أزمة "نداء تونس" تتعمق وتهدد مصيره

11 نوفمبر 2018
خلافات الشاهد والسبسي عمقت الانشقاقات بالنداء (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

تتجه الأزمة داخل "نداء تونس" إلى مزيد من التعمق، وتزداد الانشقاقات حدّة. فبعد تحرك التنسيقيات الجهوية الرافضة لتجميد عضوية رئيس الحكومة يوسف الشاهد، والانصهار في "الوطني الحر"، أعلن مساء أمس السبت، الناطق الرسمي السابق باسم النداء ومدير الإعلام، النائب منجي الحرباوي، استقالته وانسحابه من الحزب.

وباستقالة الحرباوي يتقلص عدد نواب "نداء تونس" إلى 50 نائبا بعد أن كان 89 إبان فوزه بالانتخابات التشريعية.

وتأتي استقالة الحرباوي قبيل التصويت على منح الثقة لأعضاء الحكومة الجدد، وفي وقت يزداد فيه المشهد السياسي ضبابية.

وكشف الحرباوي، في صفحته الرسمية في فيسبوك، عن حجم الأزمة التي يتخبط فيها الحزب الحاكم في تونس، إذ قال: "توقف النداء عن النداء فينا، لم يعد النداء نداء. أصبح ضجيجا وصراخا ونشازا"، مضيفا: "أعلن انسحابي... انتهى الحلم".

وفاجأت استقالة الحرباوي بعض المراقبين، خاصة أنه كان لسان الحزب ولسان مديره التنفيذي حافظ قائد السبسي، وكان ينتقد، في مناسبات كثيرة، الخصوم والمغادرين للحركة، كما اعتبر التعديل الوزاري "مخالفا للدستور وانقلابا على الشرعية، وأن الحكومة الحالية هي حكومة النهضة.

في المقابل، اعتبر آخرون استقالة الناطق الرسمي السابق باسم النداء "خطوة شبه متوقعة، بالنظر إلى حجم الصراعات التي يعيشها "نداء تونس"، والتي طفت على السطح ولم تعد خافية على أحد".

ويتوقع أن تكشف دعوة الكتلة البرلمانية لـ"نداء تونس" أعضاء الحكومة المنتمين إلى الحزب إلى الاختيار بين الحكومة والحزب عن أزمة جديدة تلوح في الأفق، إذ يبدو أن وزراء النداء باقون في الحكومة، ما قد يضطرهم إلى الاستقالة من الحزب، وهي خطوة ستزيد من شرخ النداء، وباتت تنذر بانتهاء وشيك للحزب الحاكم، خاصة أن حركة "نداء تونس" كان لها النصيب الأكبر من الوزراء في الحكومة بـ8 وزراء و2 كتاب دولة.      

واستقالة الحرباوي أمس من "نداء تونس" ليست الأولى، ولا يتوقع أن تكون الأخيرة، إذ عرف الحزب سابقا استقالة عدد من النواب والقيادات البارزة، وبروز كتل جديدة، مثل "مشروع تونس" و"الكتلة الوطنية" و"الائتلاف الوطني".

ويبدو أن الخلافات بين رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ورئيس الحكومة من جهة، وبين الشاهد وحافظ قائد السبسي من جهة أخرى، عمقت الانشقاقات وحجم الصراعات الداخلية، وجعلت مواقف النداء متذبذبة ومتناقضة في حالات كثيرة.


وفي السياق، أكد المحلل السياسي محمد بوعود، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "نداء تونس" يسير إلى نهايته، إذ "قرر اعتزال الحكم، رغم أنه الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية، واختار موقعا لن يستطيع من خلاله أن يكون معارضة ولا أن يكون سلطة، مع تراجع تأثيره في القرار داخل مجلس النواب، إضافة إلى النزيف الذي يتعرض له يوميا بخروج نوابه، وتضاؤل حجمه، وتمرد بعض قواعده الذين حاصروا السبت الماضي المقر وأرادوا اقتحامه"

وبين بوعود أن "العديد من القيادات المنسحبة والمتمردة تمثل قواعد لا بأس بها في النداء، وخروجها يعني اقتراب النهاية وإفراغ المنطقة الوسطية من مكون هام، إلا إذا تمكن يوسف الشاهد من ملء هذا الفراغ، وعدم ترك الساحة للتجاذب بين اليمين واليسار".

وأوضح المحلل السياسي أنه "لم يعد هناك أي مجال للشك أن "نداء تونس" يوشك على النهاية رغم أنه مستمر كفكرة، من خلال كتلة الائتلاف الوطني ومشروع تونس، والمحيطين برئيس الحكومة"، مشيرا إلى أنّه "يبدو أن المدير التنفيذي للحزب عمق أزمة النداء، ومن غير المستبعد أن يخرج من الشأن السياسي".

وبين بوعود أن "الحديث عن "نداء تونس" كقوة تعديلية في قادم الأيام لا يستقيم، لأنها قوة تسير نحو الاندثار وبالسرعة القصوى، والساحة السياسية في تونس ستكون مبنية على كتلة المعارضة، وكتلة في السلطة (النهضة ومجموعة يوسف الشاهد)"، مبرزا أنّ "تصريح الحرباوي وتأكيده أن النداء أصبح "ضجيجا وصراخا ونشازا" سببه الصراعات المتكررة والبيانات المتذبذبة والمعارك ضد الحكومة والنهضة، وحتى ضد وزراء "نداء تونس"، حيث إنهم لم يستجيبوا لطلب الحزب بالاستقالة، وكان من الواضح أنهم اختاروا الشاهد، وبالتالي لم يعد للنداء وزراء"

  

المساهمون