لبنان: الحريري والمستقبل في ورشة "نقد ذاتي"

12 يونيو 2016
الحريري أعلن المسؤولية عما آل إليه "المستقبل"(حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -
لم يتأخر رئيس تيار المستقبل، رئيس الحكومة الأسبق، سعد الحريري، في الإعلان عن تحمّله المسؤولية كاملة لما آلت إليه الأمور في تياره على المستويات كافة. قدّم الحريري، خلال حفل إفطار أقامه للتيار، يوم الجمعة الماضي، مدخلاً لعملية المراجعة الشاملة، التي على المستقبليين القيام بها منذ سنوات، والتي ظهرت بشكل جلي في نتائج الانتخابات البلدية، التي نُظّمت في لبنان خلال مايو/أيار الماضي.

ترك الحريري في نفوس أغلب من حضروا الحفل انطباعاً بأنّ "الزعيم" تحلّى بالجرأة الكافية لتحمّل المسؤولية، ولو أنّ هذه "الجرأة" ليست علاجاً فعلياً لأزمة التيار، بل تكاد تكون مجرّد جرعة معنويات أراد منها الحريري القول لمحازبيه إنه موجود لترتيب البيت الداخلي المستقبلي، واستعادة المبادرة سياسياً وحزبياً، أو "ورشة النقد الذاتي"، بحسب تعبير أحد مسؤولي المستقبل، في حين ستكون هذه المراجعة مادة رئيسية في الاجتماع الذي يعقده المكتب السياسي للتيار، يوم الإثنين المقبل، برئاسة الحريري نفسه، في ظلّ تعويل مسؤولي التيار على هذا الاجتماع لمواجهة الحريري بكل الملاحظات المتراكمة في أدراجهم منذ لحظة مغاردته بيروت عام 2011 بعد إسقاط حزب الله وحلفائه الحكومة التي كان يترأسها، على أن يكون هذا الاجتماع فاتحة لقاءات تنظيمية من المفترض أن يعقدها المستقبليون تحضيراً للمؤتمر التنظيمي المقرر عقده في خريف 2016، بعد تأجيله لأكثر من عامين.

يقول عضو كتلة المستقبل، النائب عمار حوري، لـ"العربي الجديد"، إنه "من المنتظر أن يكون النقاش موسّعاً، لكن طبعاً من دون المسّ بالمسلّمات السياسية والمبادئ، التي يستند عليها التيار"، مؤكداً على أنّ "لا تكهّنات يمكن تقديمها حيال الاجتماع"، في حين يشير عضو المكتب السياسي، النائب السابق مصطفى علّوش، لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "لم يتم وضع أية أجندة أو جدول أعمال للاجتماع، وبالتالي سيكون الكلام مفتوحاً أمام الجميع وفي كل الأمور".
وتسجّل أوساط المكتب السياسي مجموعة كبيرة من الملفات والنقاط، التي سيتطرق إليها الاجتماع المنتظر. ويبدو وكأنه يتمّ التعامل مع هذا اللقاء الحزبي البديهي على أنه اجتماع استثنائي، بينما من المفترض أن تُعقد لقاءات مشابهة بشكل أسبوعي أو شهري، أو حتى دوري، كما هي الحال في معظم الأحزاب.

وبحسب ما يتمّ التداول به في نقاشات مسؤولي المستقبل، فإنّ أبرز النقاط التي سيتطرق إليها الاجتماع، هي:

أولاً، المسار السياسي العام، الذي ينتهجه المستقبل، في التسويات والمهادنة السياسية والاستمرار في مبدأ الحوار والنقاش مع كل الأطراف السياسية وتحديداً مع حزب الله. ثانياً، تقديم القراءة المستقبلية الواضحة لكيفية إدارة قيادة التيار لأبرز الملفات السياسية، وأولها ملف رئاسة الجمهورية والوضع الحكومي، إضافة إلى صياغة التحالفات.

ثالثاً، غياب الرئيس الحريري عن بيروت وتأثيره على إدارة وضبط الصفوف التنظيمية، الأمر الذي سمح بملء هذا الغياب بظهور قيادات جديدة في المستقبل وإلى جانبه، تتمثل أبرزها بوزير الداخلية، نهاد المشنوق، ووزير العدل المستقيل، أشرف ريفي، الذي انتصر في الانتخابات البلدية في طرابلس. رابعاً، رفع هيمنة الفريق المحيط بالحريري على القرار في المستقبل في ظلّ الاستبعاد الكامل للهيئات التنظيمية، ومنها المكتب السياسي، الذي يلعب فعلياً دور المتفرّج في حين تتمّ مناقشة القرارات واتخاذها في حلقة مؤلفة من سبعة إلى عشرة أشخاص يحيطون بالحريري ليل نهار، في الرياض وباريس وبيروت.
خامساً، البحث عن مخارج جدية لتأثير الأزمة المالية التي يمرّ بها الحريري على التيار وذلك من خلال محاولة "إيجاد صيغة ما للتمويل الذاتي"، بحسب ما يقول أحد أعضاء المكتب السياسي لـ"العربي الجديد".

وفي إطار الأزمة المالية للحريري، تشير مصادر مطلّعة إلى أنّ "النقص في الأمول مستمرّ بحيث تتفاوت الرواتب التي لم تُسدّد في الشركات والمؤسسات التي يملكها الحريري ما بين أربعة وعشرة أشهر"، وهو ما دفع الحريري إلى البحث بشكل جدي عن مصادر التمويل "وعن وضع سلّة واحدة لإنهاء الأزمة على مستوى المصادر الرئيسية الثلاثة للتمويل"، أي شركة "سعودي أوجيه"، و"أوجيه تلكوم" والحصة التي يملكها في "البنك العربي".

المصادر نفسها أكدت على أنّ الحريري تخلّى بشكل أو بآخر عن أغلب أسهمه "سعودي أوجيه" لصالح مسؤولين نافذين في الرياض، في حين لا يزال السؤال الأبرز في أروقة المستقبل يدور حول غياب الدعم السياسي والمالي السعودي للحريري، كشخص وكزعيم سياسي.
المساهمون