خطة عسكرية جديدة لاقتحام منطقة الموصل القديمة

23 مارس 2017
تدور حرب شوارع في الموصل القديمة (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

تواصل القوات العراقية المشتركة تقدمها في الساحل الغربي لمدينة الموصل، وسط احتدام المعارك مع عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، يقابلها تعثر واضح لليوم العاشر على التوالي في السيطرة على المنطقة القديمة في الموصل، أو ما يعرف بالموصل القديمة، وهو ما دفع بقيادة القوات العراقية إلى وضع خطة جديدة، واستبدال القوات الموجودة هناك بأخرى أكثر حرفية. ووصل عدد النازحين الفارين من المعارك، حتى مساء أمس الأربعاء، إلى 350 ألف نازح، وفقاً لتقارير منظمات الإغاثة العاملة في محيط الموصل.

وقال قائد الحملة العسكرية لتحرير الموصل، الفريق الركن عبد الأمير رشيد يار الله، لـ"العربي الجديد"، إن "مجمل العمليات تسير وفقاً للخطة المعدة مسبقاً، وحالياً تجري عمليات تقدم من ثلاثة محاور مختلفة للسيطرة على الأحياء الباقية في الساحل الأيمن. وأشار إلى أن "القوات المشتركة تقوم بدورها في عمليات القتال، وأيضاً في رفع الألغام والعبوات وتفكيك المفخخات من المنازل في الأحياء التي تم تحريرها". وتقتصر منذ نحو أسبوع كامل العمليات العسكرية على ثلاثة صنوف قتالية، جميعها نظامية، هي الجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية، في حين يضطلع فصيل واحد من مليشيا "الحشد الشعبي"، هو "العباس"، بمهام قتالية على أطراف الموصل. وقالت مصادر عسكرية عراقية، لـ"العربي الجديد"، إن قوات الجيش اضطرت للانسحاب من محيط جامع النوري القديم، بعد إحكام سيطرتها على مداخله والطرقات المؤدية إليه، إثر هجمات انتحارية لتنظيم "داعش" بواسطة سيارات مفخخة وأحزمة ناسفة. وأشارت إلى أن التنظيم يصر على إبقاء سيطرته على الجامع، بسبب رمزيته، كونه المكان الذي أعلن زعيم التنظيم إبراهيم البدري، المعروف باسم أبو بكر البغدادي، منتصف العام 2014، من على منبره "دولة الخلافة".

وشهدت مناطق باب البيض وباب الطوب ورأس سنجار، أمس، معارك هي الأعنف من نوعها منذ أيام، فيما تدخل الطيران الأميركي لقصف مواقع وتحصينات تنظيم "داعش". وقال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة، العميد يحيى الزبيدي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "عملية استعادة السيطرة على الجامع مسألة وقت لا أكثر، وعناصر داعش في حالة استنزاف مستمرة في تلك البقعة"، معتبراً أن إصرار التنظيم على الاحتفاظ بالمنطقة القديمة لن يكون طويلاً. وأشار مسؤولون عسكريون إلى أن "طبيعة منطقة الموصل القديمة العمرانية، واستخدام تنظيم داعش للمدنيين فيها كدروع بشرية، فضلاً عن إصراره على الاحتفاظ بالمنطقة، هو ما أخر حسم معركة الموصل القديمة، لأن التنظيم يعتقد أن خسارته لمنطقة الموصل القديمة وجامع النوري تمثل خسارته للمعركة ونهاية وجوده في الموصل".


وقال الرائد في قوات الشرطة الاتحادية، بسام محمد، لـ"العربي الجديد"، إن "قطعات الشرطة الاتحادية والرد السريع تخوض حرب شوارع في أزقة الموصل القديمة". وأضاف إن "عناصر داعش يستخدمون أسلوب الكمائن والعبوات والهجمات الانتحارية، بدراجات نارية وأحزمة ناسفة، لوقف توغل عناصر الشرطة الاتحادية في المنطقة". وكشف مسؤولون في بغداد، لـ"العربي الجديد"، عن "استبدال كامل القوات الموجودة في الموصل القديمة، الواقعة في قلب الساحل الأيمن، بشكل تدريجي منذ مساء الإثنين"، موضحين أنه تم استبدال قوات الشرطة الاتحادية والجيش في تلك المنطقة بقوات النخبة التابعة إلى جهاز مكافحة الإرهاب، والتي أثبتت جدارة في حسم معارك الفلوجة ومدينة الشرقاط، العام الماضي، وذلك بدعم أميركي مباشر. وأشاروا إلى أن عملية استبدال القوات تأتي ضمن خطة عسكرية جديدة، بإشراف قوات التحالف الدولي، من دون الإفصاح عن ملامح أو تفاصيل الخطة. في هذه الأثناء، تمكنت القوات المتواجدة على المحور الجنوبي الغربي من السيطرة على حي رجم الحديد ومنطقة اليابسات بشكل كامل، وتوغلت في منطقة وادي العين، بحسب بيانات رسمية صدرت عن مسؤولين وقادة عسكريين.

وفي تطور جديد، شهدت أحياء الموصل المحررة دخول أولى فرق الدفاع المدني لانتشال جثث المدنيين من تحت الأنقاض. ودخلت ثلاث فرق من الدفاع المدني، آتية من بغداد وأربيل، الموصل، وباشرت بعمليات نقل الجثث الموجودة على الطرقات، والتعرف إلى هويات أصحابها، لتنتقل في مرحلة لاحقة إلى رفع الجثث الموجودة تحت الأنقاض. وتقدر مصادر في الدفاع المدني وجود عشرات الجثث تحت الأنقاض، غالبيتهم العظمى من المدنيين. وقال المستشار في شؤون إغاثة الموصل بوزارة الهجرة العراقية، طالب حسين، لـ"العربي الجديد"، إن الفرق الإغاثية استقبلت، في أقل من يومين، نحو 9 آلاف مدني فروا من مناطق المعارك، موضحاً أن عدد الفارين ارتفع إلى أكثر من 195 ألف شخص منذ بدء المعارك مطلع الشهر الماضي. وأشار رئيس منظمة "السلام لحقوق الإنسان"، محمد علي، إلى ارتفاع إجمالي عدد الفارين من المعارك في ساحلي الموصل الغربي والشرقي إلى 355 ألف شخص، مضيفاً، في حديث إلى "العربي الجديد"، إنه لم يتم تسجيل نحو 50 ألف نازح كونهم لم يستقروا في المخيمات، بل توجهوا إلى مدن وبلدات مجاورة وأقاموا عند أقرباء لهم.