السودان: "المؤتمر الشعبي" أمام محك اختيار خليفة للترابي

06 مارس 2016
"المؤتمر الشعبي" اختار خلفاً مؤقتاً للترابي (فرانس برس)
+ الخط -

اختارت الأمانة العامة لحزب "المؤتمر الشعبي" السوداني، اليوم الأحد، نائب الأمين العام، إبراهيم السنوسي، ليخلف، مؤقتا، زعيم الحزب الراحل، حسن الترابي، الذي توفي أمس السبت، في الوقت الذي شيّع آلاف السودانيين الترابي إلى مثواه اليوم.

وتوفي الترابي، أمس، إثر إصابته بذبحة قلبية، فارق معها الحياة بعد ساعات.

وأكدت الأمانة العامة لحزب "المؤتمر الشعبي" أن إبراهيم السنونسي سيتولى منصب الأمين العام كبديل للترابي، إلى حين انعقاد مجلس الشورى، وأن القرار تم وفق لوائح الحزب.

ويرى مراقبون أن عملية اختيار أمين عام خلفاً للترابي ستواجه بجملة من الصعوبات، بينها عدم وجود شخصية مجمع عليها، فضلا عن وجود تباين داخل الحزب.

وتنحصر المنافسة على قيادة الحزب، حتى الآن، بين ثلاث شخصيات، هم نائبا الأمين العام علي الحاج وإبراهيم السنوني، فضلا عن المحبوب عبد السلام، وإن كانت فرص الأخير ضعيفة، ولا سيما أنه اختار الابتعاد عن الحزب في الفترة الأخيرة، كما له آراء خلافية تواجه بانتقادات أحيانا من داخل الحزب نفسه.

ويقول المحلل السياسي، النور أحمد النور، لـ"العربي الجديد"، إن كلا من السنوسي والحاج يعتبران الأقرب والأكثر أهلية لخلافة الترابي، مع أفضلية لعلي الحاج لتفوقه على السنوسي في صلاته المفتوحة، داخليا، مع القوى السياسية المعارضة السلمية والمسلحة، فضلا علاقاته الخارجية، إذ مكّنه وجوده خارج البلاد من تعزيز علاقاته بالإسلاميين في العالم.

اقرأ أيضا: السودان: الآلاف يشيعون الترابي

ويؤكد النور أن ثمة تحديات تواجه حزب الترابي بعد موته، تتصل باعتماده على شخصية وكارزمية الترابي، ما أضعف مؤسسات الحزب، الأمر الذي يضعهم أمام تحدي إعادة فاعلية الحزب، وعدم اعتماده على الشخصية، وإنما على العمل المؤسساتي.

وأكدت مصادر داخل "المؤتمر الشعبي" أن هناك تيارات ظلت تطمح، في حياة الترابي، إلى أن يحل علي الحاج مكان الترابي، وأن التيارات ذاتها ستعمل، الآن، على وصوله للمنصب، رغم أنه لا يحظى بإجماع كاف وسط قادة الحزب، الذين يدفعون باتجاه تعيين إبراهيم السنوسي.

وأعلن الحاج بنفسه وصوله إلى الخرطوم، غدا الاثنين، ومعه أسرته، لتقديم العزاء في الترابي. 

وتعتبر عودته بصحبة أسرته إشارة إلى أن الرجل سيدخل سباق المنافسة على منصب الأمانة العامة، وخاصة أنه ظل في منفاه الاختياري بألمانيا منذ 1999.

ويشدد المراقبون على أن علي الحاج، الذي ولد في عام 1939، يمثل المرشح الأقوى أمام منافسيه، لتمتعه بقدرات سياسية عالية، إلى جانب تحدّره من دارفور، التي يمثل أبناؤها قطاعا كبيرا في الحزب، وسيشكل حضوره عامل توازن داخله، فضلا عن أنه من قيادات الحركة الإسلامية التاريخية، إذ انتمى إليها صغيرا.

في المقابل، يسجل معارضوه جملة من نقاط الضعف في شخصيته، بينها افتقاره للفكر وللشخصية الكارزمية التي تمتع بها الترابي، فضلا عن وصفه بـ"المتقلّب في المواقف والمتفلّت سياسيا"، كما يوجد من يعتبره "علمانيا تحت غطاء إسلامي".

