اغتيال مغنية يكشف تعاوناً أوسع بين الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية

04 فبراير 2015
تسريب عملية مغنية مقصود لتوجيه لكمة لنتنياهو والجمهوريين (getty)
+ الخط -
أجمع معلّقون إسرائيليون على أن كشف كل من صحيفة "واشنطن بوست" ومجلة "نيوزويك" الأميركيتين عن الدور المركزي والحاسم لوكالة الاستخبارات الأميركية "سي آي إيه" في تصفية  قائد الذراع العسكرية لحزب الله، عماد مغنية، في دمشق عام 2008، يكشف فقط جزءاً يسيراً من التعاون بين الأجهزة الاستخباراتية الأميركية والإسرائيلية في تنفيذ الكثير من العمليات السرية ذات الطابع الإستراتيجي.

ويرى كثير من النخب في تل أبيب أنّ ما تم الكشف عنه يمسّ بشكل كبير الهالة التي أحاطت بجهاز "الموساد"، إذ تبين أنّ هناك شكوكاً حول قدرات هذا الجهاز على تنفيذ العمليات الكبيرة التي تنسب إليه، لولا الدعم الكبير الذي تقدمه الولايات المتحدة.

وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أنه سبق لكل من "سي آي إيه" و"الموساد" أن تعاونا في شن الهجوم الإلكتروني الذي أفضى إلى تعطيل آلاف أجهزة الطرد المركزي في المنشأة النووية الإيرانية في "نتانز" عام 2009، عندما تم استخدام فيروس "stuxnet". وتبين أن تطوير الفيروس جاء نتيجة جهد بحثي لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل.

ويشير المعلّق العسكري في صحيفة "يسرائيل هيوم"، يوآف ليمور، إلى أنه كان للولايات المتحدة دور حاسم في تمكين إسرائيل من مهاجمة المنشأة البحثية النووية السورية عام 2007 في منطقة دير الزور شمال شرق سورية، إذ إن الأميركيين هم الذين أكدوا لإسرائيل أن الحديث يدور بالفعل عن منشأة نووية.

وأوضح ليمور في الصحيفة المقربة من نتنياهو، أن الكشف عن الدور الأميركي في تصفية مغنية يدل على "الطابع الحميمي" للعلاقة بين الأجهزة الاستخباراتية الأميركية والإسرائيلية. ونوّه إلى أن تأكيد كل من "واشنطن بوست" و"نيوزويك" على أن الإدارة الأميركية أبلغت إسرائيل أنه لن يكون بالإمكان تصفية مغنية إلا بعد الحصول على ضوء أخضر من واشنطن، يدل على أن الكثير من العمليات السرّية التي تنسب لـ"الموساد" لا تتم فقط بالتعاون مع الأميركيين، بل أيضاً بعد الحصول على ضوء أخضر منهم.

وأكّدت صحيفة "ميكور ريشون" أن الأميركيين يحاولون بعث رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي مفادها بأنه لا يجدر به أن يزايد على الرئيس الأميركي باراك أوباما في كل ما يتعلق بأمن إسرائيل وضمان تفوّقها.


ونوهت الصحيفة في عددها الصادر الأحد إلى أن الأميركيين يكشفون عن عمق الدور الذي يقومون به من أجل إحباط المشروع النووي الإيراني. وأشارت إلى ما ورد على لسان الضابط السابق في "سي آي إيه"، جيفري ستيرلينغ، الذي أبلغ وسائل الإعلام أخيراً أن الوكالة عمدت عام 2003 إلى تطبيق خطط لتعطيل البرنامج النووي الإيراني من خلال تضليل المسؤولين الإيرانيين المشرفين على البرنامج بتزويدهم، عبر مهندسين روس، ببرامج مضللة حول تطوير مرافقهم النووية.

غير أنّ معلق الشؤون الدولية في قناة التلفزيون الأولى، أورن نهاري، قال إن الإدارة الأميركية ستوظف هذه التسريبات كي توجّه "لكمة" لكل من قيادة الأكثرية الجمهورية في الكونغرس ولنتنياهو، وذلك على خلفية إصرار الجمهوريين على دعوة نتنياهو إلى إلقاء خطاب أمام الكونغرس للتحذير من مخاطر "التنازلات" التي قد يقدمها أوباما للإيرانيين في محادثات جنيف.

 وأوضح نهاري أن هناك علاقة بين التسريب وبين التدهور الكبير الحاصل في العلاقات بين الإدارة وديوان نتنياهو، مشيراً إلى أن الإدارة الأميركية تقول لنتنياهو إنه عندما تكون العلاقة جيدة بين القيادات السياسية في كل من تل أبيب وواشنطن، فإن الأمن الإسرائيلي هو أول المستفيدين من ذلك.
بدوره، رأى المعلق العسكري ألون بن دافيد أن الأميركيين أرادوا إيصال رسالة للإيرانيين مفادها بأن الولايات المتحدة هي التي منعت تصفية قائد "قوات القدس"، رأس الحربة في الحرس الثوري، قاسم سليماني، الذي كان في بؤرة الاستهداف الإسرائيلي داخل سورية، كما كشفت مجلة "نيوزويك". وفي مقال نشرته صحيفة "معاريف" أول من أمس، رجح بن دافيد أن يكون هناك اعتبار أميركي داخلي وراء الكشف عن الدور الأميركي في تصفية مغنية.

وأوضح أنه قد تكون وكالة "سي آي إيه" معنية بإبراز دورها هذا لصد الانتقادات التي توجه إليها في الكونغرس في أعقاب الكشف عن تدشينها مراكز لتعذيب معتقلين في دول أخرى، مثل بولندا ورومانيا وغيرها، مشيراً إلى أن الوكالة تريد أن تظهر "إنجازاتها" للتدليل على فاعليتها في مواجهة التحديات التي تتعرض لها الولايات المتحدة. لكن بن دافيد لفت إلى أن ما كشفته الصحافة الأميركية يورط الولايات المتحدة مع حزب الله، إذ إنه قد يدفع الحزب إلى الانتقام من الأميركيين.
المساهمون