وأفادت مصادر محلية في عدن "العربي الجديد"، بأن اليومين الأخيرين شهدا أولى الخطوات العملية على صعيد تواجد قيادات تابعة للشرعية في مدينة عدن بالتنسيق مع القوات السعودية المتواجدة في المدينة، للمرة الأولى منذ سيطرة التشكيلات الانفصالية المدعومة إماراتياً على المدينة خلال أحداث أغسطس/آب الماضي.
ووفقاً للمصادر، فإن اللجنة العسكرية الحكومية والتي يترأسها قائد لواء النقل الثقيل في قوات "الحماية الرئاسية"، العميد أمجد خالد، شرعت وبالتنسيق مع السعوديين، بأولى الخطوات العملية الخاصة بالترتيب لعودة لواء الحماية الرئاسية إلى المدينة، ليتولى حماية أبرز المنشآت الحكومية، بعد أن وقعت معسكرات القوة في أيدي قوات "المجلس الانتقالي"، وغادر أغلب منتسبيها المدينة.
ولقيت عودة خالد إلى عدن، إلى جانب قيادات عسكرية أخرى بينها العميد أحمد الظاهري والعميد طارق النسي، ترحيباً في أوساط السكان، الذين أطلق العديد منهم مفرقعات مساء الجمعة، تعبيراً عن الابتهاج بالخطوة، وبعدما كانت السيطرة الحصرية لـ"الانتقالي" بالقوة على المدينة مصدر قلق في أوساط العديد من السكان.
وعلى الرغم من أن الخطوة التنفيذية الأولى بالاتفاق، جرت منذ بداية الأسبوع، بعودة رئيس الحكومة معين عبدالملك وعدد من الوزراء إلى مدينة عدن يوم الإثنين الماضي، إلا أن وصول اللجنة العسكرية الحكومية، يمثّل مرحلة جديدة في اختبار تنفيذ الاتفاق، كنتيجة للخطوات المحورية المطلوب تنفيذها، وأبرزها الانسحابات العسكرية لقوات "الانتقالي" التي قدِمت من خارج المدينة، إلى مواقعها السابقة، قبل أغسطس/ آب الماضي، إلى جانب تسليم الأمن في المدينة إلى قوات الشرطة، في وقتٍ كانت قوات ما يعرف بـ"الحزام الأمني" المدعومة إماراتياً، المسيطر الأول على المناطق الحيوية في عدن خلال الفترة الماضية.
وتبرز أهمية الخطوات التنفيذية على الجانب العسكري، في كونها المحك الذي سيحدد الجدية بتنفيذ الاتفاق، ويعيد عدن إلى وضعها الطبيعي، ليس إلى ما كانت عليه قبل أحداث أغسطس/آب فحسب، بل إن الموازين الأمنية مختلة لصالح التشكيلات الخارجة عن سيطرة الحكومة منذ سنوات، وبالتالي فإن مجمل الترتيبات أمنياً وعسكرياً، يفترض أن تفضي إلى وضع يساهم في فرض حالة من الاستقرار في المدينة، وينزع فتيل التوترات التي تطفو على السطح من حين لآخر.
وفي السياق، ينصّ الاتفاق، بالإضافة إلى عودة القوات إلى ما قبل أغسطس، على "تجميع ونقل الأسلحة المتوسطة والثقيلة بأنواعها المختلفة من جميع القوات العسكرية والأمنية في عدن" خلال 15 يوماً من التوقيع، إلى معسكرات تحددها قيادة التحالف السعودية في المدينة. وتشمل هذه الأسلحة على وجه الخصوص الدبابات، والمدرعات، والمدفعية، و"الكاتيوشا"، و"الهاونات" الثقيلة، والصواريخ الحرارية، والأطقم المسلحة بعيارات ثقيلة ومتوسطة. كما يتضمن نقل جميع القوات العسكرية التابعة للحكومة والتشكيلات العسكرية التابعة لـ"المجلس الانتقالي" في محافظة عدن إلى معسكرات خارج المحافظة خلال 30 يوماً من التوقيع. وينص على أن "تتولى قوات الشرطة، والنجدة، في محافظة عدن مسؤولية تأمين المحافظة مع العمل على إعادة تنظيم القوات التابعة للحكومة والتشكيلات التابعة للمجلس الانتقالي وفق الاحتياج وخطة التأمين".
من زاوية أخرى، تأتي الخطوة الخاصة بنزول لجنة عسكرية من الشرعية إلى عدن، مع اقتراب انتهاء المهلة المحددة لتسمية أعضاء حكومة جديدة يشارك فيها "الانتقالي"، وتتألف من 24 وزيراً، كأبرز استحقاق سياسي يقتضيه الاتفاق المبرم في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي.
وكشفت مصادر سياسية يمنية لـ"العربي الجديد"، عن حراك سياسي بدأ أخيراً في إطار الحكومة والأطراف السياسية الموالية للشرعية، لترشيح أسماء لتولي مناصب في التشكيلة المرتقبة، والتي ستحصل فيها مختلف الأحزاب على تمثيل متباين، ويضاف إليها لأول مرة ممثلون عن "الانتقالي"، بما في ذلك، مرشحون لتولي مناصب محافظين في المحافظات الجنوبية (عدن ومحيطها).
وفي الوقت الذي ما يزال من غير الواضح، حتى اليوم، طبيعة الحقائب التي ستمنح لـ"الانتقالي"، أو للأطراف الأخرى المشاركة، من المتوقع أن يدخل في التشكيل إلى جانب المجلس أبرز الأحزاب، متمثلة بـ"المؤتمر الشعبي العام" وحزب "الإصلاح" و"الاشتراكي" اليمني و"الناصري"، إلى جانب مكونات من المتوقع أن تُمثّل وإن بصورة غير مباشرة أبرزها "الائتلاف الوطني الجنوبي" المؤيد للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، وكذلك "مؤتمر حضرموت الجامع".