مجلس الأمن يرجئ التصويت على تمديد إيصال المساعدات لسورية

20 ديسمبر 2019
روسيا والصين تعرقلان مشروع القرار(Getty)
+ الخط -
أرجأ مجلس الأمن الدولي، ليل الخميس بتوقيت نيويورك، فجر الجمعة بتوقيت الشرق الأوسط، التصويت على مشروع قرار يجدد لآلية تقديم المساعدات الإنسانية لسورية من خلال المعابر الحدودية، مع تركيا (باب السلام وباب الهوى) والعراق (اليعربية) والأردن (الرمثا).

وشهد مجلس الأمن الدولي في الأسابيع الأخيرة مشاورات ومفاوضات بين الدول التي تحمل قلم الملف الإنساني في سورية (الكويت وألمانيا وبلجيكا)، وروسيا التي اشترطت خفض عدد المعابر التي يتم من خلالها نقل المساعدات، من أربعة حالياً إلى اثنين فقط، (تلك التي مع تركيا) وإغلاق المعابر مع الأردن والعراق.

ويتناقض الطلب الروسي مع ما طالبت به الأمم المتحدة كحد أدنى من المعابر لتوصيل المساعدات بأسرع طريقة ممكنة لأكبر عدد من المحتاجين في تلك المناطق حيث يصل عددهم إلى قرابة أربعة ملايين شخص.

واستمرت المفاوضات لقرابة الشهر وحاولت الدول التي صاغت مشروع القرار التوصل لحل وسط مع الطرف الروسي، للحيلولة دون استخدام روسيا والصين حق نقض "الفيتو"، وصاغت مشروع قرار يسمح باستمرار نقل المساعدات عبر المعابر الثلاثة، التركية والأردنية، باب السلام وباب الهوى والرمثا. وأكدت مصادر دبلوماسية وأخرى في الأمم المتحدة أنه لم يتم استخدام المعبر الأردني منذ قرابة العام والعراقي منذ قرابة الشهرين بسبب تغيير القوى على الأرض.

ولا يزال أمام مجلس الأمن الدولي بعض الوقت، حتى العاشر من الشهر المقبل، للتفاوض حول المشروع. وبدا حتى اللحظات الأخيرة من موعد التصويت، ليل الخميس بتوقيت نيويورك صباح الجمعة بتوقيت الشرق الأوسط، أن الأطراف المختلفة، روسيا والصين من جهة، وبقية الدول الأعضاء في مجلس الأمن، لن تتوصل إلى اتفاق وأن روسيا ستقدم، بدعم صيني، مشروع قرار خاصا بها يسمح بالتجديد للآلية فقط فيما يخص المعابر السورية التركية الحالية لستة أشهر وليس لسنة كما نص مشروع القرار الكويتي والألماني والبلجيكي.

ويعني خفض عدد المعابر خفضاً لحجم المساعدات الإنسانية في وقت لم ينخفض فيه عدد المحتاجين لمساعدات في سورية. بل إن عدد النازحين يزداد مع ارتفاع حدة العمليات العدائية في تلك المناطق.

عرقلة روسية

وأشارت مصادر دبلوماسية غربية رفيعة المستوى في مجلس الأمن الدولي لـ"العربي الجديد" في نيويورك، إلى أن رغبة الروس تعود لنيتهم عرقلة تقديم المساعدات الإنسانية للمناطق التي لا تخضع لسيطرة النظام السوري أو حلفائه. الأمر الذي ينفيه الجانب الروسي ويدعي أنه لم يتم استخدام تلك المعابر، الأردني منذ أكثر من عام، والعراقي منذ أكثر منذ شهرين مما يثبت عدم الحاجة إليها. إلا أن الأمم المتحدة تؤكد أن عدم استخدامها، أخيراً، لا يعني بالضرورة عدم الحاجة إليها.

لا يزال أمام مجلس الأمن الدولي بعض الوقت، حتى العاشر من الشهر المقبل، للتفاوض حول المشروع وعند بداية المفاوضات، قبل قرابة الشهر، حول صيغة مشروع القرار، طلبت تركيا من الدول حاملة قلم الملف الإنساني السوري في مجلس الأمن، الكويت وألمانيا وبلجيكا، بإضافة معبر خامس عبر الحدود التركية السورية (تل أبيض شمال شرق سورية) للمعابر الأربعة آنفة الذكر والتي سمح بها القرار 2165 (2014) والقرارات اللاحقة التي جددت له. ودعم أكثر من مصدر غربي الطلب التركي بما فيها الولايات المتحدة وبريطانيا شريطة الإبقاء على المعابر الأربعة الأخرى مفتوحة لنقل وتقديم المساعدات.

