وبيّنت المصادر ذاتها، أن مستشفيات مدينة الناصرية (مركز محافظة ذي قار) غير قادرة على معالجة الأعداد الكبيرة من الضحايا الأمر الذي يتطلب تدخلاً حكومياً عاجلاً، مرجحة حدوث وفيات جديدة خلال الساعات المقبلة بسبب الإصابات الحرجة لبعض المصابين، نتيجة طلقات نارية في الرأس والصدر.
وقال ناشطون، لـ"العربي الجديد"، إنّ ساحة الحبوبي غصت، مساء الخميس، بآلاف المتظاهرين الغاضبين بسبب المجزرة، التي ارتكبتها قوات الأمن، والتي أطلقت الرصاص الحي على المتظاهرين العزل، مبينين أن انضمام عشائر وذوي القتلى إلى التظاهرات زاد من حدتها.
ويصر المحتجون في ذي قار على إجراء محاكمة فورية للقصاص من قتلة المتظاهرين كشرط لا بد من تطبيقه قبل العودة إلى منازلهم.
وردد المتظاهرون هتافات مناهضة للحكم العسكري، الذي يسير عليه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي لقمع التظاهرات، مطالبين المرجعية الدينية في النجف بموقف واضح من قتل المتظاهرين.
في المقابل، قرر رئيس الوزراء سحب يد رئيس خلية الأزمة في ذي قار، الفريق جميل الشمري، بحسب ما نقله التلفزيون الرسمي العراقي.
وكان محافظ ذي قار، عادل الدخيلي، قد هدد، في وقت سابق الخميس، بالتخلي عن منصبه إذا لم يتم إبعاد الشمري عن محافظة ذي قار، كما طالب زعماء قبائل ومحتجون بإبعاده ومحاكمته لتسببه بمجزرة قتل فيها العشرات وجرح المئات خلال احتجاجات الناصرية، اليوم الخميس.
من جهته، نأى قائد شرطة ذي قار، محمد القريشي، بنفسه عن التورط بقتل المتظاهرين متهماً قوة لم يسمها بإطلاق النار على المحتجين.
وقال القريشي، في بيان "ما حدث هو احتكاك بين القوات الأمنية القادمة من خارج المحافظة والمتظاهرين، علماً أننا لم نصدر أية توجيهات بإطلاق النار ولم نأمر بالصدام مع المتظاهرين من أهلنا في ذي قار".
وعلى خلفية أحداث ذي قار، دعا زعيم "التيار الصدري"، مقتدى الصدر، في بيان، الحكومة، إلى الاستقالة حقناً للدماء، مؤكداً أن "عدم استقالتها يعني بداية النهاية للعراق الذي قد يتحول إلى سورية ثانية".
وقال الصدر إنه "ينأى بنفسه عن الفتنة العمياء بين الحكومة الفاسدة، ومتظاهرين لم يلتزموا السلمية بعد يأسهم"، موضحاً أن "مهلة العام التي سبق أن منحها لعبد المهدي لم تنفع ولن تنفع".
وتابع "لن أشاركهم في حكم ولا انتخابات مهما حييت، ولن أركب موجة التظاهرات، لأنني لم أدع إليها ولم أنهَ عنها"، مضيفاً "إنني اليوم قلق مما يصدر من بعض بل من غالبية شيعة الحكم كما يصدر من غيرهم، وإنني هنا أعلن براءتي منهم".
ودعا المتظاهرون إلى المطالبة باستقالة كتلة "سائرون" التابعة للتيار الصدري من البرلمان إذا كانوا يرونها غير نافعة لهم.
وتوافد الآلاف إلى ساحات التظاهر في محافظة النجف التي شهدت، الخميس، إصابة أكثر من 80 متظاهراً خلال استخدام قوات مكافحة الشغب القوة لتفريق الاحتجاجات، التي تركزت في ساحتي ثورة العشرين والصدرين بالنجف.
وقطع المتظاهرون الطريق الرئيس الرابط بين مدينتي النجف والكوفة، وأحرقوا إطارات السيارات، بالتزامن مع وصول اللواء علي الهاشمي إلى المحافظة لقيادة العمليات العسكرية بأمر من رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي، وهو أمر أثار مخاوف المحتجين الذين يخشون من تكرار مجزرة الناصرية في النجف.
من جهة أخرى، هاجم السفير الإيراني في بغداد، ايرج مسجدي، التظاهرات العراقية، متهماً من وصفهم بـ"المندسين وعملاء الخارج" بإحراق القنصلية الإيرانية في النجف بهدف تخريب أواصر العلاقة بين إيران والعراق.
ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن مسجدي قوله "لقد شهدنا مثل هذه الأعمال في إيران حيث أقدم الأشرار والمخربون على أعمال شبيهة بالتي شهدتها مدينة النجف".
وفي كربلاء لا يزال آلاف المتظاهرين يحتشدون في ساحة التربية بالتزامن مع وصول قوة خاصة من بغداد يقودها ضباط كبار انضمت إلى قوات الشغب وشرطة المدينة في محاولة لإنهاء الاحتجاج باستخدام القوة.
ومع حلول الظلام شهدت مدينة السماوة (مركز محافظة المثنى) حملة شنتها قوات عراقية لتفريق التظاهرات وفض اعتصام السماوة، وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، إن الأمن اعتقل متظاهرين ولاحق آخرين في أحياء السماوة التي تشهد عمليات كر وفر من المتظاهرين وقوات الأمن.
وكما جرت العادة كل أسبوع توافد آلاف العراقيين إلى ساحة التحرير وساحات الخلاني والطيران والوثبة القريبة من أجل قضاء ليلهم في مناطق الاحتجاج بانتظار خطبة المرجع الديني علي السيستاني التي يتوقع المحتجون أنها ستكون حاسمة، كونها تتزامن مع تصعيد غير مسبوق لعمليات القمع الحكومي.