تختلف آراء المراقبين للشأن الليبي بشأن حقيقة قبول اللواء المتقاعد خليفة حفتر لوقف القتال، الذي بدأ سريانه فعليا منذ ليلة السبت الماضي، ونهاية مساعي الحكم العسكري في ليبيا.
فبينما يرى البعض قبول حفتر بالهدنة "بارقة أمل فتحت أمامه"، يؤكد آخرون أنه أُجبر على القبول بها، سواء من خلال داعميه، أو بواسطة ضغوط دولية كبيرة.
ودعا السراج، خلال كلمة وجهها لليبيين شرح فيها أسباب قبوله لوقف إطلاق النار، إلى "طيّ صفحة الماضي، ونبذ الفرقة، ورصّ الصفوف للانطلاق نحو السلام والاستقرار".
وفيما شدد على عدم تفريط الحكومة في "السير نحو الدولة المدنية"، أكد أن خطوة وقف إطلاق النار "ما هي إلا خطوة أولى لتبديد أوهام الطامعين في السلطة بقوة السلاح، والحالمين بعودة الاستبداد"، ما اعتبره الأكاديمي والباحث السياسي الليبي، خليفة الحداد، نهاية لمشروع حكم العسكر في ليبيا.
وشرح الحداد رأيه لـ"العربي الجديد" بالقول إن "السراج تلقى ضمانات كبيرة في بروكسل وروما، وأخيرا في إسطنبول، للوقوف ضد الحل العسكري الذي يقوده حفتر، بدعم دول إقليمية عربية وأخرى أوروبية"، مضيفا أن "كل العوامل صبّت في صالح هذا الاتجاه، على رأسها فشل حفتر العسكري المتكرر طيلة تسعة أشهر".
وشدد: "وما ساعات الصفر التي أطلقها حفتر أكثر من مرة إلا دليل فشله وفشل كل من وقف وراءه بالدعم العسكري والسياسي".
ولفت الأكاديمي الليبي إلى مواقف عدد من الدول التي قدمت دعما لحفتر ثم تراجعت، متسائلا: "أين صوت الإمارات بالتحديد؟ لقد اختفى منذ وقت، ما يدلّ على نيتها الانسحاب كما فعلت فرنسا منذ وقت، وكما لا يخفى في مواقف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، التي اتجهت للمناداة بالحلول السياسية، وحتى زيارات حفتر لها بدأت تنقلها وسائل الإعلام كتسريبات عن مصادر خاصة، ولا يعلن عنها".
وأكد الحداد أن الوصول إلى مرحلة وقف إطلاق النار "خطوة هلّل لها حفتر، كونها تمثل إنقاذا له من حافة الانهيار"، مستدلا على ذلك بسرعة تلبيته لدعوة روما للقاء السراج، و"رغم رفض السراج، عاد مجددا إلى روما للقاء وزير الداخلية فتحي باشاغا، حسب ما أعلنت السفارة الأميركية التي رعت اللقاء في العاصمة الإيطالية.
وكان رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري قد أكد، في تصريح تلفزيوني ليلة أمس الأحد، أن توقيع الاتفاق في موسكو "هو بداية النهاية للحكم العسكري".
وفي وقت يرى فيه الحداد أن إعلان أحمد المسماري، المتحدث باسم حفتر، ليلة السبت الماضي، القبول بالدعوة لوقف إطلاق النار، وبعد ذلك ذهاب حفتر إلى موسكو، من دون أن يخرج ليقدم تفسيراته، "دليل مضاف على أن الخطوة مثلت لحفتر سبيلا للخروج من ورطته العسكرية"، يرى المحلل السياسي الليبي، مروان ذويب، مقابل ذلك أن "حفتر رجل لا يعرف المساومات، ولا يتحدث غير لغة السلاح والدم".
ولا يستبعد ذويب، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن يخرق حفتر كل الاتفاقات، فـ"تاريخه العسكري لا يوجد به غير التمرد وتنفيذ قراراته الخاصة"، معتبرا أن "بقاء قواته في المراكز ذاتها لا يؤكد شيئا سوى أن حفتر أُرغم على القبول بهذا الموقف".
وشدد المحلل السياسي الليبي على أن "خطر حفتر لا يزال قائما، وعدم التزامه بالاتفاقات الدولية معروف"، مستذكرا الاتفاق الذي عقد بينه وبين السراج في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وبعد أقل من شهرين هاجم طرابلس عسكريا، كما "نقض كل التفاهمات التي جرت في باليرمو وباريس أيضا".
من جهتهم، حذر قادة قوات الحكومة من حفتر، حيث دعا أحمد هدية، القيادي البارز في قوات "بركان الغضب"، حكومة الوفاق إلى "عدم الثقة به، وضرورة إرسال المزيد من الدعم العسكري لمحاور القتال"، بينما أكدت دار الإفتاء الليبية على "عدم جواز توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار مع حفتر من دون رجوع قواته إلى مواقعها السابقة".
وقالت الدار، في بيان لها اليوم الاثنين: "يجب أن يكون وقف إطلاق النار مشروطا بسحب العدو لقواته ورجوعه من حيث أتى".
وشددت الدار على أنه "لا يمكن القبول ببقاء قوات حفتر المعتدية المتعددة الجنسيات في مواقعها، التي استولت عليها بالحرابة وقوة السلاح في بعض مدن الجنوب والوسط، ومطاراتها، وعلى مناطق من جنوب طرابلس"، مؤكدة أن "وقف القتال متوقف على خروج قوات حفتر من هذه الأماكن، وأن الانتصار لهؤلاء المهجرين والوقوف معهم حتى يرجعوا إلى بيوتهم وممتلكاتهم، وكذلك الوفاء لدماء الشهداء الذين قتلوا من أجل قضيتهم، واجب، ولا يجوز خذلانهم ولا التخلي عنهم بوقف إطلاق نار غير مشروط".