إجراءات أميركية أمنية مشددة بالمطارات: 3 حوادث تعزز المخاوف

07 نوفمبر 2015
تتولى "تي أس إيه" حماية المطارات الأميركية(بول ريتشاردس/فرانس برس)
+ الخط -
أدى حادث تحطم الطائرة الروسية في سيناء المصرية إلى إعلان السلطات الأميركية عن تشديد إجراءات التفتيش في المطارات الأميركية، وعند بوابات الطائرات المتجهة إلى الولايات المتحدة من مطارات أجنبية.


اقرأ أيضاً: سياح بريطانيون: أمن مطار شرم الشيخ يلعب "كاندي كراش"

ويعني ذلك أن الأميركيين لا يثقون بالإجراءات التي يخضع لها المسافرون في المطارات الأوروبية والعربية، وليست في نظرهم كافية لإعفاء المسافرين من تفتيش إضافي بأجهزة وماسحات حديثة للأجساد البشرية.

ويتولى التفتيش حرّاس الطائرات الأميركيون قبل دخول الركاب الطائرات. ومن حق طواقم الطائرات أو حراسها الجويين أن يرفضوا دخول أي راكب دون الحاجة لإبداء الأسباب لمجرد الشك في تصرفاته.

ومن الإجراءات المعتادة التي تطبق كذلك على القادمين إلى الولايات المتحدة في المطارات الأوروبية خلع الأحذية وأحزمة البناطيل بغض النظر عن كون المسافر ذكراً أم أنثى. كما يمنع حمل السوائل التي يشتبه الأميركيون بوجود إمكانية لاستخدامها في صنع المتفجرات داخل الطائرة نفسها.

لكن في المطارات الأميركية، من غير المعروف بعد كيف سيكون عليه أمر تشديد إجراءات التفتيش، المشدّدة أصلاً في الأحوال العادية. بل إنّ المطارات الأميركية باتت بواباتها مزوّدة منذ فترة بالماسحات الضوئية.

وقد أنفقت السلطات الأميركية على الإجراءات الأمنية في المطارات بعد هجمات سبتمبر/أيلول ما يزيد على أربعين مليار دولار أميركي. وليست المرّة الأولى التي يؤدي فيها حادث من حوادث الطيران إلى تشديد الإجراءات في المطارات الأميركية، إذ أن مثل هذه المناسبات تتكرر بين فترة وأخرى. لكن الحوادث الأكثر أهمية التي أثرت في أسلوب التفتيش واجراءات السفر كانت ثلاثاً، وجميعها كانت عبارة عن محاولات فاشلة لتفجير طائرات مدنية.

الحذاء المتفجر

ووقع هذا الحادث بعد ثلاثة شهور فقط من هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، وبطل المؤامرة الفاشلة هو ريتشارد ريد الذي أرسلته "القاعدة" لتفجير طائرة ركاب مدنية في سماء الأطلسي بحذاء متفجر. ولعل عملية ريتشارد ريد، جعلت من خلع الأحذية في المطارات الأميركية والأوروبية أمراً ضروروياً للتفتيش.

وانكشف أمر ريد بمجرد أن حاول اشعال فتيل المتفجرات التي أخفاها في حذائه. كما أن مظهره أثار الانتباه قبل صعوده إلى الطائرة التابعة لشركة الطيران "أميركان إيرلاينز" على رحلتها المتوجهة من باريس الى ميامي. وكانت تذكرة السفر التي اشتراها تسمح له برحلة ذهاب بلا عودة، الأمر الذي ضاعف من شكوك شركة الطيران التي خسرت طائرتين من طائراتها في هجمات ستبمبر/أيلول 2001. كما لم يكن مع ريد أي حقيبة.

وفشلت الخطة عندما تمكّن البعض من أفراد طاقم الطائرة والركاب السيطرة على حركته، لتقوم الطائرة بالهبوط الاضطراري في مدينة بوسطن الأميركية، وتم اعتقال المتآمر بمجرد هبوط الطائرة.

السروال الداخلي

أما الحادث الثاني الذي فشل أيضاً، فقد وقع في عيد الميلاد في 25 ديسمبر/كانون الأول عام 2009، وبطله الشاب النيجيري عمر فاروق عبد المطلب، الذي حاول تفجير طائرة نورث أير لاين 253 المتجهة من أمستردام الهولندية إلى مدينة ديترويت، بولاية ميشيغن الأميركية.  وجرت المحاولة عن طريق وضع الخامات الأولية لصنع متفجرة في سرواله الداخلي واعترف الفاعل بذلك أثناء محاكمته.