وأخذت الدول التي صاغت مشروع القرار ذلك بعين الاعتبار وصاغت مشروع قرارها على هذا الأساس. ولم تقدم أي من روسيا أو الصين أي تعليق على المشروع أو إضافات في حينه بحجة أنه لم تصلها تعليمات جديدة من العواصم. ثم كسرت روسيا الصمت بعدما وضع القرار بالحبر الأزرق لتبنيه هذا الأسبوع.

وقدمت روسيا قراراً خاصاً بها يسمح باستمرار تقديم المساعدات عبر نقطتين في تركيا ولستة أشهر قابلة للتجديد وليس لسنة كما ينص عليه مشروع القرار الكويتي والألماني والبلجيكي. وبعد اجتماعات مكثفة بين عدد من الدول الأعضاء اقترحت الدول الثلاث التوصل لحل وسط قد يرضي الطرفين الروسي والصيني.

وكان السفير الروسي للأمم المتحدة في نيويورك، فاسيلي نبنزيا، قد صرح حول تجديد الآلية قبل دخوله لقاعة مجلس الأمن، لحضور أحد الاجتماعات، قائلاً "نرغب بأن نستثني من مشروع القرار كل الأشياء التي لا علاقة لها بتجديد الآلية. إن مشروع القرار الذي تم تقديمه غير مقبول. وبالنسبة لنا كانت هذه القصة برمتها بمثابة حل وسط، حيث لا نجد هذه المساعدات الإنسانية عبر الحدود ملهمة للغاية، إذ ما عبرنا عن ذلك بلطف". وأضاف "إن الوضع على الأرض تغير".

معبر حدودي خامس

وكان وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ (أوتشا)، مارك لوكوك، قد بعث برسالة لرئيس مجلس الأمن الدولي في نيويورك للشهر الحالي، السفيرة الأميركية كيلي كرافت، عبر فيها عن ضرورة التجديد لعمل الآلية وعن دعم الأمم المتحدة للاقتراح بإضافة نقطة عبور حدودية خامسة (تل أبيض) تستخدم من قبل الأمم المتحدة ومنظمات شريكة لإيصال المساعدات الإنسانية لسورية.

وأكد لوكوك في الوقت ذاته على أنه لا توجد وسيلة بديلة أمام الأمم المتحدة للوصول إلى 2.7 مليون سوري يحتاجون إلى مساعدات إنسانية غرب سورية، غير معابر باب السلام وباب الهوى على الحدود التركية السورية.

ويحصل قرابة 1.3 مليون سوري على المساعدات الإنسانية، بما فيها الأدوية والأدوات الطبية في شمال شرق سورية عبر معبر على الحدود العراقية السورية.

وأشار لوكوك إلى ضرورة الإبقاء على معبر الرمثا مفتوحاً على الرغم من أنه لا يعمل حالياً، حيث من الضروري الإبقاء على كل الاحتمالات مفتوحة بغية التجاوب مع التغييرات على الأرض في النظر إلى التوتر الحاصل في جنوب سورية.

ويعد مجلس الأمن الدولي، اليوم الجمعة، لقاءً حول آخر التطورات المتصلة بالشأن السوري السياسي واللجنة الدستورية. وما زال من غير الواضح ما إذا سيتم التصويت على قرار مجلس الأمن المتعلق بالمساعدات الإنسانية والآلية العابرة للحدود، اليوم الجمعة، أم سيتم إرجاؤه إلى وقت لاحق من الشهر أو بداية العام المقبل.

وفي الشأن، أكدت مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى في الأمم لمتحدة، لـ"العربي الجديد"، أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس اتصل بالجانب الروسي، في خطوة غير معتادة، لحثه على الموافقة على مشروع القرار الكويتي والألماني والبلجيكي الذي يرشح أن يقدم للتصويت بصيغته المعدلة واستخدام ثلاث نقاط عبور.

المساهمون