معارضة حلب تصدّ النظام... وروسيا تنتقم من مدنيي ديرالزور

26 يونيو 2016
صد أعنف محاولة تقدم لقوات النظام في حلب(بهاء الحلبي/الأناضول)
+ الخط -
فيما يواصل الطيران الحربي استهدافه لمختلف مواقع سيطرة المعارضة السورية في محافظة حلب، مسقطاً أمس السبت مزيداً من الضحايا المدنيين، سجلت الطائرات الروسية، عصر أمس، أكبر مجزرة تعرفها الأراضي السورية منذ أيام، عندما استهدفت المقاتلات مدينة القورية الخاضعة لسيطرة تنظيم "داعش"، شرقي مدينة دير الزور، لتقتل نحو 40 مدنياً في حصيلة أولية وتجرح العشرات. وقال الناشط الإعلامي عامر هويدي لـ"العربي الجديد": "إنّ طائرات حربية روسية شنّت ثلاث غارات على المباني السكنية وجامع الإيمان وسط مدينة القورية". وأوضح أنّه "سقط داخل جامع الإيمان نحو ثلاثين قتيلاً، تفحّمت جثثهم بسبب قوة القصف، واحتراق المسجد"، لافتاً إلى أنّ الأهالي ظلّوا يحاولون انتشال جثث الناجين من تحت الأنقاض، بطرق بدائية، حتى المساء. وأضاف أنّ "غارات مماثلة للطائرات الروسية طاولت حيَّيْ الصناعة والرشدية ومنطقة مطار دير الزور العسكري، إضافة لقرية الشحيل بالريف الشرقي، لم تسفر عن أيّ إصابات".

أما في حلب، وبعدما أفشلت المعارضة المسلحة ليل الجمعة السبت، واحداً من أعنف الهجمات البرية لقوات النظام ومليشيات متحالفة معه على جبهتي حيَّي جمعية الزهراء وبني زيد بالمدينة، بدا واضحاً أن العمليات العسكرية في هذه المحافظة آخذة بالتصاعد خلال الفترة المقبلة. فعلى الرغم من إقرار الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، أول من أمس الجمعة، بتكبد حزبه لخسائر بشرية كبيرة في معارك حلب منذ بداية هذا الشهر، إلا أنه توعّد بزيادة حضور مقاتلي حزبه في حلب، معتبراً أن المعركة هناك "استراتيجية وكبرى".

ومنذ الجمعة وحتى ظهر السبت، شنت المقاتلات الحربية الروسية عشرات الغارات في المدينة وريفها، إذ طاول القصف أمس بحسب مصادر ميدانية، أحياء الهلك، أرض الحمرا وسيف الدولة، وأدى لإصابات بين المدنيين، كما قُتل طفلٌ وأصيب أشخاص آخرون، بغارةٍ استهدفت حي الميسر بالمدينة. وأضافت المصادر الميدانية أن هجمات جوية كثيفة استهدفت مناطق ريف حلب الشمالي، وتركزت على بلدتي حيان وعندان ومحيطهما.

وجاء ذلك بعد ساعاتٍ قليلة فقط من إفشال قوات المعارضة السورية لهجومٍ واسعٍ شنته قوات النظام على جبهتي حيَّي بني زيد وجمعية الزهراء، إذ أكد الناشط الإعلامي منصور حسين لـ"العربي الجديد"، أن "اشتباكات عنيفة دارت بين الثوار وقوات النظام مدعومة بمليشيا حزب الله اللبناني ولواء القدس في محيط حيي بني زيد وجمعية الزهراء غرب مدينة حلب"، لكن هذا الهجوم فشل في تحقيق أي تقدم للنظام على تلك الجبهات.

وأكد مصدر في الجيش السوري الحر لـ"العربي الجديد"، أن "أكثر من أربعين عنصراً من قوات النظام قُتلوا خلال معارك الليل، بعد وقوعهم في كمين ما بين حي الخالدية وحي بني زيد في حلب، وقُتل نحو 18 آخرين على محور جمعية الزهراء". وتحدّث المصدر عن أنّ الهجوم خلال ساعات الليل، هو "أعنف محاولة تقدم لقوات النظام والمليشيات المساندة لها على جبهة حي جمعية الزهراء، وتزامن مع قصف جوي ومدفعي تعرضت له المنطقة واستخدمت فيه قوات النظام القنابل العنقودية والحارقة".

