النظام السوري ينتقم بقصف المدنيين... وحلب تستعد للمعركة

11 اغسطس 2016
عشرات الضحايا بالقصف الجوي للنظام وروسيا (محمد أمين قربي/الأناضول)
+ الخط -


بعد التداعي الكبير وغير المسبوق، والذي مُنيت به دفاعات قوات النظام السوري في حلب، حيث ما تزال المعارك متواصلة في جنوبها منذ أحد عشر يوماً، شنّت مقاتلات النظام الجوية عشرات الغارات في محافظات سورية متعددة، أمس الأربعاء، بدا من خلالها النظام ساعياً لإظهار أن قوته الضاربة ما تزال قادرة على توجيه ضربات في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. لكن هذه الهجمات الجوية، على الرغم من كثافتها أمس، لم تمنح النظام أي أفضلية عسكرية على الأرض، بل أدت فقط إلى سقوط عشرات الضحايا من المدنيين في حلب وإدلب خصوصاً.
جاء ذلك فيما لا يزال النظام والمعارضة يحشدان المزيد من القوات استعداداً لمعركة فاصلة في حلب من شأنها أن تقلب موازين القوى على الأرض وعلى طاولة المفاوضات، إذ يستعين النظام بعناصر من حزب الله ومليشيات عراقية وإيرانية، كما يقوم بحملة اعتقال للذكور بين عمر 18 و45 عاماً بغض النظر عن عملهم، من أجل تعويض النقص في عديد قواته.
وكان لافتاً يوم أمس تزايد الضربات الجوية التي نفذت طائرات النظام السوري معظمها، فيما شن سلاح الجو الروسي غارات أخرى، وعلى الرغم من أن معظم الغارات تركزت في محافظتي حلب وإدلب إلا أنها شملت أيضاً مناطق في محافظتي حماة وحمص وسط البلاد، وكذلك في غوطة دمشق الشرقية.
ولم تشهد خطوط الاشتباك في معركة حلب أي تغييرات تُذكر، إذ بقيت المعارك كراً وفراً بين قوات النظام وفصائل المعارضة. وتمكّن النظام من استعادة تلة المحروقات الاستراتيجية يوم أمس، لتعود قوات المعارضة وتستردها، إلا أن النظام وبمساعدة الروس استخدم الطيران لضرب المدنيين كنوع من الانتقام لعدم قدرته على التقدّم على جبهات القتال، في الوقت الذي تطالب فيه المنظمات الدولية بتأمين المواد الإغاثية للمدنيين في المدينة.
وقال قائد غرفة "عمليات فتح حلب" الرائد ياسر عبد الرحيم، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الوضع العسكري في مدينة حلب أكثر من جيد والروح المعنوية عالية جداً بعد الانتصارات الأخيرة للثوار في غربي وجنوبي حلب، على الرغم من كل الحشود التي يدفع بها النظام إلى المنطقة". وأضاف عبد الرحيم: "نحن نتابع بحسب معلوماتنا الاستطلاعية الحشود الكبيرة لقوات النظام، ولدينا معلومات أنه يجلب أعداداً كبيرة من المرتزقة الأفغان واللبنانيين ومن بينهم قيادي من حزب الله يدعى رضوان، وهو شهير بارتكابه المجازر وكان قائد قوات حزب الله في منطقة القصير، كما تمت الاستعانة بقيادي من الحرس الجمهوري ارتكب مجازر، منها مجزرة الغوطة بالكيماوي"، معرباً عن تخوّفه من أن يلجأ النظام للسلاح الكيماوي، مطالباً المجتمع الدولي بنزع هذا السلاح منه.
وأشار عبد الرحيم إلى أن "تجمّعات قوات النظام تتركز في معمل الأسمنت وتل الذهبيات بشكل رئيسي، أما نحن فاستعداداتنا كبيرة في غرفة عمليات فتح حلب إضافة إلى غرفة عمليات جيش الفتح من الجنوب". ووصف الروس والإيرانيين بـ"الأغبياء"، موضحاً أنهم استغرقوا سنة كاملة للسيطرة على الكاستيلو، بينما تمكّن "جيش الفتح" في أسبوع واحد من تحرير أكبر نقطة لقوات النظام في حلب وهي مدرسة المدفعية.
وعن الوضع داخل حلب التي تم فتح طريق إليها، قال عبد الرحيم: "ننتظر من المجتمع الدولي والمنظمات الإغاثية التحرك بشكل جدي وفعلي لإدخال مواد إغاثية وإنسانية لمدينة حلب التي تُعتبر منكوبة بشكل كامل بعد تدمير المستشفيات والمرافق العامة، كما ندعوهم للدخول إلى أحياء حلب ورؤية المجازر والدمار الذي لحق بها"، مضيفاً: "نعم لقد فتحنا طريقاً لكن عليكم التحرك لإدخال مساعدات إنسانية".


في موازاة معركة حلب، شنّ طيران النظام الحربي والطيران الروسي عشرات الغارات على مختلف مناطق سيطرة المعارضة، مستهدفاً الأسواق الشعبية وبيوت المدنيين. وطاولت الغارات مدن إدلب ومعرة النعمان وأريحا وسراقب، إضافة إلى بعض مدن وبلدات الغوطة الشرقية لدمشق، مع استمرار القصف على القسم التابع لسيطرة المعارضة في مدينة حلب.
وقالت مصادر محلية في مدينة إدلب لـ"العربي الجديد"، إن أكثر من خمسة عشر مدنياً قُتلوا وأصيب عشرات آخرون في الغارات التي استهدفت سوقاً وسط مركز محافظة إدلب. كما قُتل خمسة مدنيين، وأصيب خمسة عشر بجروح، نتيجة الغارات التي ضربت مدينة أريحا في الريف الجنوبي لمحافظة إدلب، والتي تعرضت أمس، لعشرات الهجمات الجوية أيضاً. كذلك قُتل خمسة أشخاص في مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي، والتي استهدف طيران النظام سوق الهال في حيها الغربي، كما طاول القصف مدينة سراقب من دون أن يسفر عن ضحايا.
وقال الناشط الإعلامي منصور حسين لـ"العربي الجديد"، إن "الطيران الحربي شنّ منذ صباح أمس عشرات الغارات على مناطق مختلفة في محافظة حلب"، مشيراً إلى أن إحداها أدت إلى سقوط خمسة قتلى من المدنيين وإصابة عدد كبير آخر، في بلدة أورم الكبرى بريف حلب الغربي. وطاولت هذه الهجمات الجوية قبل ذلك، أحياء ومناطق أخرى تسيطر عليها المعارضة في حلب، وأدت إلى سقوط جرحى من المدنيين، في الغارات التي استهدفت أحياء الصاخور، مساكن هنانو، الشعار، السكري، المشهد وغيرها.
كما أفادت مصادر محلية في الغوطة الشرقية لـ"العربي الجديد"، بـ"سقوط عدد كبيرٍ من الجرحى بينهم أطفال، إثر غارتين استهدفتا وسط بلدة مسرابا"، كما طاول القصف الجوي مدينة دوما شمالي الغوطة الشرقية. كذلك أفادت شبكة "سورية مباشر" الإخبارية، بتعرض كل من مدينة الرستن بريف حمص الشمالي، وبلدة كفرزيتا بريف حماة الشمالي وسط البلاد، لغاراتٍ نفذها طيران النظام الحربي، دون ورود معلوماتٍ عن سقوط ضحايا.