إسرائيل تعيد صياغة المحكمة العليا لمصلحة مشاريع التهويد والاستيطان

23 فبراير 2017
شاكيد نجحت في إعادة صياغة تركيبة المحكمة(جيم هولندي/فرانس برس)
+ الخط -
في خطوة تهدف إلى توفير بيئة "قانونية" تساعدها على تمرير سياساتها اليمينية المتطرفة، تمكنت الحكومة الإسرائيلية من إحداث تغيير جوهري على تركيبة المحكمة العليا، التي تعد أكبر مرجعية قضائية في إسرائيل، وتجمع بين صلاحيات المحاكم الدستورية ومحاكم الاستئناف العليا في الدول الأخرى. 

ويرى معلقون في إسرائيل أن وزيرة القضاء المتطرفة، إياليت شاكيد، نجحت في إعادة صياغة تركيبة المحكمة العليا لتكون أقل ميلا للتدخل في التشريعات العنصرية التي يسنها الكنيست، بمبادرة من الكتل البرلمانية للائتلاف اليميني الحاكم، إلى جانب إضفاء شرعية على القرارات التي تصدرها الحكومة على صعيد مشاريع التهويد والاستيطان والضم في الضفة الغربية، والإجراءات ذات الطابع التمييزي تجاه فلسطينيي الداخل. 

وأبرز الصحافي شارون بولبر أن ثلاثة من القضاة الأربعة الذين تمت إضافتهم إلى المحكمة العليا، أمس الأربعاء، هم من ذوي التوجهات اليمينية المحافظة، وهم دفيد مينتز، الذي يترأس المحكمة اللوائية في القدس المحتلة، ويقطن مستوطنة "دوليف"، القريبة من مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، والمقامة على أراضي فلسطينية خاصة تمت مصادرتها، ويوسيف ألرون، رئيس المحكمة اللوائية في حيفا، وهو معروف بتشدده، وياعيل فيلنير، وهي قاضية في المحكمة اللوائية في حيفا، وهي متدينة تتبنى توجهات التيار الديني الصهيوني، إلى جانب تعيين القاضي جورج قرا، وهو فلسطينيي من مدينة يافا يعمل قاضيا في المحكمة اللوائية في تل أبيب. 

وبإضافة القضاة الثلاثة يحكم اليمين المتطرف سيطرته على المحكمة العليا، حيث أن خمسة قضاة حاليين يتبنون توجهات يمينية محافظة، ثلاثة منهم يقطنون في مستوطنات الضفة الغربية. 

ومما يدل على الطابع السياسي للتعيينات أن وزير التعليم، نفتالي بنت، الذي يترأس حزب "البيت اليهودي"، الذي تنتمي إليه شاكيد، تباهى معتبرا أن التشكيلة الجديدة "من إنجازات" حزبه. 

وفي تغريدة كتبها على حسابه على "تويتر" صباح اليوم الخميس، قال بنت إن نجاح زميلته شاكيد في جعل المحكمة العليا "أكثر محافظة، جزء من الإنجازات التي وعد الحزب بتحقيقها".

ويذكر أن شاكيد "بشّرت" بإجراءاتها الثورية في مقال نشرته قبل أربعة أشهر في مجلة "شيلوح" اليمينية تحت عنوان "الطريق إلى الحكم"، تعهدت فيه بوضع حد لما أسمته "الثورة التشريعية" التي قادتها المحكمة العليا، والتي تقوم على اختبار دستورية القوانين التي تصدر عن البرلمان والقرارات الصادرة عن السلطة التنفيذية

وذكرت شاكيد، في مقالها أنها معنية بتقليص فرص الاستئناف على التشريعات الصادرة عن الكنيست والقرارات الحكومية أمام المحكمة العليا، وقدمت  حجة تبسيطية، قائلة إن "جوهر الديمقراطية يتمثل في تمكين الأحزاب الفائزة في الانتخابات من الحكم بدون تدخل أجسام غير منتخبة"، في إشارة للمحكمة العليا.

من ناحيته، اعتبر ألوف بن، رئيس تحرير صحيفة "هآرتس"، أن الخطوة التي أقدمت عليها شاكيد تمس بمبدأ الفصل بين السلطات في النظام السياسي الإسرائيلي، مشيرا إلى أن "التعيينات الجديدة تدل على أن المحكمة العليا ستحرص من الآن فصاعدا على الدفاع عن سلطات الحكم ولن تتدخل في القرارات الصادرة عنها"

وفي تعليق نشرته الصحيفة، صباح اليوم، قال بن: "للتعيينات الأخيرة في المحكمة العليا والتعيينات التي سبتقها هدف سياسي واحد: تأبيد الاحتلال وضم الضفة الغربية بدون منح الفلسطينيين حقوق المواطنة"

وحذر من أن الخطوة التي أقدمت عليها شاكيد تهدف إلى "التمهيد لضم الضفة الغربية من خلال قطع الطريق على المنظمات الحقوقية لتقديم التماسات أمام المحكمة العليا ضد توجه الائتلاف لإلحاق الأراضي الفلسطينية المحتلة بدون منح الفلسطينيين حقوق مدنية".

واعتبر رئيس تحرير صحيفة "هآرتس" أن تعيين القضاة في المحكمة أمس يعد "أكبر إنجاز حققته الثورة السياسية والاجتماعية، التي تقودها الحكومة الحالية"، مشيرا إلى أن شاكيد تمكنت من الوفاء بتعهدها "بتغيير طابع السلطة القضائية من الأساس"

وأشار إلى أن الخطوة التي أقدمت عليها وزيرة القضاء "لن تؤثر فقط على طابع القرارات، التي تصدرها المحكمة، بل أيضا ستترك تأثيرات عميقة على الديمقراطية الإسرائيلية لسنين طويلة قادمة"

وأوضح أنه يتضح أن "دور المحكمة العليا في نظر نتنياهو وشاكيد هو منح الشرعية القضائية لقرارات الحكومة، وعدم إعاقة الحكومة من خلال معالجة التماسات تهدف للحفاظ على حقوق المواطن".

وقد جاءت هذه الخطوة في ظل حملة شنها وزراء من الائتلاف الحاكم، وضمنهم وزراء من "الليكود" الذي يقوده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذين يطالبون بتقليص صلاحيات المحكمة. 

وكرر وزير السياحة الليكودي، يريف ليفين، قوله أخيرا إنه "لا يمكن التسليم بأن تحل المحكمة العليا محل البرلمان المنتخب"


المساهمون