وبالتزامن مع هذه المعارك التي شهدتها أحياء المدينة الغربية ليلاً، دارت مواجهات أخرى في ريف المحافظة الجنوبي، إذ أشار الناشط الإعلامي نفسه لـ"العربي الجديد"، إلى "سقوط قتلى وجرحى في صفوف قوات النظام والمليشيات الأجنبية التي تقاتل معه، إثر وقوع مجموعة منهم في كمين نصبه الثوار على أطراف بلدة خلصة"، التي سيطر عليها مقاتلو "جيش الفتح"، مع قريتي زيتان وبرنة الأسبوع الماضي، بعد معارك استمرت نحو أربعة أيام، تكبدت خلالها المليشيات الأجنبية التي تقاتل إلى جانب النظام هناك، خسائر بشرية كبيرة.

ويترقّب كثيرون الترجمة الفعلية للكلام الذي أدلى به الأمين العام لـ"حزب الله" اللبناني حسن نصرالله، لناحية توجيه انتقاداتٍ ضمنية لروسيا، مدعياً أن قبولها بوقف إطلاق النار، أثّر على الوضع الميداني، كما أنه كان حريصاً على التأكيد بأن مقاتلي حزبه مع قوات النظام حاربوا لسنوات قبل الحضور الروسي في سورية.

ويعكس هذا الكلام، استياء الحزب من موسكو، التي لا تقدم له وللمليشيات العراقية والإيرانية الأخرى غطاءً جوياً في المعارك التي خسروا بها عشرات العناصر وبعض القرى في ريف حلب الجنوبي منذ بداية هذا الشهر.

ويرى رئيس هيئة أركان الجيش السوري الحر، العميد أحمد بري، بأن "خطاب نصر الله الأخير لم يأت بجديد، سوى أن الأخير أراد رفع معنويات حاضنته الشعبية التي باتت تستقبل عشرات القتلى أسبوعياً دون رؤيتها لنتائج على الأرض، وباتت قلقة على مصير أبنائها يوماً بعد آخر، فأراد نصر الله أن يغطي على هذا التقهقر بخطابٍ يقول فيه إن المعركة حاسمة وعليهم أن يتحملوا الخسائر الكبرى".

وحول الخلاف بين محور إيران-النظام من جهة، وروسيا من جهة أخرى، يؤكد القيادي في المعارضة السورية المسلحة في حديثه لـ"العربي الجديد"، بأنه "لا يمكننا القول بأن روسيا لا تقدم غطاءً جوياً في معارك ريف حلب الجنوبي" ولكنه غير كافٍ ولا يخدم تطلعات تلك المليشيات وطموحاتها، و"هذا بدوره يبين حجم الخلاف بين الجانبين على قيادة المعركة في حلب". ويختم بري حديثه بالقول، إن "الجانب الإيراني ومعه مليشياته على الأرض، ينظرون إلى مستقبل سورية نظرة مختلفة تماماً عن الجانب الروسي، فإيران تسعى لتغيير طائفي في سورية يخدم مصالحها المستقبلية، والروس لديهم مصالح لا تتوافق مع ذلك، ومصالحهم السياسية المستقبلية مختلفة، لذا نرى هذا الخلاف بين الجانبين، لكنهم بالنهاية شركاء في محاربة الشعب السوري وقتله".


أما على جبهة منبج، في ريف حلب الشمالي الشرقي، فقد فتحت قوات "سورية الديمقراطية" جبهة جديدة من الجهة الجنوبية للتقدم أكثر داخل المدينة التي كانت اقتربت من الدخول إليها قبل يومين من الجهة الغربية. وأفاد "المرصد السوري لحقوق الإنسان" بأن القوات ذات الغالبية الكردية "تخوض اشتباكات عنيفة مع جهاديي تنظيم الدولة الإسلامية في جنوب وغرب المدينة بغطاء جوي كثيف من التحالف الدولي". وقال مدير "المرصد السوري"، رامي عبد الرحمن، إن "قوات سورية الديمقراطية حققت تقدماً استراتيجياً من الجهة الجنوبية إثر سيطرتها على منطقة الصوامع، وباتت تشرف بذلك على أكثر من نصف المدينة". كما سيطرت صباح أمس، بحسب بعض المصادر، على دوار المطاحن جنوب المدينة، والذي يبعد حوالى كيلومتر ونصف الكيلومتر عن وسطها. وأكد "لواء ثوار الرقة"، أحد المكونات العربية في تحالف "سورية الديمقراطية"، في تغريدة على حسابه على موقع "تويتر" أن "المجلس العسكري لمدينة منبج سيطر على صوامع المدينة على المدخل الجنوبي".