يلدريم في العراق اليوم: تفاهمات لطي صفحة الخلافات

07 يناير 2017
يلدريم يلتقي العبادي ومسعود البرزاني (متين بالا/الأناضول)
+ الخط -



يتوجه رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، إلى العراق في زيارة اليوم السبت، يبدأها من العاصمة بغداد ومن ثم أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، في ما بدا تتويجاً للجهود الدبلوماسية التي بذلها الطرفان، لتطبيع العلاقات وإنهاء التوتر الذي بلغ أشده في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي. وتأتي هذه الزيارة بعد أكثر من سنتين من الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الوزراء التركي السابق، أحمد داود أوغلو، إلى بغداد وأربيل في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2014، وتلتها مباشرة زيارة قام بها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى العاصمة التركية أنقرة في شهر ديسمبر/كانون الأول من العام ذاته.
وأكد يلدريم قبيل الزيارة، أهمية استمرار التواجد التركي في العراق. وقال في تصريحات للصحافيين في أنقرة، أمس الجمعة، إن "وجود معسكر بعشيقة في العراق لا يشكل انتهاكاً لسيادة هذا البلد، ونحن ندرب المقاتلين هناك في إطار مكافحة تنظيم داعش". وأضاف يلدريم: "سنتحدث مع المسؤولين العراقيين كذلك حول سبل محاربة تنظيمي داعش والعمال الكردستاني الإرهابيين".
وبدأت سلسلة الأزمات بين الطرفين في ديسمبر/كانون الأول من عام 2015، عندما اعترضت الحكومة العراقية على قيام القوات المسلحة التركية بتوسيع تواجدها في قاعدة الزليقان العسكرية المتواجدة في منطقة بعشيقة التابعة لمحافظة نينوى، والخاضعة لسيطرة قوات البشمركة الكردية. ودخل حينها إلى القاعدة 150 جندياً تركياً برفقة 20 دبابة بهدف تبديل المناوبات بين العسكريين الأتراك الذين كانوا يشرفون، بحسب اتفاق سابق مع بغداد، على تدريب قوات البشمركة وقوات حرس نينوى المكونة من أبناء العشائر السنية في الموصل بقيادة محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي.
وعاد التوتر ليبلغ أشده في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، إثر التجديد "الروتيني" الذي قام به البرلمان التركي للمذكّرة التي تفوض الحكومة التركية بالقيام بعمليات عسكرية في الأراضي العراقية والسورية، وتبادل إثر ذلك الطرفان سيلاً من التصريحات النارية، التي لم تخفّ على الرغم من إرسال أنقرة وفداً دبلوماسياً للتفاهم على الأمور العالقة.
وتأتي زيارة يلدريم في الوقت الذي تبدو فيه الضغوط التركية قد حققت العديد من أهدافها. وأكد مصدر مطلع في الحكومة التركية لـ"العربي الجديد" أن "زيارة يلدريم تأتي بعد أن تمكّنت الحكومة التركية من التوصل إلى اتفاقات مبدئية مع نظيرتها العراقية، وسيلتقي يلدريم مع العبادي ورئيس إقليم كردستان، مسعود البرزاني للتباحث في بعض التفاصيل، فنحن ما زلنا نتوقع من بغداد وأربيل المزيد من التعاون في مجال مكافحة الإرهاب وبالذات تحجيم حزب العمال الكردستاني، الأمر الذي تم التفاهم عليه بالخطوط العريضة، كما تم التفاهم على ضم حراس نينوى إلى قوات الحشد الشعبي العراقية وبالتالي الاعتراف بشرعية وجوده".



وفي ما يخص التفاهم على التواجد التركي في قاعدة بعشيقة، لفت المصدر إلى "أننا طرحنا عدداً من الحلول منها أن يتم ضم القاعدة لتصبح في إطار قوات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وليس لدينا مشاكل في وضع سقف زمني لتواجدنا في القاعدة ينتهي بعودة الاستقرار إلى المنطقة والقضاء على داعش"، مضيفاً: "أهم ما يعنينا هو عدم السماح للعمال الكردستاني بالبقاء في سنجار".
وعلى الرغم من الاعتراضات الكبيرة من قيادات "الحشد الشعبي"، ورئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، قررت الحكومة العراقية الأسبوع الماضي، إدراج قوات حرس نينوى ضمن هيئة "الحشد الشعبي" وجعلهم تحت إشراف قائد المحور الشمالي الفريق علي الفريجي خلال عمليات تحرير نينوى.
وتبادل الطرفان التركي والعراقي، قبل الزيارة، العديد من الرسائل الإيجابية، إذ أكد المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالن، يوم الأربعاء الماضي، أن أنقرة تستبعد القيام بأي عمل عسكري في الأراضي العراقية على غرار الأراضي السورية بسبب وجود حكومة عراقية مركزية يمكن الحديث معها، مشدداً في الوقت ذاته على أن "تركيا لن تقبل بإعادة تركيز الكردستاني لقواعده في جبل سنجار". بينما كان رئيس الوزراء العراقي قد أكد قبل أيام أن بلاده لن تقبل بأن يستخدم "العمال الكردستاني" أراضيها لشن هجمات ضد تركيا.
وسبق ذلك تصريحات من مراد كارايلان، أحد أهم القيادات العسكرية لـ"العمال الكردستاني"، أكد فيها أن الحزب سينسحب من سنجار، قائلاً: "لا زالت الحوارات بيننا مستمرة، وقلنا لهم (سلطات الإقليم) بوضوح إننا سنسحب قواتنا من سنجار بمجرد التوصل إلى نتيجة في اللقاءات المستمرة بيننا"، وذلك في إطار رده على تصريحات رئيس وزراء إقليم كردستان نيجرفان البرزاني، التي أشار فيها إلى أن الإقليم لن يمتنع عن استخدام القوة العسكرية لطرد "العمال الكردستاني" من سنجار. يأتي ذلك بينما أعلن المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان، سفين دزيي، أن حكومة الإقليم تلقت رداً إيجابياً من "العمال الكردستاني" حول انسحابه من جبل سنجار، ولم يبق إلا الاتفاق على آليات الانسحاب.
فيما أكد مسؤول قوات "الأسايش" في سنجار، قاسم ديربو، أن قوات "العمال الكردستاني" ستنسحب من المنطقة، وأنها بدأت التجهيز اللازم لذلك، مشيراً إلى أن قوات "العمال" ستنسحب إلى مقراتها في قنديل، بينما ستنسحب قوات "الاتحاد الديمقراطي" (الجناح السوري للعمال الكردستاني) إلى مناطق سيطرتها في سورية.