وتطارد الحاج ملفات تتصل بشبهة الفساد منذ أن تقلّد منصب وزير التجارة في البلاد عام 1988، حيث أثيرت وقتها قضية المبيدات التي ابتاعتها شركته، إلى جانب قضية القصر العشوائي إبان الديمقراطية الثالثة (1985 إلى 1989)، كما لاحقته قضية الفساد في طريق الإنقاذ الغربي، حيث اتهمه النظام الحالي بتبديد أموال الطريق، بحيث عمم، في 2002، مذكرة على شرطة "الانتربول" للقبض عليه، وهو الأمر الذي يعتبره الرجل مجرد كيد سياسي ضده.

اقرأ أيضا: حسن الترابي... رحيل مفكّر مثير للجدل وسياسي محنّك

أما إبراهيم السنوسي، الذي ولد عام 1937، فمؤيدوه يعتقدون أنه الأصلح للمنصب، لالتصاقه بالترابي، حيث كان من المقربين إليه، ويهتم عادة بترتيب اجتماعاته، كما يعتبر رفيقاً دائماً له.

وشارك السنوسي في غزو الخرطوم مع المعارضة عام 1976، حيث كان قائدا لفصيل من المقاتلين، وتم الحكم عليه بالإعدام غيابيا وقتها بعد أن هرب.

يؤكد منتقدوه أنه يفتقر أيضا للإنتاج الفكري الخاص به، وأن لدية مشكلة أساسية في الإدارة، واتضح ذلك جليا عندما كان حاكما لإحدى الولايات السودانية، كما يعتقدون أنه غير ناجح سياسيا، إذ يميل للخطاب الحماسي وللاهتمام أكثر بالقرآن وأصول الفقه أكثر من السياسة.

وبغض النظر عن اسم الأمين العام الجديد، فإنه سيواجه عدة تحديات، تجعل الحزب ينكفئ على نفسه لفترة متصلة بإعادة ترتيب البيت الداخلي، وبحسم وضعية الحزب، وخطه ما بين الاستمرار في ما خط الترابي أو تغييره.

ويقول المحلل السياسي أحمد ساتي، لـ"العربي الجديد"، إن هناك تيارات خاملة داخل "المؤتمر الشعبي" يعتقد أنها ستصبح أعلى صوتا وأعلى فعالية بعد وفاة الترابي، إذ إن "لديها آراء مخالفة لرؤية الترابي في ما يتصل بمسار الحزب ومواقفه، لكنها آثرت الصمت احتراما وتوقيرا للرجل".

وشدد ساتي: "ستحدث التيارات الخاملة قلقلة داخل الحزب"، مضيفا أن الأمين العام تنتظره معركة لجمع شمل الحزب، "الذي أصبح أمام محك أن يكون أو لا يكون".

من جهته، يرى القيادي في حزب "المؤتمر الشعبي"، أبوبكر عبدالرزاق، أن الحزب سيكون أكثر فعالية، وأنه لن يواجه صعوبة في اختيار أمينه العام. ويعتقد عبد الرزاق أن الحزب في غياب الترابي سيكون أكثر حرصا على العمل بفاعلية أكبر، وأنه سيولي اهتماما بالشورى، "لاستدراك الفراغ الذي تركه الراحل، الذي كان يتمتع بقدرات استثنائية"، بحسب المتحدث ذاته.

وقال القيادي في "المؤتمر الشعبي"، لـ"العربي الجديد"، إنه بوجود الترابي لم يكن هناك قلق حول ما يتخذ من قرارات، و"لكن بغيابه سنكون مضطرين للمساهمة في اتخاذ القرار، فقد أصبح الجميع أندادا"، مضيفا: "بوجود الترابي قد يكون الواحد غير حريص على حضور الاجتماعات، لأنه مطمئن، لكن الآن سيحرص الجميع على المساهمة لاستدراك الفجوات ولإنضاج القرارات".

اقرأ أيضا: السودان: وفاة الترابي بعد تدهور حالته الصحية

دلالات