السيسي وقوائم العفو... وعود زائفة وتهرب من التنفيذ

02 نوفمبر 2016
الحقوقيون يعتبرون أن السيسي غير جاد في وعوده (Getty)
+ الخط -

لم تحمل دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ﻹعداد قوائم بالشباب غير المتورطين في العنف أو المحبوسين على خلفية قضايا سياسية خلال المؤتمر الوطني للشباب بمدينة شرم الشيخ، أي جديد لا على مستوى الدعوة ولا التنفيذ.

وأطلق السيسي في أكثر من مناسبة منذ تولِّيه الحكم قبل ما يزيد عن عامين وعوداً مماثلة للإفراج من خلال عفو رئاسي عن عدد من الشباب المحتجزين بالسجون، ولكنها جميعها لم تنفذ حتى اﻵن.  

ويقدر مراقبون عدد الوعود التي أطلقها السيسي في هذا الصدد ومحاولات القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني بنحو خمسة على اﻷقل، كان آخرها قبل عيد اﻷضحى الماضي، ولكن اقتصرت قائمة العفو الرئاسي على المسجونين الجنائيين فقط.

ورداً على طلب من أستاذ العلوم السياسية، الدكتور أسامة الغزالي حرب، بضرورة إصدار عفو أو اﻹفراج عن الشباب المحبوس الذي لم يثبت تورطه في العنف، قال السيسي: "لا نريد احتجاز أحد من الشباب، وإنما نتخذ إجراءات قانونية محدودة للمصلحة العامة"، متسائلاً: "من يرضى أن يرى أولاده في السجون؟".

وطالب السيسي خلال جلسات المؤتمر الوطني للشباب المنعقد أخيراً في شرم الشيخ، بتشكيل مجموعة من الشباب أعضاء البرلمان والمتواجدين في المؤتمر لدراسة ملفات الشباب المحتجزين على ذمة قضايا سياسية تمهيدًا للإفراج عنهم، طبقا للقانون والدستور.

ووفقاً لمصادر خاصة داخل مؤسسة الرئاسة، فإنّ اﻷجهزة اﻷمنية وأطرافاً بالرئاسة تدخلوا مرتين على اﻷقل لمنع إفراج السيسي عن الشباب المحبوس في قضايا ولم يثبت تورطهم في العنف، أو بعض النشطاء عقب تصريحات مماثلة للسيسي.  

وقالت المصادر لـ"العربي الجديد"، إنّه في إحدى هذه المرات تدخل قبل تنفيذ عملية إطلاق سراح بعض الشباب، ومرة أخرى فرضت أجهزة اﻷمن كلمتها برفض اﻹفراج عن أحد بدعوى أن هذه الخطوة تضر باﻷمن القومي وهي خطر على نظام السيسي.

وقام حقوقي مصري بالتشكيك في دعوة السيسي ﻹعداد قائمة بالعفو عن المسجونين في ظل عدم وجود رغبة حقيقية في التنفيذ، وإلا لنفذ في مرات سابقة.

وأشار الحقوقي في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ هذا الملف لا يتعلق فقط برغبة مؤسسة الرئاسة، ولكن الشباب المحتجز في السجون يعتبر من ضمن الكتلة الحرجة، التي يمكن أن تشكل خطراً على النظام الحالي، والسيسي يعرف ذلك جيداً، ولذلك لن يقدم على هذه الخطوة.

وأضاف أنّ وعود السيسي ما هي إلا مجرد مسكنات ورسائل للمجتمع الدولي، الذي بدأ ينتقد بشكل واسع ممارسات أجهزة اﻷمن، والانتهاكات بحق المواطنين من اختفاء قسري لتصفيات جسدية، لاعتقالات عشوائية، هذا إضافة إلى الإهمال الطبي الجسيم في السجون.

وذهب إلى أنّ وزارة الداخلية لديها "ثأر" مع الشباب نظراً ﻷنهم مَن استطاعوا هزيمتها خلال مواجهتها أحداث ثورة يناير/كانون الثاني، وبالتالي فبقاء هؤلاء الشباب في السجون نوع من الانتصار الشخصي لجهاز الشرطة.

وشدد على أنّ اﻷزمة لا تتعلق باﻹفراج عن سجناء الرأي من الصحافيين وأصحاب الفكر أو حتى الشباب المحتجز على خلفية قضايا سياسية، ولكن هي أعمق من ذلك، نظرا لاستمرار سياسة الاعتقالات التي لم تتوقف منذ 30 يونيو/ حزيران.

ولفت إلى أنّ أجهزة اﻷمن توسعت بشكل مبالغ فيه في عمليات الاعتقالات حتى أنها وصلت إلى "العشوائية"، بالقبض على الشباب في الشوارع ووسائل النقل العام والكمائن الثابتة بمختلف المحافظات، موضحاً أنّه مع التسليم باﻹفراج عن الشباب داخل السجون فلن تحل المشكلة، إذ تدخل أعداد أخرى مكانهم، حتى عملية اﻹفراج لن تكون واسعة.

وأكّد أنّ السيسي ومؤسسة الرئاسة لديها قوائم بالفعل تم التقدم بها من أحزاب ومنظمات مجتمع مدني، لو كان يريد تنفيذ قرارات العفو عنهم لفعل منذ أشهر طويلة.

بدوره، اعتبر الخبير السياسي، محمد عز، أنّ وعود السيسي حول اﻹفراج عن الشباب غير المدانين في أعمال عنف مجرد تصريحات لما سماه الـ"شو إعلامي" والاستهلاك المحلي، لكي يظهر بأنه نصير الشباب ويهتم بأمرهم.

واعتبر عز في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ السيسي غير جاد، ولو كان يريد التنفيذ لن ينتظر قوائم من أي جهة، فلديه ما يكفيه من الجهات التي يمكنها مراجعة مواقف الشباب، مشيراً إلى أنّ الرئيس الحالي اعترف في أكثر من مناسبة بوجود مظلومين داخل السجون نتيجة اﻷوضاع التي مرت بها مصر، ولكنه لا يتحرك فعليا لرفع هذا الظلم، وهو ما يشكك في مصداقية السيسي.

وبيّن أنّ انعكاسات استمرار احتجاز وحبس الشباب على خلفية قضايا سياسية ملفقة، ترتبط برؤية لدى أجهزة السيسي اﻷمنية، بأن القمع الشديد وسوء اﻷوضاع والتضييقات داخل السجون، رسالة لكل الشباب الذي قد يفكر في الخروج ضد الرئيس الحالي، حيث إنهم سيلقون نفس مصير مَن في السجون.

ورأى الخبير السياسي أنّ كل مرة يوجه للسيسي طلب باﻹفراج عن الشباب من السجون، يطلب تقديم قوائم تمهيداً لبحث أوضاعهم، إذ الدوران في حلقة مفرغة وكل مرة يتم البدء من جديد في هذا الملف.

المساهمون