قلب تونس) وهذا الخيار سيدفع إلى التمعن في الخيارات الدستورية المتاحة، خاصة وأنّ تونس تمر بلحظة تاريخية، ولذلك سيتم تقرر استغلال ما تبقى من الآجال الدستورية لمزيد التشاور بما يخدم مصلحة البلاد".
وآثر الفخفاخ المحافظة على تعيين مستقلين في بعض الوزارات، وخاصة الوزارات السيادية، وأيضاً الوزارات التقنية والمعنية بالإصلاحات الكبرى، من قبيل وزارة العدل التي اختيرت لها ثريا الجريبي، وكذلك وزارة الداخلية التي سيتولى حقيبتها هشام المشيشي، وحقيبة الشؤون الخارجية التي منحت لنور الدينالري، ووزارة الدفاع التي اختير لها عماد الحزقي، ووزارة المالية ورشّح لها محمد نزار يعيش، فضلاً عن حبيب الكشو لوزارة الشؤون الاجتماعية المقيضة، وصالح بن يوسف للصناعة، ومنجي مرزوق للطاقة والمناجم.
أما الوزارات التالية فقد تم توزيعها بين الأحزاب، إذ آلت إلى"حركة النهضة" كل من وزارة النقل واللوجستيك وعلى رأسها عماد الحمامي، والتجهيز والإسكان إلى منصف السليتي، والصحة إلى عبد اللطيف المكي، والتعليم العالي والبحث العلمي إلى خليل العميري، وشؤون الشباب والرياضة إلى أحمد قعلول، بينما رشح أنور معروف وزير دولة مكلفاً بالشؤون المحلية.
ونال "التيار الديمقراطي" وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية، إذ تم اختيار النائب غازي الشواشي ليكون على رأسها، فيما تم اختيار القيادي محمد الحامدي وزيراً للتربية، ليكون أمين عام الحزب محمد عبو وزير دولة لدى رئيس الحكومة مكلفاً بالوظيفة العمومية ومكافحة الفساد.
ويأتي تصريح الفخفاخ بعد أن وصلت المشاورات بشأن تشكيل الحكومة إلى نفق مسدود، بإعلان "حركة النهضة" عدم دعم الحكومة. ومع ذلك اختيار رئيس الحكومة المكلف، بعد التشاور مع الأحزاب والكتل البرلمانية المعنية، عرض التركيبة النهائية للحكومة وتقديمها رسمياً إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد.
وقال المحلل السياسي مختار الخلفاوي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "انسحاب حركة النهضة من التشكيلة الحكومية المرتقبة، وقرارها عدمَ التصويت لها، يعيدنا إلى السياسة التي تتقنها الحركة في مختلف مراحل المفاوضات والمناورات، وهي سياسة حافة الهاوية".
ورأى أنّ "الحجة المعلنة هي دعوتها إلى حكومة وحدة وطنية، تضمّ حزب (قلب تونس)، والحجة الفعلية هي اﻻحتجاج على عدم اﻻستجابة لما تريد في الحصّة الحكومية من حيث عدد الحقائب ومجالاتها على وجه الخصوص، وخاصة وزارة تكنولوجيات الاتصال، وهي الحقيبة التي أصرّت الحركة على أن تعود إليها مهما يكن الثمن، حتى ولو اقتضى اﻷمر إسقاط حكومة الفخفاخ".
وأضاف أنّ "السيناريوهات متعدّدة قبل تفعيل الفقرة الرابعة من الفصل 89 المتعلق بحل البرلمان، والدعوة إلى انتخابات سابقة ﻷوانها، وذلك بانقضاء أربعة شهور عن أوّل تكليف كان بتاريخ 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019".
ورجّح الخلفاوي أنّ "هناك تطورات يمكن أن تحدث في المهلة المتبقية، خصوصاً أن المبادرة ما زالت بيد رئيس الجمهورية، وبالتالي كلّ شيء ممكن دستورياً، ويبقى الممكن القانوني، والممكن السياسي، والممكن اﻷخلاقي، ولا مستحيل في السياسة التي هي فن الممكن".
وأكد أنّ "التريّث مطلوب، ومن يعرف رئيس الجمهورية قيس سعيد وقراءته المثالية للمشهد السياسي، فضلاً عن شخصية المكلف بتكوين الحكومة، وعدم استعداده ﻹراقة ماء الوجه من أجل الفوز بمنصب رئاسة الحكومة؛ فإن كلّ هذا يجعلنا نستثني ممكناً واحداً، وهو الرضوخ المطلق لطلبات حركة النهضة، سواء تلك المعلنة أو تلك الفعلية".
يشار إلى أنّ حزب "قلب تونس" أعلن، في بيان، السبت، أنّه قرّر أن يكون في المعارضة ولن يمنح الثقة لحكومة إلياس الفخفاخ في البرلمان، مؤكداً عدم انتمائه للائتلاف الحكومي الذي اختاره المكلف بتشكيل الحكوَمة.
ودعا أمين عام "الحزب التيار الديمقراطي" محمد عبو، السبت، الفخفاخ إلى "تغيير وزراء حركة النهضة في تركيبة حكومته بمستقلين، وعرضها على رئيس الجمهوربة، ومن ثمة عرضها على البرلمان".