وقد أضيفت تهم أخرى من قبل هيئة المحلفين وهي محاولة قتل 289 شخصاً هم مجموع من كان على متن الطائرة، ومحاولة استخدام سلاح دمار شامل.

الطوابع المفخخة

المحاولة الأبرز جرت بعد محاولة عمر فاروق بعام واحد، أي في 2010، وكان الهدف منها تفجير طائرة شحن بمتفجرات تم إخفاؤها في طوابع أرسلت من اليمن عبر شركة "فيديكس"، وكانت شحنتان منها في طريقهما إلى الولايات المتحدة قبل إفشال المؤامرة في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2010.

ومن العوامل التي أدّت الى كشف المؤامرة أنّ الطابعات وأجهزة الكمبيوتر تُرسل عادة من الولايات المتحدة إلى اليمن وليس العكس، وعند إرسال شحنة مثل هذه من بلد نام إلى بلد متقدّم، فإنّها تثير التساؤلات والشبهات. وأرسلت شحنتان متفجرتان مخفيتان في قلب طابعتين على أمل تفجير طائرة شحن أو تفجير هدف آخر في محطة الوصول الأخيرة للطرود المتجهة إلى شيكاغو. غير أن إحدى هاتين الشحنتين تم اكتشافهما في دبي والثانية في مطار شرق ميدلاندز، في بريطانيا.

واتضح للولايات المتحدة لاحقاً أن تنظيم "القاعدة" في جزيرة العرب يقف وراء المؤامرة، وأنّ صانع متفجرة السروال الداخلي هو نفسه صانع متفجرات الطوابع اليمنية ويدعى إبراهيم العسيري وهو أحد أعضاء تنظيم "القاعدة" السعوديين في اليمن. وكانت الطرود موجهة إلى معابد يهودية في منطقة شيكاغو، ومعبأة بمادة "ثريتول تترانيترات" المتفجرة.

وفي دبي، عثرت الشرطة بناء على معلومات قادمة من السعودية على متفجرات من مواد مشابهة مخفية داخل خرطوشة حبر من الطابعة. ووضعت الخرطوشة في صندوق من الورق إلى جانب بعض التحف اليمنية التي وضعت بعناية فائقة. وأعلن البيت الأبيض حينها أن السعودية قدمت معلومات ساعدت في إحباط المحاولة.

ماسحات الخوف

وأدت المحاولات المشار إليها إلى رفع مستوى القلق لدى السلطات الأميركية من احتمال نجاح "القاعدة" في صنع متفجرات يصعب اكتشافها بالوسائل العادية، وقررت الولايات المتحدة منذ عام 2010، اتخاذ إجراءات أكثر تشدّداً في المطارات، تحسّباً لأي محاولات ناجحة.

وكانت الماسحات الضوئية في ذلك الوقت لا تزال في مرحلة التجربة في بعض المطارات الأميركية ومثار جدل بين المؤيدين لاستخدامها والرافضين لها بشدّة. غير أنّ حادث الطابعات، وقبله محاولة عمر الفاروق، حوّلت تلك الأجهزة من ماسحات للأجسام إلى ماسحات للخوف، إذ أنّ السلطات الفدرالية كان يعتريها الخوف من المتفجرات التي لا يمكن الكشف عنها عبر الأجهزة العادية.

وتتولى وكالة أمن النقل العام (تي إس أي)، التابعة لوزارة الداخلية، ماية المطارات الأميركية، التي بدأت تستعين في العامين الأخيرين بعدد كبير من الأميركيين المسلمين والمسلمات لإخضاع المسافرين للتفتيش وتخفيف الواقع عن أولئك الذين يتعرّضون لإجراءات إضافية منفصلة.

واللافت أنّ عدد الفتيات المحجبات اللاتي يخضعن المسافرين للتفتيش في المطارات الأميركية أصبح أكثر من عدد المحجبات اللاتي يتعرضن للتفتيش. وتخشى السلطات الأميركية حالياً من صانعي قنابل تتلمذوا على أيدي إبراهيم العسيري، ممن انتقلوا من "القاعدة" إلى تنظيم "الدولة لإسلامية" (داعش).

ويزداد القلق من أي تعاون في صنع المتفجرات بين عناصر "القاعدة" من ذوي الخبرة، مع عناصر "جبهة النصرة" أو "داعش". وتثير الإجراءات المشدّدة في المطارات الأميركية انتقادات واسعة، على اعتبار أنها تحدّ من الحريات وتنتهك الخصوصية.

اقرأ أيضاً: فرضية أميركية ثانية وراء سقوط الطائرة الروسية